حقوقيون مصريون يحذرون من عودة ممارسات أمن الدولة المنحل

وزارة الداخلية تنفي علاقتها باختطاف ناشطين سياسيين

أحمد الشحات الذي عرف بين المصريين باسم «سبايدر مان» لنزعه علم إسرائيل من فوق سفارتها بالجيزة أول من أمس في لقطة فوق عمود إنارة يرفع علم بلاده يوم 29 يوليو الماضي بوسط ميدان التحرير (رويترز)
TT

فيما نفت وزارة الداخلية في مصر الاتهامات التي وجهت إليها باختطاف ناشطين سياسيين، كشف محمود شعبان عضو «حملة دعم البرادعي» عن قيام رجال شرطة أشخاص من الوزارة بالتحقيق معه لمدة تسع ساعات، طالب حقوقيون الحكومة بفتح تحقيق واسع والكشف عن من يقوم بهذه الأنشطة، معتبرين أن ما حدث أمر «مقلق» وانتهاك شديد لحقوق الإنسان وعودة لزمن قمع الحريات الشخصية.

وقالت وزارة الداخلية في بيان لها على صفحتها على الموقع الاجتماعي «فيس بوك» إنه لا صحة للإدعاءات التي تتناولها بعض المواقع على شبكة «الإنترنت» حول مسئوليتها عن اختفاء الناشط السياسي محمود شعبان عضو الحملة الشعبية لدعم البرادعي بالإسكندرية، وخالد تليمة عضو المكتب التنفيذي لائتلاف شباب الثورة.

وأكد مصدر أمني بوزارة الداخلية عدم اتخاذ أي إجراءات غير قانونية تجاه الناشطين السياسيين أو أي مواطن مصري، وقال «لا يتم ضبط أي مواطن؛ إلا بإذن مسبق من النيابة العامة، أو في حالة التلبس، وفى جميع الأحوال يتم تحرير محضر بواقعة الضبط وإحالة المواطن المضبوط إلى النيابة العامة لاتخاذ الإجراءات القانونية تجاهه، مع الالتزام الصارم بإنفاذ القانون واحترام حقوق الإنسان».

جاء ذلك عقب البلاغ الذي تقدم به شعبان، أمس، للمحامى العام بالإسكندرية، والمتضمن شكواه بقيام أشخاص مجهولين من وزارة الداخلية منذ يومين باقتياده إلى مكان غير معلوم واستجوابه حول أسلوب تحرك الحملة والقائمين عليها.

وقال شعبان: «إن خاطفيه أوهموه بأنه متوجه للنيابة العسكرية»، لافتاً إلى إنه تم التحقيق معه لمدة تسع ساعات حول علاقة حركة «شباب 6 أبريل» و»حملة دعم البرادعي» بالتمويل الأجنبي، موضحاً إنه تم إلقاؤه وهو معصوب العينين من سيارة رحلات في طريق القاهرة - الإسكندرية الصحراوي فجر أمس.

من جانبه، أدان الدكتور محمد البرادعي المرشح المحتمل لرئاسة مصر استمرار الممارسات القمعية وغير الإنسانية من قبل أجهزة الأمن.

وقال البرادعي في بيان له أمس «لقد قام الشعب بثورة من أجل أن يتخلص من قبضة العصابة التي حكمته عن طريق أساليب القمع ووأد الحريات، وإذا كنا مازلنا وإلى اليوم نرى استمرار الممارسات والانتهاكات بطريقة ممنهجة، فإن ذلك دليل على أن الثورة لم تحقق حتى الآن واحداً من أهم أهدافها، وأن الشعب المصري لم يسترد حريته وكرامته بعد».

وأهاب البرادعي باللواء منصور العيسوي وزير الداخلية ومن يملكون زمام الأمور في البلاد، أن يتخذوا فوراً ما يلزم من إجراءات لمعاقبة كل من تورط فيما حدث مع «شعبان» حتى تكون هناك مصداقية وتكون أجهزة الأمن قد طُهرت وأن عقيدتها قد تغيرت.

وأوضح البرادعي بأنه إذا لم يتم ذلك في أسرع وقت وبعلانية وشفافية فستظل قناعتنا، أن أجهزة النظام السابق الأمنية مازالت كما هي بما يترتب على ذلك من تداعيات.

وأضاف البرادعي «في هذا الخصوص، يجب أن يعلم كل مسئول عن تلك الممارسات أن استمراره في موقعه يحمله اليوم وغداً مسئولية التواطؤ في استمرار جرائم قمع حريات الشعب المصري وإهدار كرامته».

وطالب حافظ أبو سعده الأمين العام للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان، الحكومة بتقديم تفسير عما حدث في الواقعتين، قائلاً: «أمامنا إدعاءات باختفاء نشطاء في مقابل نفي من الدولة بعدم صلتها بمسألة الخطف»، مضيفاً لـ(الشرق الأوسط): «لا يجب على الحكومة أن تكون ليس لها علاقة بما يحدث، وعليها أن تفتح تحقيق واسع النطاق عن من يقوم بهذه الأنشطة».

ورجح أبو سعده محاولات خطف النشطاء والتحقيق معهم إلى كون وجود أجهزة مخابرات خارجية داخل مصر مهمتها القبض على النشطاء والتحقيق معهم، أو قيام جهة مخالفة لتوجهات ثورة «25 يناير» من داخل مصر تمارس عمليات التحقيق، مؤكداً على إنه في كلتي الحالتين هناك مشكلة.

وقال أبو سعده «إن ما يحدث انتهاك شديد لحقوق الإنسان، وعودة مرة أخري لزمن الاعتداء على الحريات الشخصية وقمعها، وهو الأسلوب الذي كان يتبعه النظام السابق وقامت الثورة من أجله، مؤكداً على أن هناك تصعيد وإجراءات أخري سوف يتم اتخاذها حال عدم الإفصاح عما ما حدث». وكشف صفوت جرجس مدير المركز المصري لحقوق الإنسان عن قلق السلطات الحاكمة في مصر حالياً من نشطاء المجتمع المدني، لافتاً إلى إنها بدأت التصعيد معهم بالتخوين ثم بالقبض عليهم وتوجيه التهم، بقصد إبعاد المصريين عنهم بتشويه صورتهم أمام المجتمع.

وأكد جرجس عودة جهاز أمن الدولة المنحل بشكله الجديد تحت مسمي الأمن الوطني، معتبراً أن ما يحدث صورة مقلقة، وقال لـ»الشرق الأوسط» إن مساحة الحرية التي يتحرك فيها النشطاء بعد ثورة «25 يناير» بدأت تتقلص مرة أخرى، فضلاً عن تقليص عمل دور المجتمع المدني، موضحاً أن هذه الإجراءات الهدف منها شغل المجتمع المدني بقضاياه الخاصة والابتعاد عن القضايا العامة، مطالبا النشطاء بالتكتل .

إلى ذلك، أكد أحمد عبد الجواد عضو ائتلاف الثورة أن «تليمة» عاد إلى منزله أمس؛ لكنه يعاني من إجهاد ومرض شديد أدي إلى عدم قدرته على الكلام والحركة، نفياً قيام وزارة الداخلية باحتجازه والتحقيق معه.

وقال عبد الجواد لـ»الشرق الأوسط» أن ما جعل ائتلاف شباب ثورة «25 يناير» يتهم وزارة الداخلية بالقبض على تليمة، يعود إلى وقوع عدة ملابسات حول اختفاء «تليمة» أول أمس، تمثلت في إغلاق جميع تليفوناته الشخصية وغلق الحساب الخاص به على الموقع الاجتماعي «الفيس بوك»، وعدم تواجده في منزله.