ريك بيري: أريد أن تكون الولايات المتحدة مثل ولاية تكساس

بعد أن صعد نجمه كمرشح الحزب الجمهوري

TT

بعد أسبوع واحد من إعلانه أنه سيترشح لرئاسة الجمهورية باسم الحزب الجمهوري، صعد نجم ريك بيري، حاكم ولاية تكساس، وتفوق على بقية المرشحين الذين ظلوا يتعاركون فيما بينهم منذ بداية السنة. وأعاد بيري للأذهان حاكما آخر لولاية تكساس، عكس صورة «كاوبوي»، وقال إن تكساس أحسن ولاية أميركية، وإن الحكومة الاتحادية تصرف أموالا كثيرة على البرامج الاجتماعية. ذلك هو الرئيس السابق بوش الابن. لكن، أضاف بيري الشعار الآتي: «أريد أن تكون الولايات المتحدة مثل ولاية تكساس». حتى بوش لم يقل ذلك. ولم يقله لندون جونسون، حاكم ولاية تكساس الذي صار رئيسا سنة 1963.

لكن، ايفان سميث، رئيس تحرير صحيفة «تكساس تربيون» التي تصدر في أوستن (عاصمة الولاية) قال إن بيري ليس كما يبدو، ليس بوش الذي كان خلفه قبل عشر سنوات.

أولا: تعاون بوش الجمهوري مع كونغرس الولاية الذي كان يسيطر عليه الحزب الديمقراطي، بينما يظل بيري يتعارك مع قادة الحزب الديمقراطي، رغم أنهم لم يعودوا يسيطرون على كونغرس الولاية.

ثانيا: كان بوش محافظا، لكنه كان يميل نحو الاعتدال، بينما بيري محافظ يميل نحو الجناح اليميني في الحزب الديمقراطي (حزب الشاي).

ثالثا: رفع بوش شعار «كومباشونيت كونسيرفاتيف» (محافظ عطوف)، بينما يرفع بيري شعار «ريال كونسيرفاتيف» (محافظ حقيقي).

رابعا: رغم عدم فصاحته، وكثرة أخطائه اللغوية والخطابية، كانت علاقة بوش مع الصحافيين طيبة، بينما صار واضحا، منذ أن أعلن بيري ترشيحه في الأسبوع الماضي أن الود مفقود بينه وبين الصحافيين.

وكشف الصحافي التكساسي سميث أن هناك عداء علنيا وضمنيا بين بوش وبيري. وظهر ذلك قبل سنتين عندما ترشح بيري مرة أخرى حاكما لولاية تكساس. لم ينتقده بوش علنا ومباشرة، لكنه سخر مقربين منه ليفعلوا ذلك. ومنهم: كارل روف، مستشار بوش للشؤون الداخلية في البيت الأبيض لثماني سنوات، وكارين هيوز، مستشارة بوش للعلاقات العامة في البيت الأبيض أيضا لثماني سنوات.

خلال انتخابات سنة 2010، انتقد روف وهيوز الحاكم بيري لأنه رفض مناظرة في التلفزيون مع بيل هوايت، مرشح الحزب الديمقراطي. وقالت هيوز إنها كانت أول مرة في تاريخ ولاية تكساس لا يتناظر فيها مرشحان لحكم الولاية. وخلال نفس تلك الانتخابات، لم يتحمس بوش ومستشاره ومستشارته للحالكم بيري. وكانوا أيدوا السيناتور كي هاتشنسون لتكون حاكمة للولاية بدلا عن بيري.

هل بيري غبي؟

صحيح أنه درس في جامعة زراعية في ولاية تكساس (جامعة أي أند إم)، وليس في جامعة تكساس الأولى والأحسن سمعة. لكن، لا يعني هذا أنه دمية. وصحيح أنه ولد وتربي في مدينة صغيرة، لكنه تعلم كيف ينافس أولاد المدن الكبيرة في العمل السياسي. وصار سياسيا بالغ الحذر، واستراتيجيا يقدر على الحصول على ما يريد.

لا يعرف كثيرا في النظريات الاقتصادية، ومدرسة جامعة شيكاغو، حيث مركز النظرية الاقتصادية الجمهورية الانفتاحية والتي اعتمد عليها رؤساء جمهوريون مثل رونالد ريغان وبوش الأب وبوش الابن. لكن، تدرب بيري في «جامعة الحياة»، والتي تميل نحو الرأسمالية، ثم الرأسمالية المتطرفة.

ولم يرفع بوش شعار «التعديل العاشر». هذا هو التعديل في الدستور الذي زاد، قبل مائة سنة تقريبا، قوة الحكومة الاتحادية وجعلها تسيطر سيطرة كاملة على حكومات الولايات. الآن يريد بيري تعديل التعديل، أو، على الأقل، تخفيض سلطات الحكومة الاتحادية. يريد أن تتحول مواضيع مثل الضمان الصحي والضمان الاجتماعي وتعويضات العطالة والتعليم والعلاج، كلها، إلى حكومات الولايات.

في الحقيقة، أهمية بيري ظهرت فجأة، لأنه لم يعلن في الماضي أنه يفكر في الترشح لرئاسة الجمهورية. لكن، في منتصف الشهر الماضي، تحدث في مؤتمر شباب الحزب الجمهوري في نيوأورليانز (ولاية لويزيانا). ونال إعجاب الحاضرين والإعلام الأميركي. ونقلت التلفزيونات صورا للحاكم وهو يتحدث بقوة وفي يقين. وقالت معلقة في تلفزيون «فوكس»: «إنه يذكرني برونالد ريغان (الرئيس السابق)». وسأل متحدث في نفس البرنامج: «أين كان الحاكم بيري؟ لماذا لم أستمع إليه وهو يتحدث في الماضي؟ سيحل بيري مشكلة المنافسات وسط الجمهوريين».

وكتبت صحيفة «واشنطن بوست» في افتتاحية: «يمكن أن تولد حملة بيري الإثارة التي يعتقد بعض الجمهوريين أنها مفقودة على المسرح الحالي الذي يظهر فيه المرشحون. يملك بيري سجلا قويا في خلق فرص العمل في ولاية تكساس. ويملك تاريخا طويلا في نشر المبادئ المحافظة». وأضافت: «بيري يعتبر على نطاق واسع أنه هو الشخص الذي يقدر على سد الفجوة بين الجمهوريين المعتدلين، أساس الحزب الجمهوري، وبين المحافظين، أعضاء حزب الشاي الجديد».

لكن، بعد أن ترشح في الأسبوع الماضي، صار واضحا أنه «كاوبوي» أكثر من بوش. هل سيظل في قمة مرشحي الحزب؟ أم أن تطرفه سيجعل الجمهوريين، وبقية الشعب الأميركي، ينفرون منه؟