سعي متواصل لتجنب أزمة في العلاقات بين مصر وإسرائيل

التوتر بين الدولتين وصل إلى أسوأ حالاته منذ توقيع «كامب ديفيد» قبل ثلاثة عقود

TT

يبذل دبلوماسيون مساعي حثيثة لتجنب أزمة في العلاقات بين مصر وإسرائيل، وأصدرت الحكومة الإسرائيلية بيانا نادرا أعربت فيه عن أسفها لمقتل ثلاثة ضباط مصريين بنيران طائرة إسرائيلية.

ووصل التوتر بين الدولتين، الذي دفع مصر يوم السبت إلى الإعلان عن أنها ستستدعي سفيرها من تل أبيب، إلى أسوأ مرحلة له منذ اتفاقيات كامب ديفيد قبل ثلاثة عقود، وتسبب في ذلك زيادة أعمال العنف بطول حدودهما المشتركة في شبه جزيرة سيناء. وأدت سلسلة من الهجمات هناك إلى مقتل ثمانية إسرائيليين يوم الخميس، وردت الحكومة الإسرائيلية حينها ضد مسلحين في قطاع غزة، ومات المصريون الثلاثة في تبادل لإطلاق نيران. وبعد إعلان مصر بخصوص سفيرها في وقت مبكر من يوم السبت، سارع دبلوماسيون من دول أخرى للتوصل إلى نهاية لمأزق بين المصريين والإسرائيليين، بحسب ما ذكره دبلوماسي غربي، شريطة عدم ذكر اسمه لحساسية المحادثات.

وعلى عكس الصمت المألوف يوم السبت، أصدر وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك بيانا قال فيه: «نأسف لمقتل أفراد من الأمن المصري خلال هجوم إرهابي على الحدود الإسرائيلية - المصرية».

وبعد ذلك خلال نفس اليوم، أعرب مجلس الوزراء المصري عن رفضه للتصريحات، قائلا إن البيان لم يتضمن تحملا للمسؤولية عما حدث، ولكن أكد مجلس الوزراء على التزامه بالسلام. وقال باراك، الذي بدا يوم الخميس يحمّل تراخي الأمن المصري المسؤولية عن السماح بهجمات بالقرب من الحدود، إنه بعد تحقيق داخلي، ستقوم لجنة مصرية - إسرائيلية بالتحقيق في الأمر. ورحب مجلس الوزراء المصري بالفكرة.

وفي القاهرة، تظاهر الآلاف من المحتجين لليلة الثانية أمام السفارة الإسرائيلية، أول من أمس السبت، وطالبوا بطرد السفير. وصعد أحد المحتجين على المبنى وأسقط العلم الإسرائيلي وسط تصفيق من الحشود. وقد كانت هذه الأزمة أقوى إشارة حتى الآن على أن الثورة التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك في فبراير (شباط) ستطرح تحولا في علاقة عمرها ثلاثة عقود بين مصر وإسرائيل، ومثلت حجر الزاوية في الساحة السياسية داخل الشرق الأوسط. ومن خلال الإطاحة بحكومة مبارك، أزالت الثورة حاميا للموقف الإسرائيلي داخل المنطقة، وساعد ذلك على إطلاق غضب الشعب المصري تجاه إسرائيل لمعاملتها للفلسطينيين، في وقت تسعى فيه حكومة انتقالية جاهدة إلى المحافظة على شرعيتها في الشارع.

وقال محمد بسيوني، السفير المصري السابق لدى إسرائيل، إن هذا الموقف فيه درس لإسرائيل عن السياسة الجديدة لمصر أكثر ديمقراطية، ويسعى فيها المجلس العسكري الحاكم ومرشحون سياسيون طموحون إلى لعب دور. ويقول بسيوني: «هذا أمر مهم للغاية، لأنك تشاهد الرأي العام في مصر». وأضاف: «لا يقبل المصريون ما حدث، ويعني ذلك أن على إسرائيل توخي الحذر، فإذا استمروا في سلوكهم مع الفلسطينيين وعملية السلام، يعني ذلك أن الوضع سيتفاقم بدرجة أكبر». وقال مسؤولون إسرائيليون إنه لم تأتهم رسالة مباشرة من مصر عن القرار، وأنهم علموا به فقط من إعلان مجلس الوزراء. وقال إيغال بالمور، المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية: «نجري مشاورات داخلية لتحديد كيفية التصرف».

وقد اعترف مسؤول عسكري إسرائيلي على الأقل بأن الضباط المصريين قتلوا من غير قصد برصاص إسرائيلي. وحتى ظهيرة أول من أمس (السبت)، كان مسؤولون إسرائيليون يتعاملون مع القضية من دون تسمية، وأعرب البعض سرا عن الضيق من تحمل مسؤولية مشكلة قالوا إنها بدأت داخل مصر. ويقول مسؤولون إسرائيليون إنهم يعتقدون أن مسلحين نفذوا الهجمات عبروا الحدود المصرية من سيناء المصرية.

وقال مسؤول، شريطة عدم ذكر اسمه لأن الوضع متوتر: «يوجد شعور بأن ذلك كان يجب أن لا يحدث. الآن علينا مواجهة الانتقادات، كما لو كنا مسؤولين عن الهجوم».

وقال عاموس جلعاد، المسؤول البارز بوزارة الدفاع الإسرائيلية الذي كان له دور في العلاقات المصرية - الإسرائيلية، للإذاعة الإسرائيلية إنه لا يوجد أحد في الجانب الإسرائيلي يريد أي ضرر بالقوات الأمنية المصرية، وإنه من المهم الانتظار حتى الانتهاء من التحقيق.

ويشتكي إسرائيليون منذ أشهر من أن الحكومة الانتقالية المصرية لم تفلح في استعادة الأمن على جانبها من الحدود المشتركة بشبه جزيرة سيناء، مما سمح بسلسلة من التفجيرات غير المبررة أعاقت تدفق الغاز الطبيعي إلى إسرائيل، الذي يعد مهما لإمداد الطاقة لديها. وقد انسحبت الشرطة المصرية بصورة كلية تقريبا من سيناء التي يسيطر عليها البدو منذ الثورة، وخلال الأيام الأخيرة نفذ الجيش عمليات خاصة هناك ضد مسلحين. وتحد اتفاقات كامب ديفيد من الوجود العسكري المصري في المنطقة الحدودية.

* خدمة «نيويورك تايمز»

* كتب ديفيد كيركباتريك من القاهرة وإيزابيل كيرشنر من القدس وأسهمت هبة عفيفي من القاهرة وفارس أكرم من مدينة غزة