«الشرق الأوسط» تنشر نص «رسالة سوريا لاجتماع مجلس حقوق الإنسان بجنيف»

الدكتور رضوان زيادة يخاطب المجلس اليوم

TT

قال المعارض السوري الدكتور رضوان زيادة، مدير مركز دمشق لدراسات حقوق الإنسان لـ«الشرق الأوسط»، إنه سيتوجه اليوم إلى جنيف للإدلاء بشهادة أمام مجلس حقوق الإنسان، وإنه سيضغط مع زملائه المعارضين من أجل استصدار قرار قوي بتأليف لجنة خبراء مستقلين للمحاسبة عبر الطلب إلى مجلس الأمن الدولي، وإحالة ملف الارتكابات التي قام بها النظام إلى محكمة الجنايات الدولية انطلاقا من تقرير مفوضية حقوق الإنسان التي وصفت ما حدث في سوريا بأنه «جرائم ضد الإنسانية».

وفي ما يلي نص كلمته التي سيلقيها أمام المجلس اليوم:

«شكرا للسيدة الرئيسة..

* منذ أربعة أشهر عقدنا اجتماعا مثل الذي نعقده حاليا عن الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان التي ترتكب في بلدي سوريا. من الواضح أنه منذ ذلك اليوم، اتجه الوضع نحو الأسوأ كثيرا، حيث وصل عدد القتلى إلى 2500 بعد أن كان 700 في أبريل (نيسان) الماضي وقُتل الآلاف خلال الاحتجاجات أو حتى في جنازات على أيدي قناصة في أكثر الأحوال وقُتل المئات جراء التعذيب أثناء الاعتقال. يضع الاستخدام المستمر والمنهجي للقوة والعنف ضد المدنيين والوضع الإنساني المتردي في بعض المناطق المستهدفة والتعتيم على ما ترتكبه السلطات السورية من انتهاكات لحقوق الإنسان ورفض السلطات السورية دخول مراقبين مستقلين مثل بعثة مكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان إلى أراضيها لإجراء تحقيقات، السوريين في وضع مزر. وينتظر السوريون حاليا من هذا المجلس حث سوريا على وضع حد لسياسة القتل التي يتبناها النظام. منذ اندلاع الانتفاضة، ارتكبت ونسقت قوات الأمن السورية التي تعمل تحت قيادة الرئيس السوري بشار الأسد أكثر انتهاكات حقوق الإنسان بشاعة.

وتعد الاعتقالات العشوائية للمدنيين والتعذيب والمعاملة السيئة أثناء فترة الاعتقال وأمام أسر المعتقلين وإطلاق النار على أفراد الأسرة دون إنذار وحالات عديدة من الاغتصاب.. من الجرائم الموثقة ضد مدنيين ومنهم أشخاص لم يشاركوا من قبل في احتجاجات أو مظاهرات. كذلك ارتكب الشبيحة أعمال عنف وجرائم بحق المدنيين، حيث شوهدوا وهم يهاجمون المتظاهرين ويهجمون على المنازل. ولا يوجد أدنى شك في العلاقة التي تربطهم بقوات الأمن السورية.

تورط الجيش السوري في عمليات عسكرية وحشية منذ بداية القمع مستخدما المدفعية الثقيلة والدبابات والمروحيات وما إلى ذلك وقام بحصار مدن كاملة. تهدف هذه العمليات إلى نشر الذعر بين المواطنين. ويواجه الناس في هذه المدن المحاصرة ظروفا إنسانية وصحية متدهورة فضلا عن خطر القتل أو الاعتقال المتزايد. يعاقب سكان هذه المدن بشكل جماعي، حيث يتم قطع الكهرباء والمياه ووسائل الاتصال عنهم بشكل منتظم لفترة طويلة تصل إلى أسبوعين وأحيانا أكثر كما حدث في مدينة درعا في أبريل وبعدها حمص وبعدها حماه ودير الزور واللاذقية على مدى الأسابيع الثلاثة الماضية. وأفلت المسؤولون عن هذه الأفعال من العقاب، حيث لم تتم محاسبة أي منهم.

السيدة الرئيسة لن أتحدث أكثر من ذلك عن هذه التكتيكات التي أصبحت سياسة دولة تحت نظام الأسد في وقتنا هذا، حيث إن تقرير المفوضية العليا لحقوق الإنسان وثق كل هذه الانتهاكات الحقوقية المنتشرة والممنهجة، ولكن أريد ذكر مثال واحد فقط:

معن العودات، مهندس وناشط من درعا، مهد الاحتجاجات ضد بشار الأسد. يبلغ معن من العمر 43 عاما، ويحظى باحترام بين أصدقائه وسكان مدينته، وقد تعرض للضرب مرات كثيرة خلال مشاركته في المظاهرات واعتقل مرتين تعرض فيهما لتعذيب ترك على جسده الكثير من الآثار، ولكنه لم يستسلم يوما وكان من بين القيادات الناشئة في سوريا التي تعتقد أن الحرية تؤخذ ولا تُمنح، وكان يشارك في جنازة أحد أصدقائه قتل على يد القوات الأمنية السورية، وداخل المدفن بدأ الأمن إطلاق النيران على الناس ليفرق المعزين الذين كانوا 50 فقط، وفجأة أطلق قناص الرصاص على معن في رأسه، فسقط وانتهت حياته، وبدأ ضابط أمن يطلق النار على المواطنين الذين حاولوا مساعدة معن. وأدى ذلك إلى مقتل ستة آخرين.

إنها مأساة نعيشها في كل يوم داخل سوريا، فكل من هؤلاء الأبطال القتلى لديه عائلة، وكل منهم لديه حب لبلده، وكل منهم لديه حلم بأن يرى بلده حرا وديمقراطيا، وكل منهم لديه مطلب واحد من المجتمع الدولي يتمثل في إجبار الأسد على وقف عمليات القتل.

وفي النهاية أود إنهاء شهادتي بهاتين التوصيتين:

يجب أن توصي الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان مجلس الأمن بأن يحول الوضع في سوريا إلى المدعي في المحكمة الجنائية الدولية بسبب الجرائم الدولية التي ارتكبتها الحكومة السورية ضد مواطنيها. ويجب التأكيد بحسم على القيادة والنزاهة في ما يتعلق بسوريا، كما كان الحال مع ليبيا. وضمان تنفيذ القرار الأخير الخاص بسوريا، لا سيما ما يتعلق بإرسال لجنة مستقلة لإجراء تحقيق في الجرائم التي ارتكبتها الحكومة السورية خلال الأشهر الأخيرة.