فرح طرابلسي غامر رغم القنص والرعب المتنقل

سكان العاصمة في لحظات سقوطها: متفائلون ومتخوفون ومتسامحون حتى مع أتباع العقيد

ثوار يطلقون النار باتجاه قوات موالية للقذافي خلال اشتباكات عنيفة وسط طرابلس (أ.ب)
TT

تفجرت مشاعر سكان طرابلس، لحظة اندلاع الانتفاضة في العاصمة الليبية، أول من أمس، مزيجا من الفرح الغامر والخوف. الكثيرون هرعوا يطلبون السلاح والانضمام إلى صفوف الثوار ليقاتلوا ضد حكم العقيد الليبي معمر القذافي، كمن انتظروا لحظة حرموا منها على امتداد 6 شهور هي عمر الثورة. خاضوا مع رفاقهم الثوار معارك كر وفر مع من تبقى من الموالين للعقيد الليبي، الذي كانت مرحلة حكمه التي امتدت 42 عاما توشك على الغروب من دون أن تقفل ملفاتها.

خلت شوارع العاصمة، لكنها حملت آثار المعارك، بينما كان حلم الليبيين بالانعتاق يشرق على «عروس البحر» كما أطلق على عملية تحريرها.

غير أن نقاط التفتيش التي نصبها الثوار في أماكن مثل مصاف لأتباع النظام ومرتزقته حيث خلف العديد منهم ملابسهم العسكرية في الشوارع وعلى الطرقات، كانت قليلة، كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية ما يشير إلى عدم سيطرة الثوار على المدينة بصورة كاملة، وانتظارهم لوصول آلاف آخرين من رفاقهم من المناطق المحررة بالفعل في البلاد.

انتشرت العبارات المعادية للقذافي والمؤيدة للثورة على الجدران الإسمنتية للمدينة مطالبة بالحرية لليبيا ونهاية رجل يعتبره أغلب الناس مختلا عقليا. وساد تخبط حول ما إذا كان من الأفضل التنقل سريعا في الشوارع الرئيسية، مع احتمال التعرض لنيران القناصة المنتشرين على عدد من أسطح البنايات العالية، أم الانتقال بين الطرقات الضيقة والشوارع الجانبية والتعرض لمخاطر غير معروفة.

وتقول وكالة الصحافة الفرنسية: «إن المدنيين في طرابلس كانوا يعانون فعلا من الإنهاك، فقد أمضوا الليل ساهرين مفطرين على الطعام والشراب والتدخين، ما لا يتاح لهم خلال النهار في رمضان».

وفي منطقة قرجي بالمدينة، على مقربة من مقر إقامة محمد القذافي، أحد أبناء العقيد، الذي اعتقله الثوار، أول من أمس، الأحد، أعرب السكان عن ترحيبهم بالثوار الذين توافدوا على منطقتهم.

وقال سعد الزايدي، أحد سكان المنطقة، الذي عاد لتوه من احتفالات عمت وسط المدينة: «الثوار من الجبل ومن الزاوية في ساحة الشهداء الآن (الساحة الخضراء سابقا) وفي الشوارع المجاورة لها».

وتابع: «غير أن القناصة الأفارقة من تشاد ما زالوا في البلدة القديمة، وأحيانا يسمع دوي قذائف (الهاون) ولا نعرف من أين تنطلق».

ويأمل سكان قرجي مثل عبد الرحمن بن جامع، الانضمام إلى صفوف المقاتلين. وكانت منطقتهم قد آوت وعالجت فريقا من صحافيي وكالة الصحافة الفرنسية تعرضوا لنيران القناصة.

ويقول بن جامع: «ليس لدي سلاح، لكننا نحمي منطقتنا لأننا أبناء المنطقة. ليس لدينا ما يكفي من السلاح ونريد السلاح للتخلص من الديكتاتور. الجميع هنا يريدون القتال».

وتابع: «حتى النساء نجد من جانبهن الدعم، وهن سعيدات بما يجري الآن.. لن تجد من يؤيد القذافي هنا».

ويشعر السكان المسلحون منهم والعزل، بالتوتر بسب الوضع الذي لم يستقر بعد، ورغم ذلك تتملكهم السعادة لأنه بات من شبه المؤكد، أن القذافي ذاهب بلا عودة، وليس أمامهم الآن إلا تجاوز الفترة الانتقالية الدامية.

ويقول أبو بكر ونيس، أحد سكان قرجي: «كان قرجي أول حي خرجت فيه المظاهرات ضد القذافي واعتقل مائة شخص منذ بداية الثورة ولم نسمع عنهم حتى الآن».

وأضاف أن «التلفزيون الحكومي قال إنهم سيهاجمون المنطقة ما لم نستسلم. أمر القذافي أحد المشايخ بضرورة إبلاغ الناس بالقتال من أجله ولكنه رفض فاعتقلوه».

ويقول السكان، إنهم يعرفون المناطق التي تؤيد القذافي في العاصمة، ومع ذلك لا يسعون إلى الثأر.

ويضيفون: «نعرف تماما من معنا ومن مع القذافي، وهم قلة. طلبنا منهم أن يبقوا في منازلهم».