الثوار في سوريا واليمن يحتفلون بسقوط النظام الليبي

سكرتير الرئيس اليمني لـ «الشرق الأوسط»: النظامان مختلفان.. صالح يريد بناء دولة والقذافي بنى لجانا ثورية

القذافي وبشار الاسد في صورة ارشيفة خلال القمة العربية (إ.ب.أ)
TT

واكب الناشطون السوريون بحماسة الأنباء الواردة من ليبيا عن إلقاء القبض على نجلين للعقيد معمر القذافي وتقدم الثوار الليبيين إلى قلب العاصمة طرابلس تمهيدا لتسلمهم الحكم بشكل رئيسي، وبحثا عن القذافي الذي تضاربت المعلومات عن مكان وجوده، في وقت احتفل الثوار في اليمن بسقوط النظام الليبي ورفعوا أعلام ليبيا وسوريا، بالإضافة إلى الأعلام اليمنية.

ووصفت صفحة «الثورة السورية» على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» هذه «الأيام التي نعيش فيها تفاصيل الفتح الرمضاني العظيم في عامنا الحالي» بأنها «تاريخية»، وقالت: «فتح وانتصار جديد تقطع فيه الشعوب شك المشككين في أن إرادة الشعوب لا تقهر مهما بلغ الظالم من الظلم عتيا وفي أن لها كلمة الفصل في نهاية ما يبدأ به السلاطين». وإذ أشارت إلى أن «أرض ليبيا المحررة ارتوت من دماء شبابها»، دعت «ثوار سوريا الحبيبة إلى أن يصبوا من دمائهم، فإن موعد النصر قد اقترب ودقت ساعة الحسم وأنتم لها، فأنتم الرجال الرجال».

وبينما دعا الناشطون الرئيس السوري بشار الأسد إلى الاتعاظ من المصير الذي سيلقاه القذافي وعائلته والمبادرة إلى التخلي عن السلطة، تماما كما دعوه مع بدء جلسات محاكمة الرئيس المصري السابق حسني مبارك - ذهب بعض الناشطين إلى حد المطالبة بوجوب اعتماد الخيار العسكري في مواجهة نظام الأسد وعدم الاكتفاء بالمظاهرات والشعارات السلمية.

وفي هذا السياق، ذكرت إحدى الناشطات على صفحة «الثورة السورية» على شبكة «فيس بوك»، أن «القذافي هرب من الأسود عندما هاجمت طرابلس، أما بشار فممن سيهرب، من ناس تصفق وتغني وتقوم باستعراضات»، مشيرة إلى أن «سلمية مماثلة ستجعل بشار فوق رؤوسكم لعشر سنوات مقبلة». ودعا ناشط آخر المعارضين والناشطين السوريين إلى عدم مقارنة أنفسهم بالثوار الليبيين، معتبرا أن الأخيرين «حملوا السلاح وقاتلوا كالرجال»، منتقدا اكتفاء السوريين «بالصراخ والكلام كالنساء..». وذهب آخرون إلى المطالبة بتدخل دولي لمساندة الناشطين المعارضين في سوريا، شبيه بتدخل حلف شمال الأطلسي (الناتو) في ليبيا.

وقالت إحدى الناشطات التي تطلق على نفسها اسم «أنا مندسة»: «تحدث بشار عن ليبيا بأنها رملت النساء ويتمت الأطفال، ونحن لن ننسى أنك قتلت الأطفال وقتلت النساء في سوريا ولا تزال». واعتبر ناشط اسمه «أمل الحرية» أنه «من المعيب أن يبقى شعب سوريا والشام في منازلهم»، مطالبا إياهم بالخروج إلى الساحات، لأن «الشعب السوري ليس أقل من ليبيا أو مصر أو تونس»، وتابع: «الناس حولنا تتنفس الحرية ونحن سنرجع إلى الاستبداد والتسلط».

وسخر ناشط من الإعلام الليبي «الذي لا يزال يبث الأغاني الوطنية»، في وقت لفت فيه ناشط آخر إلى أن «القذافي يهرب بيت بيت، دار دار، زنقة زنقة مثل الجرذان»، وخاطبت داليا الرئيسين السوري واليمني علي عبد الله صالح بالقول: «يا علي ويا بشار رأس القذافي طار». وتوجهت آثار إلى الأسد بالقول: «رأيت ماذا حصل لصديقك القذافي، فمن قاد ثورة الجماهيرية وطارد الجرذان مطارد تحت الأرض يمكن أن يكون الآن مختبئا في قنوات أو أنابيب مجاري الصرف الصحي»، مؤكدة «إننا مصممون على مطاردتك..».

وفي حين شدد ناصر على أن «الأمر لن يطول يا صديق القذافي فمصيركما واحد»، قال رشيد: «يا سوريا لا تخافي، بشار بعد القذافي».

وكانت صفحة «الثورة السورية» نشرت أمس رسما كاريكاتوريا مذيلا بعبارات جاء فيها: «البارحة كانت الملايين تهتف (بالروح بالدم نفديك يا معمر)، وهتفت أيضا (الله، معمر، ليبيا وبس)، واليوم لم يفده أحد، وجاء أمر الله (ليبيا وبس)، فهل هناك من يتعظ».

وتظهر اللوحة الكاريكاتورية 4 رؤساء عرب سابقين وحاليين يتهاوون كأحجار الدومينو وفق الترتيب التالي: الرئيسان المخلوعان التونسي زين العابدين بن علي وحسني مبارك ثم القذافي الذي يتهاوى باتجاه الأسد.

أما الإعلام الرسمي السوري، فقد تابع الأحداث في طرابلس، ونشرت صحيفة «البعث» الناطقة باسم الحزب الحاكم على صفحتها الأولى خبر «المعارضة الليبية تسير على طرابلس»، بينما أبرزت جريدة «الوطن» الموالية للسلطة نبأ سقوط «طرابلس في قبضة الثورة»، وأرفقت الصحيفة بالخبر صورة «الآلاف من الليبيين يحتفلون في بنغازي بعد إعلان الثوار دخولهم إلى طرابلس».

واعتبر المعارض البارز فايز سارة أن التطورات الأخيرة في ليبيا «قد يكون لها تأثير إيجابي على الشارع السوري»، إلا أنه أكد ضرورة «رؤية الشارعين السوري والليبي أحدهما بمعزل عن الآخر نظرا لكون كل منهما يمشي بطريقة مختلفة»، حسب ما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية. وأشار سارة إلى أن «العنف الشديد الذي يحدث يجب أن يخف لأن الإجراءات الأمنية لم تؤد إلى نتائج».

وفي ذات السياق، احتفل الثوار اليمنيون في ساعة مبكرة الاثنين في ساحة التغيير بصنعاء وساحة الحرية بمدينة تعز مع تأكد أنباء سيطرة الثوار الليبيين على العاصمة طرابلس وإنهاء حكم العقيد معمر القذافي الذي دام لأكثر من 42 عاما، حسب ما أوردت وسائل إعلام يمنية، حيث ذكرت أن الآلاف احتفلوا في ساحة الحرية مرددين هتافات تتوعد مصير الرئيس علي عبد الله صالح بمصير القذافي، وتطالب بالحسم الثوري لإنهاء حكمه المستمر منذ 33 عاما. وقد أطلق المتظاهرون ألعابا نارية تعبيرا عن فرحتهم، كما دعوا إلى مسيرة «مليونية» مساء أمس تأييدا للثوار الليبيين وللمطالبة بإسقاط نظام صالح. وفي العاصمة صنعاء، ردد المتظاهرون شعارات تؤيد الثوار الليبيين منها «يا علي يا بشار.. القذافي راسه طار»، و«يا مجلس تصعيد تصعيد.. حسم الثورة قبل العيد». في إشارة إلى المجلس الوطني الذي شكله المناهضون لنظام صالح. ورفع المتظاهرون في صنعاء علم الاستقلال الليبي، إضافة إلى العلم السوري، في إشارة إلى تأييدهم لانتفاضة الشعب السوري المطالبة بالإطاحة بالنظام الشمولي الذي يقوده الرئيس بشار الأسد. في تعليق له على أنباء سقوط النظام الليبي، أكد سكرتير الرئيس اليمني علي عبد الله صالح أن النظامين في ليبيا واليمن مختلفان ولا مجال للمقارنة بينهما، وقال أحمد الصوفي السكرتير الإعلامي للرئيس اليمني في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» في لندن «هناك فروق جوهرية لا ينبغي إغفالها ونحن نتحدث عن الوضعين في اليمن وليبيا، النظام الليبي اجتمعت عليه كل القوى الكونية، ولم يمتلك القاعدة الشعبية الصلبة التي كان يمكن أن تدافع عنه، وليس لديه بناء حزبي متين يمكن أن يتحرك في الأوساط الشعبية، وكان لديه طريقة هشة في التواصل الجماهيري تفتقر إلى الطابع الديمقراطي، ولذلك سقط النظام على يد (الإخوان) والحلف الأطلسي». وأضاف الصوفي أن «التشابه غائب أصلا بين النظامين في اليمن وليبيا، ففي اليمن نظام ديمقراطي، مستعد أن يستوعب المعارضة، وقد مكناهم من الحكم وشاركناهم فيه»، وأضاف الصوفي «إن إسقاط نظام الحكم في اليمن غير وارد في أجندة الدول الإقليمية والمجتمع الدولي، ثم إن لدى المجتمع الدولي شكوكا حول مدى سير العملية الديمقراطية فيما لو مضى الإخوان المسلمون في طريقهم الذي سلكوه للوصول إلى السلطة، ولا توجد ضمانات أنهم إذا وصلوا إلى الحكم بوسيلة ديمقراطية فإنهم سيسمحون بتداول السلطة على أساس ديمقراطي»، ونفى الصوفي أن يكون هناك أي وجه للشبه بين النظامين في اليمن وليبيا من جهة التعاطي الديمقراطي والقاعدة الشعبية وقال «الرئيس اليمني يدعو معارضيه لممارسة العمل الديمقراطي، والذهاب في انتخابات مبكرة لصناديق الاقتراع وهم الذين يرفضون، ثم إن المعارضة في اليمن ليس لديها مشروع يتواءم مع نظرة المجتمع الدولي للشرق الأوسط الذي يريدون»، وذكر الصوفي من ضمن الفروق التي عدها جوهرية بين الوضعين اليمني والليبي أن «اليمن ليس فيه الثروة المغرية الموجودة لدى ليبيا وبالتالي فإن الحماس الدولي للتدخل غير موجود أصلا، علاوة على أن النظام في اليمن لديه قاعدة شعبية عريضة ومنظمة ملتفة حول الرئيس اليمني، بالإضافة إلى وجود الحزب القادر على مواجهة التحديات»،