مراقبون: أنقرة أمام لحظة الحقيقة لفك الارتباط بنظام الأسد

الخوف التركي من انهيار النظام السوري وتدفق اللاجئين.. يجعل اتخاذ القرار أكثر بطئا

TT

على الرغم من أن تركيا حاولت على مدى أشهر التمسك بالرئيس السوري بشار الأسد ودفعه لإجراء إصلاحات ديمقراطية مطلوبة، فإن أعداد القتلى السوريين ما زالت في ازدياد فيما الدبابات تخرج من بلدة لتدخل أخرى، مما يشير إلى أن الوقت قد حان بالنسبة لتركيا من أجل التوصل إلى استراتيجية شاملة وجديدة للتعامل مع النظام السوري، حسب آراء لمراقبين ومحللين تحدثوا لصحيفة «حرييت» التركية.

وربما المخرج الوحيد الذي بات أمام الأسد هو باب صغير يتمثل في إجراء إصلاحات أو في المقابل، اللجوء إلى البدائل.

وباءت كل محاولات الحوار، التي أجرتها تركيا مع نظام الأسد، بالفشل بالنظر إلى إصرار النظام السوري على قصف مدنه وشعبه. وحسب هؤلاء، فلم يعد أمام المسؤولين الأتراك غير السير نحو مقاربة مختلفة وهي: فك الارتباط وعزل الإدارة السورية، الذي يرى مراقبون أنه من المؤكد أن يؤدي إلى تغير الأمور في سوريا، التي سوف تفقد أحد أهم حلفائها الرئيسيين في المنطقة.

ومع تراجع الآمال في حدوث اختراق جديد، مع توقف المحاولات الدبلوماسية التركية، بعد إطلاقها «تحذيرات نهائية» الأسبوع الماضي، فإن الأنظار مشدودة الآن على الخطوة التركية المقبلة. الخبراء الذين يقدمون المشورة، يقومون بعملية مناقشة معمقة، حول ما إذا كانت تركيا قد وصلت إلى نهاية الطريق مع النظام الحالي في سوريا، وهو حليف منذ زمن طويل وعدو في بعض الأوقات، ولكنهما كانا دائما جارين متلاصقين.

ومع ذلك، فليس جميع الخبراء والمراقبين متفقين على أن تركيا يجب أن تغلق باب الحوار مع سوريا والعودة إلى موقفها ضد هذا البلد كما فعلت مرة في فترة التسعينات، عندما ابتعدت الدول عن دمشق باعتبارها دولة داعمة للإرهاب، مما جعل البلدين على شفا الحرب.

يقول ماثيو داس المحلل بمركز أبحاث الأمن القومي بواشنطن، إن «تركيا هي المحاور الرئيسية؛ لها دور مختلف في المنطقة عن بقية المجتمع الدولي»، وقال إن الولايات المتحدة، أصدرت حزمة عقوبات على سوريا.. ولكن يجب أن نعلم أن تركيا لا تستطيع أن تقوم بالدور نفسه». وأضاف: «أنقره تدرك جيدا أن المخاطر بشأن عدم الاستقرار في سوريا قد تنعكس على المنطقة كلها».

وعلى الرغم من أن ماثيو داس لمح إلى أن أي موقف صارم من تركيا سيكون محل تقدير كبير من جانب المجتمع الدولي، فإنه أشار إلى أن مخاطر انهيار الدولة السورية سوف يشكل بالنسبة لتركيا هاجسا كبيرا، بسبب تدفق اللاجئين عبر الحدود المشتركة الطويلة بين البلدين. وأضاف: «لذلك أتفهم التأني التركي.. لا أحد هناك يريد أن يرى انهيار النظام في سوريا».

وقال داس الخبير في الشؤون التركية السرية، إن «سياسة فك الارتباط لن تؤدي إلى فوائد.. ولكن فرض عقوبات من شأنه أن يجعل الأسد يتوقف عن إيذاء المدنيين». وأضاف: «لكن علينا أن نكون حذرين في عدم الوقوع في الأخطاء نفسها التي وقعت في العراق»، في إشارة إلى أن العقوبات على الأنظمة تنعكس كثيرا على شعوبها. ووفقا لمسح أجرته اليونيسيف نشر في عام 1999، فإن العقوبات المفروضة على العراق من قبل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة شكلت عاملا خطيرا على الأطفال تحت سن 5 سنوات، حيث زاد معدل الوفاة أكثر من مرتين عما كان عليه الحال قبل فرض العقوبات في عام 1990.

النظام السوري سيسقط حتما، كما يتوقع الخبراء.. بالقدر الذي تقلق سياسة «فك الارتباط» الخبير الأميركي داس. ويرى أن «المجتمع الدولي، فضلا عن تركيا، عليه الإبقاء على اتصالاته مع دمشق ومسؤوليه على أرض الواقع في سوريا.. للحصول على مزيد من المعلومات»، مضيفا أن المشاركة من شأنها أن توفر خيارات أخرى للضغط، على الرغم من أن ذلك أمر محبط للاعتراف به». وقال داس: «هناك القليل جدا يمكننا القيام به لتغيير الوضع بشكل حاسم نحو الأفضل في سوريا.. كما أن العالم يحتاج إلى توضيح الكثير لقوى القمع في سوريا، بأن لحظة المساءلة عما يقومون به.. ستأتي يوما ما».