الأسد يرفض التنحي ويحذر أنقرة: إذا كانت تركيا تريد أن تلعب دور المرشد.. فهذا مرفوض

قال في مقابلة مع التلفزيون السوري: إن أي عمل عسكري ستكون تداعياته أكبر مما يمكن تحمله

صورة مأخوذة من الأنترنت لمتظاهرين سوريين يلقون أحذية على شاشة عملاقة تعرض لقاء الأسد التلفزيوني أمس
TT

أكد الرئيس السوري بشار الأسد أمس أنه «غير قلق» من الجانب الأمني، في بلاده، التي تشهد اضطرابات متواصلة دخلت شهرها السادس، مشيرا إلى تحقيق ما سماه «إنجازات» في هذا المجال، وأكد في المقابل وجود تحسن اقتصادي في مقابلة أجراها معه التلفزيون السوري الرسمي أمس. وأكد الأسد كذلك في المقابلة أن دعوات الدول الغربية له بالتنحي وفي مقدمها الولايات المتحدة «ليس لها أي قيمة»، منتقدا دور تركيا، وقال: «إذا كانت تركيا تريد أن تلعب دور المرشد فهذا مرفوض».

وشدد الأسد على أن لا خوف من تدخل عسكري غربي في سوريا. معتبرا أن تداعيات العمل العسكري ضد سوريا ستكون أكبر بكثير مما يتحملونه، ولذلك علينا أن نفرق بين التهويل والحرب النفسية والحقائق، فإذا كنا سنخاف من مجلس أمن وغيره، فعلينا ألا نواجه بالأساس، وألا نتمسك لا بالحقوق ولا بالثوابت، فعلينا أن نضع الخوف جانبا وأن نستمر إلى الأمام. ولا ننسى أن هذه الدول وضعها ضعيف ولم نخضع عندما كانت في ذروة قوتها، فهل نخضع اليوم؟

وأشار الأسد إلى أنه «كان المطلوب إسقاط سوريا خلال أسابيع، ملاحظا خلال الفترة الماضية أنه كان هناك سوء فهم لمهام الحوار الوطني وتسارع الأحداث دفعنا لكي نبدأ بحوار مبدئي واستغلينا الحوار لجس نبض الشارع، وهم نماذج من مختلف شرائح المجتمع السوري من شاركوا، والآن صدر جزء من القوانين والباقي على الطريق ونحن في مرحلة انتقالية وسيكون هناك انتخابات ومراجعة للدستور وهذه المرحلة حرجة وحساسة وأهم شيء أن يستمر الحوار». وشدد الأسد على أن «لا شيء اسمه الحل الأمني بل الحفاظ على الأمن والحل بسوريا سياسي ولكن عندما يكون هناك حالات أمنية لا بد من معالجتها عبر الشرطة والأجهزة الأمنية، والخيار بالنسبة لنا هو الخيار السياسي الذي لا ينجح دون الحفاظ على الأمن».

وقال الأسد في المقابلة ردا على الأصوات المنادية بتنحيه: «من خلال الامتناع عن الرد نقول كلامكم ليس له أي قيمة» معتبرا أن «هذا الكلام لا يقال لرئيس لا يبحث عن المنصب ولم يأت به الغرب رئيس أتى به الشعب السوري رئيس ليس مصنوعا في الولايات المتحدة».

وردا على مطالبة الدول الغربية بإجراء إصلاح في سوريا اعتبر الأسد أن هذا الأمر «ليس هدفا لهم لأنهم لا يريدون الإصلاح خصوصا الدول الاستعمارية من الدول الغربية التي تريد منك أن تتنازل عن حقوقك كالمقاومة وحقك في الدفاع عن نفسك من أعدائك وهذا شيء لن يحلموا به لا في هذه الظروف ولا في ظروف أخرى».

وعن اتهام النظام السوري بانتهاك حقوق الإنسان عبر عمليات القمع الدامية بحق المتظاهرين المناهضين للنظام! قال الرئيس السوري «هذا مبدأ مزيف يستند إليه الغرب كلما أراد الوصول إلى هدف». وأضاف «لننظر إلى التاريخ الراهن لهذه الدول من أفغانستان إلى العراق مرورا بليبيا من هو المسؤول عن المجازر التي أوقعت ملايين الضحايا والجرحى والأرامل وإذا أخذنا وقوفها إلى جانب إسرائيل نسأل من هو الذي يجب أن يتنحى».

ولفت الأسد إلى أن «هناك أشياء جديدة فيما يتعلق بالقوانين تزيد من شفافية الانتخابات.. ولكن تطبيق القانون يعود للمواطنين ومن سيختارون، وباعتقادي كيف ندفع شريحة الشباب في مؤسساتنا وهناك شعور كبير لديهم بالتهميش وهذا خطير ولا بد أن نفكر بطريقة مختلفة أن هذا الشاب له دوره». وأعلن أنه «في هذا الأسبوع وخلال الأيام القادمة حتى الخميس سنصدر اللجنة المعنية بقبول الطلبات للأحزاب، وأنهينا تقريبا البحث عن الأسماء للجنة، وقانون الانتخابات مرتبط بقانون الأحزاب وقانون الإدارة المحلية الذي سيكون جاهزا خلال أيام». وأضاف: «هناك من طرح تعديل المادة 8 في الدستور وهي جوهر النظام السياسي وتبديل هذه المادة فقط كلام غير منطقي وتبديل باقي المواد دونها غير منطقي».

وأشار الأسد إلى أنه «صدر حتى الآن 3 قوانين ومن يريد أن يؤسس حزبا يستطيع أن يتقدم للجنة التي ستشكل. ومن الأسبوع المقبل سنكون جاهزين لقبول طلبات من الأحزاب».

وأوضح الأسد أنه «ستتم محاسبة من أخطأ بالمرحلة الماضية، وتمت محاسبة عدد محدود من الأشخاص وهذا ارتبط بوجود أدلة دامغة بتورطهم ومن تورط سيحاسب ولن نبرئ مذنبا ولن نحاكم بريئا، وربما سيكون ظهور إعلامي على اللجنة التي شكلناها لهذا الموضوع وفي المبدأ لديها شفافية تامة وغطاء كامل وحق الدم هو للدولة لا فقط للعائلة ودون محاسبة لا يمكن أن يكون هناك انضباط بالمؤسسات».

ورفض الأسد ما تدعو له الدول الغربية، مشيرا إلى أن «كل ما نقوم به لا يكفي والإصلاح ليس هدفا بالنسبة لهؤلاء وهم لا يريدون أن نصلح، والإصلاح لهذه الدول الغربية الاستعمارية ولا أقول كل الغرب هو أن نقدم لهم كل ما يريدونه والتنازل عن المقاومة وعن حقوقنا وهذا لن يحلموا لا بهذه الظروف ولا بظروف أخرى». وعن علاقة سوريا مع الغرب، أشار الأسد إلى أنها «علاقة نزاع على السيادة ونحن نتمسك بسيادتنا دون تردد وهم يحاولون نزعها عنا وكانوا يحاولون بكل مناسبة التدخل بسيادتنا ونحن كنا نفهمهم أن سوريا بلد لا يمس بسيادته». وعن كلام الرئيس الأميركي باراك أوباما الذي دعاه للتنحي، أجاب الأسد: هذا الكلام لا يقال لرئيس لا يعنيه المنصب، ولا يقال لرئيس أتى به الشعب السوري وليس الولايات المتحدة الأميركية، شعب يقف مع المقاومة.

وذكر الأسد أنه في عام 2003 وبعد سقوط العراق كان هناك خضوع دولي مخيف للولايات المتحدة والتقيت بمسؤول أميركي وتحدث بمنطق تهديدي وكان الجواب برفض ما طلب منا، وبعدها بدأت التهديدات وأرسلت خرائط لنا تحدد الأهداف التي ستقصف في سوريا، وأي عمل ضد سوريا ستكون تداعياته أكثر بكثير مما يتحملونه السبب الأول الإمكانيات التي تملكها سوريا وما لا يعرفونها منهم والثاني جغرافية سوريا، وبعد اغتيال رئيس الحكومة رفيق الحريري جعلوا مجلس الأمن أداة لسحب السيادة من سوريا، وإذا كنا نخاف من مجلس أمن وحرب وغيرها فعلينا أن لا نواجه وأن نتمسك بالحقوق وإذا قررنا أن نواجه نضع الخوف وراءنا وموضوع الحقوق سيبقى ثابتا وهذه الدول التي تهدد هي نفسها في ورطات عسكرية واقتصادية، ولم نخضع لها منذ 6 سنوات حين كانت قوية فهل نخضع اليوم؟

وأوضح الأسد أنه «لا شك أن الأزمة السورية أثرت اقتصاديا ولكنها أثرت معنويا ولو أن الوضع الاقتصادي بدأ يتحسن مؤخرا، والحصار موجود ولم يتغير وما زالوا ينتقلون من خطوة إلى أخرى، والبدائل موجودة وعام 2005 عندما بدأ الحصار أخذنا قرارا بالتوجه شرقا ومستمرون بهذا التوجه والساحة الدولية لم تعد مغلقة ومعظم البدائل موجودة، ولدينا اكتفاء ذاتي ولا يمكن أن تجوع سوريا، والموقع الجغرافي لسوريا أساسي لاقتصاد الدول والمهم أن تكون معنوياتنا عالية بالموضوع الاقتصادي وأن نعيش تبادلا طبيعيا مع الدول الصديقة».

وفيما يتعلق بالموقف التركي، أشار الأسد إلى أن بلاده «تسمع النصائح من بعض الأصدقاء، وسمعت أحيانا محاضرات»، مشيرا إلى أن «الموقف التركي قد يكون سببه الحرص علينا كما يقولون، أو خوف مما يجري، أو ربما يحاولون لعب دور على حساب سوريا، والصورة ليست واضحة بعد. لكننا نرفض محاولة لعب دور المعلم على سوريا أو غيرها وكل نية من النوايا لدينا أسلوب تعاط مختلف». وقال: «نحن دائما نلتقي مع مسؤولين من دول مختلفة ولا حرج لدينا لنتكلم معهم في الأمور الداخلية، وخصوصا الدول التي تشبهنا والدول الأقرب، ولكن عندما يصل الأمر إلى القرار فلا نسمح لأي دولة قريبة أو بعيدة بأن تتدخل، فإذا كان كلام المسؤولين الأتراك من ناحية الحرص نشكرهم، وإذا كانت تريد أن تلعب دور المرشد، فهذا مرفوض ولن نسمح لأي دولة بالتدخل في شؤوننا، وهم يعرفون أن في كل نية من النوايا لدينا أسلوب للتعامل معهم».

وخلص الأسد إلى القول: «سوريا خرجت أقوى من الأزمات السابقة فالشعب خرج أقوى، وهذا الشعب بكل مرحلة من المراحل كان يصبح أقوى ولا يمكن أن نسقط إلا إذا أتت أزمة وأنهت سوريا بشكل كامل ولا أعتقد أننا تجاه هكذا أزمة، ولا أدعو للقلق وأدعو الجميع للارتياح».