منشق يمني لـ «الشرق الأوسط»: «المجلس الوطني» يمثل «اللقاء المشترك» وليس الساحات

عودة الرئيس واردة وستكون بمثابة إحياء للمبادرة الخليجية

عبد الوهاب الروحاني
TT

قال السفير اليمني السابق في العاصمة الروسية، موسكو، إن «المجلس الوطني» الذي أعلنته المعارضة اليمنية في تكتل «اللقاء المشترك»، الأربعاء الماضي «ولد ميتا»، وعدد جملة من الأسباب لهذا الموقف.

ويعد الدكتور عبد الوهاب الروحاني، عضو مجلس الشورى اليمني، أحد أبرز الأسماء الإعلامية والصحافية التي كانت مناصرة للرئيس علي عبد الله صالح، إبان قيام الوحدة اليمنية عام 1990، ودافع عن نظام صالح بضراوة ضد «الشريك الجنوبي» في الوحدة اليمنية خلال تلك الفترة الانتقالية للوحدة، عندما كان صحافيا قياديا في الصحف الحزبية والحكومية.

وعاد الروحاني، الذي يصف نفسه بالمعارض المستقل، إلى اليمن قبل أن تبدأ الاحتجاجات ضد نظام الرئيس صالح بفترة، لكنه انضم بصورة مفاجئة للجنة التحضيرية للحوار الوطني التي يتزعمها حميد الأحمر، وكان ضمن الذين أعلنوا مواقف اعتبرت براءة من نظام صالح، وفي هذا الحوار القصير، تستطلع «الشرق الأوسط» الآراء السياسية الأخيرة للدكتور الروحاني بشأن التطورات على الساحة اليمنية، فإلى نص الحوار:

* كيف تنظرون إلى تشكيل المجلس الوطني والانسحابات من صفوفه؟

- واضح أن ما يسمى «المجلس الوطني» الذي أعلنت عنة أحزاب اللقاء المشترك واللجنة التحضيرية، ولد ميتا، لثلاثة أسباب رئيسية:

الأول: أن قيادات المشترك أرادت من خلال تشكيل هذا المجلس بهيكليته ونظامه وأسمائه، واتجاهاته أن يكون هو البديل الشرعي ليس فقط للثورة وللشباب والساحات المطالبة بالتغيير، وإنما أن يكون هو البديل أيضا للأحزاب والتنظيمات السياسية، وهو الناطق باسم الجميع، بحيث يكون هو المسيطر، وصاحب الكلمة الأعلى.

وبهذا، فتشكيل المجلس بهذه الصيغة يمثل خطوة إلى الوراء، ويشكل تهديدا صريحا وواضحا للتعددية السياسية والحزبية وحرية الرأي والتفكير التي أصبحت خيار اليمنيين منذ قيام دولة الوحدة عام 1992م، وهو أمر مرفوض ولا يمكن أن يقبل به أحد من الشرفاء والمناضلين المنادين بالتغيير في كل محافظات الجمهورية.

الثاني: أنه اعتمد مفهوم الإقصاء والاستحواذ والسيطرة، التي رفضها اليمنيون، وخرجوا للساحات مطالبين بالتغيير بسببها، فقد أقصى القيادات الشبابية المرابطة في الساحات، والمواقع، وهمش محافظات بكاملها، ولم يعط الاعتبار الكافي لتضحياتها ودماء أبنائها، كما أنه لم يمثل المحافظات الجنوبية والشرقية وفقا لحجمها ومكانتها، متناسيا أن الجنوب كان لهم قصب السبق في التضحية، والخروج إلى الساحات والمطالبة بالإصلاح والتغيير، واستبعد الحركة الحوثية، وهمش الكثير من القوى الاجتماعية والمستنيرة والعلماء والمثقفين، وأغفل المستقلين، وهم قوة كبيرة لا يستهان بها في الساحة، ثم إنه تم توزيع بعض عضوية المجلس كهدايا وهبات، متناسين أن هناك ساحات للتغيير تصنع مستقبلا يمنيا جديدا وبطرق عصرية مغايرة كلية لما يفكرون فيه.

الثالث: أن هوية «المجلس الوطني» المعلن عنه، هوية ماضوية، وليست مواكبة لنبض الشارع اليمني، ولم ترتق إلى عصر التغيير، وهي نمط من أنماط الممارسة السياسية المملة، عديمة الجدوى، التي اتبعتها وتتبعها قيادة أحزاب «المشترك».

رابعا: أعلن «المشترك» واللجنة التحضيرية، صراحة تشكيل «المجلس الوطني» بهذه الصيغة والآلية، وعدم طرح وثيقته للنقاش والحوار مع الآخرين، إنهم يرفضون الشراكة، ولا يقبلون إلا بلون واحد هو لونهم، بدليل أنهم لم يشاورا شركاءهم، الذين يتحدثون عنهم ليل نهار في وسائل الإعلام.

فالمجلس إذن ولد ميتا، وهو برأيي تعبير عن رأي قادة «المشترك»، وهو لا يمثل الساحات، ولا يمثل ما يسمونهم الشركاء، وإعلان الانسحابات المتتالية منه دليل واضح على أنه سيكون شكلا سياسيا جديدا يضم إلى الأشكال والمسميات السابقة، التي لا تقدم ولا تؤخر في الأمر شيئا.

* يقال إن صالح سيعود الأربعاء، هل تعتقدون أن عودته ستؤدي إلى اقتتال داخلي خاصة بعد خطابه الأخير؟

- أولا عودة الرئيس أصبحت واردة، إلا إذا ما تغيرت قناعاته الشخصية، فهذا شيء آخر، بدليل أنه قد تعافى، هو وكل القيادات السياسية التي أصيبت في حادثة دار الرئاسة في 3 يونيو (حزيران) الماضي، وبدليل أن السعودية ودول إقليمية أخرى تبدي حرصا شديدا عليه، وعلى سياساته، إلى جانب أن الضغوط الأوروبية التي يتم الحديث عنها، لا تعدو أن تكون تسريبات إعلامية، إذا ما استثنينا ألمانيا الاتحادية، التي ترى أن القضاء على تنظيم القاعدة في اليمن، ليس مرتبطا ببقاء علي صالح وأبنائه في السلطة.

أما أن عودته ستكون ستؤدي إلى اقتتال، فذلك مستبعد، لأن عودته - برأيي - ستكون في ضوء إعادة إحياء المبادرة الخليجية، ومساعي ممثل الأمم المتحدة، والولايات المتحدة دول الاتحاد الأوربي.

* ما مدى احتمالات وقوع الحرب الأهلية ودور الأطراف الإقليمية والدولية في تفادي ذلك؟

- أستبعد يا أخي العزيز وقوع حرب أهلية، وهي لا شك غير محبذة، بل هي مرفوضة من قبل كل الأطراف، الداخلية والخارجية.

أما الأطراف الإقليمية، فالرغبة الطاغية عندها – بحسب ما أرى - هي أن تظل اليمن تتململ بين حالات اللاحرب واللاسلم، ومعروف أن السعودية، أصبحت تمسك بخيوط اللعبة في اليمن، فهي على علاقات حميمة مع السلطة، ومع أطراف قوية في المعارضة، ومن هنا، الدور الإقليمي سيكون الأقوى.

* هناك مخاوف من أن يكون البديل المقبل لنظام صالح، قبلي وسياسي تقليدي لا يمثل أهداف الثورة وتطلعات اليمنيين.. ما تعليقكم؟

-المشوار مع الرغبة في تحقيق التغيير وبناء الدولة المدنية الحديثة في اليمن، لا يزال طويلا وشاقا، ولذا قلت لك في بداية الحديث عن تشكيل ما يسمى «المجلس الوطني»، إن الذين عكفوا على الفكرة لا يزالوا مشدودين للماضي، ويفكرون بعقليته، ولذا جاءت وثيقة المجلس، وتشكيلته، وآلية إعلانه، مغايرة لتفكير الشباب والقوى الوطنية في الساحات، الذين يرفضون الوصاية، ويرفضون السيطرة والاستحواذ.

ومن هنا، نحن بحاجة إلى وقت، ونضال ومواجهة، خاصة أن النظام الجمهوري منذ قيام الثورة اليمنية في الستينات حتى الوقت الراهن، كرس ثقافة تقليدية متخلفة، ولم يأت ببديل ثقافي جديد، يركز على بناء الإنسان ويعمل الأنظمة والقوانين، ويكرس مفهوم الولاء الوطني، بدلا عن الولاء للفرد أو القبيلة.

لكن دعني أطمئنك، وأقول لك إن البديل الثقافي الجديد، يعتمل بصورة حية في مجتمع ساحات التغيير، فهناك الكثير من المؤشرات القوية التي تدل عليه.