التنسيق مع الناتو سرع في إنجاز المراحل الأخيرة

قيادات في الثورة الليبية: للناتو الفضل في إجهاض محاولة موالين للقذافي استعادة الزاوية

TT

بينما كانت قوات الثوار في ليبيا تتجمع داخل طرابلس يوم الأحد، قال مسؤولون أميركيون ومسؤولون آخرون في الناتو، إن تعزيز عمليات الاستطلاع الجوي الأميركية في العاصمة الليبية وحولها، كان عاملا مهما ساعد على ترجيح كفة الميزان بعد أشهر من التآكل المطرد لقوات العقيد الليبي معمر القذافي.

وقال المسؤولون أيضا، إن التنسيق بين الناتو والثوار، وبين المجموعات الثورية وبعضها، تطور بدرجة أكبر خلال الأسابيع الأخيرة، على الرغم من أن تفويض الناتو كان يركز على حماية المدنيين، وليس الانحياز لأحد طرفي الصراع.

وقال دبلوماسي بارز بالناتو، إن الاستهداف من جانب الناتو أصبح أكثر دقة، حيث كانت الولايات المتحدة تنفذ عمليات استطلاع على مدار الساعة فوق مناطق تسيطر عليها قوات عسكرية ليبية، واستخدمت الولايات المتحدة طائرات «بريداتور» من دون طيار لرصد وتعقب واستهداف هذه القوات، في بعض الأحيان.

وفي الوقت نفسه، قامت بريطانيا وفرنسا ودول أخرى، بتعبئة قوات خاصة على الأرض داخل ليبيا للمساعدة على تدريب وتسليح الثوار، بحسب ما ذكره الدبلوماسي ومسؤول آخر.

وقال الدبلوماسي، الذي فضل عدم ذكر اسمه ليتسنى له مناقشة تفاصيل سرية للمعركة داخل طرابلس: «نعرف دوما أنه ستأتي مرحلة تتراجع فيها كفاءة القوات الحكومية لدرجة لا يمكنهم عندها السيطرة على قواتهم وإدارتها». وأضاف: «في الوقت نفسه، كان مستوى التعلم لدى الثوار، فيما يتعلق بالتدريب والتجهيز، في ازدياد».

وحتى يوم السبت، كان الناتو وحلفاؤه قد نفذ 7459 طلعة جوية، وهاجموا الآلاف من الأهداف، بدءا من منصات إطلاق صواريخ فردية وصولا إلى مقرات عسكرية مهمة. وقد أدى ذلك إلى تدمير البنية التحتية العسكرية الليبية، كما قوض قدرة قادة العقيد القذافي للسيطرة على القوات، وجعل ذلك بعض وحدات قتالية عاجزة عن التحرك أو التنسيق في العمليات.

ويوم السبت، وهو آخر يوم أورد فيه الناتو تقريرا عن ضرباته، نفذ الناتو 39 طلعة ضد 29 هدفا، 22 منها داخل طرابلس. وخلال الأسابيع التالية للقصف الأولي في مارس (آذار)، كانت الدول المتحالفة تنفذ عادة 60 طلعة جوية على الأقل يوميا.

ويقول فريدريك وري، محلل السياسات البارز بمؤسسة «راند» التي تتابع أخبار ليبيا عن قرب: «أصبح الناتو أكثر ذكاء، وكانت هناك سيطرة أكبر على الضربات، وكان هناك تنسيق أفضل لتجنب الأضرار الجانبية». وعلى الرغم من ضعف تدريبهم وقلة نظامهم حتى الآن، حقق الثوار أكبر استفادة من الدعم المباشر وغير المباشر من الناتو، وأصبحوا أكثر كفاءة في اختيار الأهداف ونقل موقعها إلى فرق استهداف تابعة للناتو داخل إيطاليا، وذلك باستخدام تقنيات قدمتها دولة حليفة تابعة للناتو. وقال الدبلوماسي: «مؤكد أن الثوار كان لديهم رقم هاتفي، وكانت للدنيا صورة أفضل كثيرا لما يحدث على الأرض».

وقالت قيادات الثوار في الغرب، إن الناتو له الفضل في إجهاض محاولة يوم الأحد من جانب موالين للقذافي لاستعادة الزاوية من خلال هجوم على المدينة. ورحب مسؤولون في الإدارة بالتطورات، ويرون أن الإطاحة بديكتاتور جديد ستدعم مطالب الديمقراطية التي تنتشر في العالم العربي.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند، إن الرئيس أوباما، الذي كان يقضي إجازته في مارثا فينيارد، ومسؤولين أميركيين بارزين آخرين، كانوا يتابعون الأحداث عن كثب.

وفي السر، حذر الكثير من المسؤولين من أنه ما زالت هناك أيام كثيرة أو ربما أسابيع قبل أن ينهار الجيش الليبي أو يتخلى العقيد القذافي والدائرة المقربة منه عن القتال. وكما فعل صدام حسين وابناه في العراق بعد الغزو الأميركي عام 2003، يمكن أن يستمر الزعيم الليبي ويقود تمردا من مخبئه بعد سقوط العاصمة، وفق ما يقوله المسؤولون. ويقول ضابط عسكري أميركي بارز: «من الصعب جدا التنبؤ بما سيقوم به هذا الرجل».

وقال مسؤول بارز في الإدارة، إن الولايات المتحدة لديها أدلة على أن أفرادا آخرين من الدائرة المقربة من العقيد القذافي، يتفاوضون بشأن خروجهم، ولكن لا توجد معلومة موثوقة عن مكان أو حالة العقيد القذافي. ونشرت تسجيلات صوتية للعقيد القذافي مساء الأحد أعرب فيها عن تحديه، ولكنها لم تساعد في التعرف على ظروفه.

وحتى لو كان العقيد القذافي قد أطيح به، لا توجد بعد خطة واضحة للوضع من بعده أو لكيفية استعادة الأمن في البلاد. ويقول الضابط البارز، الذي تحدث شريطة عدم ذكر اسمه للحفاظ على علاقات دبلوماسية: «ليس لدى الزعماء الذين تحدث إليهم فهم واضح لما سيحدث».

وتقوم الولايات المتحدة بالفعل بوضع خطط لليبيا ما بعد القذافي. وقد كان مساعد وزيرة الخارجية جيفري فيلتمان في بنغازي نهاية الأسبوع الماضي، للاجتماع مع القيادة السياسية للثوار للحديث حول الإشراف على مرحلة انتقالية ديمقراطية ومستقرة. وقال مسؤول بارز في الإدارة إن الولايات المتحدة أرادت تعزيز رسالة قيادات الثوار بأنهم يريدون فترة انتقالية شاملة تجمع معا كافة شرائح المجتمع الليبي.

ويقول المسؤول: «فيما نرحب بأن أيام القذافي أصبحت معدودة وعلى الرغم من أننا نريد أن نراه يرحل في أسرع وقت ممكن، نريد أيضا أن نبعث برسالة بأن الهدف يجب أن يكون حماية المدنيين». وكانت الإدارة تضع ترتيبات لتقديم إمدادات طبية ومساعدات إنسانية أخرى إلى ليبيا.

ومع انتشار إطلاق النيران في شوارع العاصمة، حذرت منظمة «هيومان رايتس ووتش» الناتو ودعته لأن يتخذ إجراءات تحول دون حدوث عمليات انتقام ونهب وغيرها من أعمال العنف مثلما حدث بعد انهيار حكومة صدام حسين.

وقال توم مالينوسكي، مدير مكتب «هيومان رايتس ووتش» في واشنطن: «يجب أن يكون الجميع مستعدا لاحتمالية ظهور فترة انتقالية فوضوية ومتسارعة جدا».

* خدمة «نيويورك تايمز»