وفدان إسرائيلي وأميركي في القاهرة لمنع تدهور العلاقات

السفير المصري في تل أبيب حزم حقائبه.. وقرار سحبه ألغي في اللحظة الأخيرة * أصوات في إسرائيل تدعو إلى التجاوب مع طلب مصر زيادة القوات في سيناء

TT

تدخلت الإدارة الأميركية بشكل مباشر، أمس وأول من أمس، لمنع التدهور في العلاقات بين مصر وإسرائيل، في أعقاب مقتل 3 عسكريين مصريين بالرصاص الإسرائيلي خلال الهجمات المسلحة التي نفذها متسللون من الأراضي المصرية ضد حافلات عمومية إسرائيلية. وقالت مصادر إسرائيلية، أمس، إن المندوب الأميركي الذي وصل إلى العاصمة المصرية وضع الموقف بمنتهى الحزم: «يجب صيانة العلاقات بينكما، فالاستمرار في التدهور يهدد مصالحكما ومصالح دول المنطقة، وكل العالم».

وكشفت مصادر إسرائيلية أن مندوبين رفيعين عن الحكومة الإسرائيلية وصلا إلى القاهرة، في إطار المساعي لمنع التدهور. وتم الكشف عن اسم أحدهما، اللواء أمير أيشل، رئيس قسم التخطيط في الجيش الإسرائيلي، الذي وصل إلى القاهرة بطائرة مدنية وبلباسه المدني. ثم أرسلت شخصية رفيعة أكثر، لم يكشف عن هويتها ومنصبها، لنفس الغرض.

يذكر أن حادث مقتل العسكريين المصريين أثار موجة غضب عارمة في مصر. وقررت حكومة عصام شرف يومها سحب السفير المصري من تل أبيب إذا لم تعتذر إسرائيل بشكل رسمي وصريح عن جريمة القتل هذه. وحسب صحيفة «معاريف»، أمس، فإن السفير ياسر رضا قد حزم حقائبه حال تلقيه الأمر، تمهيدا لعودته إلى القاهرة. ولكن عندها، وفي اللحظة الأخيرة، تدخل رئيس المجلس العسكري الأعلى المشير حسين طنطاوي وجمد عودته.

وقالت «معاريف» إن سبب تدخل طنطاوي هو المكالمة التي أجراها معه وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك، والتي أعرب فيها عن أسفه لمقتل المصريين، وعرض خلالها «تشكيل طاقم تحقيق مشترك، يحقق بمنتهى الإخلاص والشفافية في الحادث». ووعد باراك أن تعتذر إسرائيل، إذا ثبت أن الرصاص القاتل هو من جنودها.

وأضافت الصحيفة، نقلا عن لسان شخصية سياسية كبيرة، أن المشير طنطاوي وهو صاحب خبرة سياسية كبيرة، وزن تبعات القرار بسحب السفير. فإعادة السفير ليس سببا لأزمة أكبر فحسب، بل إنه إجراء من الصعب العودة عنه إلى الوراء. وأضافت هذه الشخصية: إن «مغادرة السفير الإسرائيلي للقاهرة يعني أنه لا الحكومة المصرية الحالية ولا الحكومات التي ستشكل مستقبلا ستسمح لنفسها بإعادته إلى مصر بسبب الرأي العام المصري المعادي لإسرائيل. وهذا في حد ذاته يكفي للدخول في منزلق خطير لا أحد يقدر نهايته». وأضافت أن طنطاوي يدرك أهمية الحفاظ على اتفاقيات كامب ديفيد في علاقات مصر الدولية، ولذلك يعتبر المساس بها تهديدا لمصالح مصر أولا.

ومن هذا المنطلق نفسه، تدخلت الولايات المتحدة لتطويق الأزمة. وحسب مصدر إسرائيلي آخر، فإن وزيرة الخارجية، هيلاري كلينتون، سارعت في إرسال مساعدها لشؤون الشرق الأوسط، جيفري فيلتمان، إلى القاهرة لفض الخلاف بين البلدين. فقد طار من بنغازي، التي أمضى فيها أياما طويلة لمتابعة سقوط القذافي، إلى العاصمة المصرية واجتمع إلى عدد من المسؤولين في الحكومة، وفي المجلس العسكري، وحذر من مغبة تصعيد الخلاف.

وادعى المصدر الإسرائيلي أن فيلتمان حذر مصر من تبعات تفاقم العداء مع إسرائيل، ملمحا إلى خطر حجب المساعدات الأميركية.

وقال مصدر إسرائيلي مطلع إن الإدارة الأميركية مثل إسرائيل قلقة من العداء المتفاقم ضد إسرائيل في الشارع المصري، كما تجلى في المظاهرات الليلية أمام السفارة الإسرائيلية في القاهرة، وإنزال العلم الإسرائيلي عنها، وتحويل الشاب الذي أنزله، أحمد شحاتة، إلى بطل قومي. ولفت النظر إلى بيانين صدرا عن الإدارة الأميركية وعن الرباعية الدولية، يستنكران الهجمات المسلحة ضد إسرائيل من الأراضي المصرية، يتضمن كل منهما مطلبا من مصر أن تعزز سيطرتها الأمنية في سيناء وتضع حدا وإلى الأبد للفلتان الأمني فيها. وهو المطلب الذي لم يعجب القاهرة.

ومن اللافت للنظر أن المطلب المصري الدائم من إسرائيل أن يعاد فتح الملحق العسكري لاتفاقيات كامب ديفيد، لرفع الوجود العسكري للجيش المصري في سيناء، بدأ يلقى تجاوبا في إسرائيل نفسها. فبعد أن كانت إسرائيل ترفض هذا المطلب المصري منذ عدة سنوات، بدعوى أن فتح الاتفاقيات سيشكل سابقة للاتفاقيات الدولية، بدأت تسمع أصوات حتى في الجيش الإسرائيلي، تعرب عن موافقتها على هذا الطلب، وتقول: «ليس من المعقول أن نطالبهم بتوفير الأمن في سيناء وفي الوقت نفسه نرفض زيادة القوات العسكرية القادرة على فرض الأمن».