خادم الحرمين الشريفين للمشاركين في الملتقى العشرين للجنة الدعوة في أفريقيا: مستعدون لكل ما يطلب منا نحو عقيدتنا الإسلامية

استقبل سعد الحريري ونواز شريف ويطلع على اكتشاف أثري في السعودية

الملك عبد الله يستقبل سعد الحريري (واس)
TT

أكد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، للمشاركين في الملتقى العشرين للجنة الدعوة في أفريقيا الذين التقاهم قبل مغرب أمس في قصر الصفا بمكة المكرمة، أنه معهم «دائما وأبدا في أي لحظة، مستعدين لكل ما يطلب منا نحو عقيدتنا الإسلامية، وهذه ما لنا فيها لا عز ولا فخر»، وعد ذلك «واجبا على كل مسلم»، مقدما الشكر للجنة الدعوة في أفريقيا والدعاة متمنيا لهم التوفيق.

وكان خادم الحرمين الشريفين شاهد عرضا للاكتشاف الأثري الذي عثر عليه مؤخرا في موقع «المقر» في وسط المملكة، ويبرز استئناس الإنسان للخيل وتربيتها على أرض الجزيرة العربية قبل تسعة آلاف سنة، حيث استمع إلى شرح مفصل من الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، ومن الفريق العلمي السعودي المشارك في الاكتشاف، كما اطلع على عدد من المواد الأثرية التي تشير إلى أن الموقع يعد أقدم موقع تم اكتشافه حتى الآن لاستئناس الخيل في العالم، كما تبرز النشاطات الحضارية التي مارسها سكان المنطقة في فترة العصر الحجري الحديث.

وقد أثنى الملك عبد الله على جهود الفريق العلمي، وتمنى لهم مزيدا من التوفيق والنجاح، ووجه بنشر هذا الاكتشاف الأثري الذي وُجد في المملكة، والذي يؤكد أسبقية استئناس الخيل في الجزيرة العربية، ليطلع عليه العالم.

وكان خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز استقبل قبل مغرب يوم أمس في قصر الصفا، رئيس مجلس الوزراء اللبناني السابق سعد الحريري، ورئيس وزراء باكستان الأسبق رئيس حزب الرابطة الإسلامية نواز شريف، والأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، وعددا من مسؤولي الهيئة وباحثين متخصصين في الآثار، والأمير الدكتور بندر بن سلمان بن محمد مستشار خادم الحرمين الشريفين رئيس لجنة الدعوة في أفريقيا، وأعضاء اللجنة يرافقهم 39 من الدعاة يمثلون تسعة وثلاثين بلدا أفريقيا يشاركون في الملتقى العشرين للجنة الدعوة في أفريقيا.

وألقى عميد الكلية الأفريقية للدراسات الإسلامية في السنغال عضو اتحاد علماء أفريقيا، الدكتور محمد أحمد لوح، كلمة نيابة عن المشاركين في الملتقى العشرين للجنة الدعوة في أفريقيا، قال فيها «يا خادم الحرمين الشريفين نشهدكم ونحن نخبة من علماء أفريقيا ودعاتها وقادة العمل الإسلامي فيها بأن المسلمين في كل أرجاء المعمورة ينظرون نظرات ملؤها التقدير والاحترام إلى جهودكم الجبارة في تقديم أرقى الخدمات لضيوف الرحمن من حجاج وعمار وزوار منذ وصولهم لبلاد الحرمين الشريفين وحتى مغادرتهم، مع حرصكم على تطويرها تطويرا مستمرا مبنيا على أسس علمية وبحثية جندتم لها كافة الإمكانات حتى تحقق بفضل الله على أرض الواقع ما نشاهده اليوم من إنجازات، والقادم بإذن الله أعظم وأكبر».

وأضاف أن «التوسعة التاريخية الجديدة التي أطلقتموها وجرى بإقرارها توقيعكم الكريم، ووضعتم حجرها الأساس لها قبل أيام قليلة بتكلفة تتجاوز مائة ألف مليون ريال، تدل على ذلك، أما الأوقاف الكبيرة التي أوقفتموها على الحرمين الشريفين فهي مما يتحدث عنه القاصي والداني، بل هي التي تتحدث عن نفسها، إذ ما من حاج أو معتمر أو زائر يطل على المدينتين المشرفتين إلا وتلامس بصره هامات تلكم الأوقاف، وإن هذه المآثر وتلك الأفضال لما تتحدث عنه الأجيال القادمة بعد آماد وعصور وأزمان ودهور، فشكر الله سعيكم وسدد خطاكم وجزاكم عن الإسلام والمسلمين خير ما يجزي به المحسنين عن إحسانهم».

وأشار لوح إلى مواقف خادم الحرمين الشريفين تجاه علماء المسلمين وعامتهم، وقال إنها «محفورة في صفحات التاريخ، وسوف تبقى ما بقي للتاريخ ذكر، فها أنتم قبل أشهر قليلة تصدرون بيانكم المشرف بشأن علماء هذا البلد الذين هم مرجعية علماء الأمة في كل مكان، فكان ما تضمنه بيانكم لفتة تشريف للأمة كلها، رفعْت به رأسها وأحييْت به روحا معنوية كادت جذوتها تخمد بفعل الأعاصير، وكادت أوراقها وزهورها تذبل بكيد الكائدين ومكر الماكرين».

وأوضح أن هناك لفتة أخرى لا تنسى وهي «الموقف المشرف لخادم الحرمين الشريفين تجاه الفتن التي تموج كما يموج البحر في هذا الظرف الدقيق من تاريخ أمتنا، حيث خاطب الحكام والشعوب وذكرهم بضرورة تحكيم العقل ووجوب حقن الدماء المسلمة التي تسيل بغير حقها، وشعاره رعاه الله في هذه التوجيهات ومنطلقه في هذه الإرشادات حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم القائل (لقتل المؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا وما فيها)». وتابع يقول «إنه مما لا ينساه الناسون ولا يمكن أن يغفل عنه الغافلون موقفكم يا خادم الحرمين الشريفين تجاه إخوانكم الذين التهمتهم المجاعة في القرن الأفريقي، حيث أطلقتم حملة إغاثية بالأمس القريب فجاءت نتائجها معبرة عن عمق نواياكم تجاه هذه الأمة».

وأضاف «يا خادم الحرمين الشريفين إنها بشرى سارة نزفها إلى مقامكم الكريم، إنها قيام اتحاد لعلماء أفريقيا يجمع تحته كل علماء هذه القارة الإسلامية، حيث عقد المؤتمر التأسيسي للاتحاد في شهر شعبان الماضي في مدينة باماكو عاصمة جمهورية مالي، بالرعاية الفعلية لرئيس الجمهورية وأعضاء حكومته.. إنه أول كيان من هذا النوع على مستوى القارة يهدف إلى جمع الكلمة وتوحيد الصف والسعي إلى الإصلاح بين الفرقاء وفتح أبواب الحوار البناء بين أبناء القارة من المسلمين وغيرهم. كما يسعى الاتحاد إلى تقديم الإسلام في صورته الحقيقية الناصعة النقية الصافية من الشوائب والإضافات، الإسلام البعيد عن العنف والغلو والأفكار الهدامة والمتطرفة، الإسلام الذي يقدم للبشرية بشائر الخير والرحمة والنماء والسلام والوئام».

وقال «إن مما نبشركم به أن معظم العلماء الذين يقودون هذا الاتحاد وشاركوا في تأسيسه ممن تربوا في أفنية مؤسساتكم، ورضعوا من لبان مناهجكم التعليمية، ثم عادوا إلى بلادهم دعاة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وكلهم ولله الحمد معروفون بخلق الإسلام ورصانة العلماء واتزان العقلاء، وليس هذا نتيجة مسلك من الانتقاء سلكناه، لكنه هو الواقع الفعلي للقارة الأفريقية، فمعظم أبنائها المتعلمين إنما أخذوا العلم من بلاد الحرمين الشريفين».

وأفاد بأن «لجنة الدعوة في أفريقيا بقيادة الأمير الدكتور بندر بن سلمان بن محمد كان لها أثرها الواضح من خلال ملتقياتها في توجيه خريجيها إلى المسلك السليم البعيد عن الإفراط والتفريط، وتذكيرهم بمسؤولياتهم في جمع الكلمة وإنهاء الخلافات القبلية وغيرها».

واختتم كلمته بالقول «إنكم يا خادم الحرمين قد بذرتم وزرعتم فنبت زرعكم وترعرع غرسكم وها هو يبلغ أشده ليظهر هذا الكيان الجامع للأمة الأفريقية تحت سقف من السلام والوئام يستظلون به جميعا تحت مظلة (لا إله إلا الله محمد رسول الله)، ولا شك أن مسؤوليات هذا الاتحاد الجديد كبيرة، والمشاريع التي ينتظر منه إنجازها لتنوء بالعصبة أولي القوة، ولكن بتوفيق من الله وتوجيهاتكم وإرشاداتكم ودعمكم سوف يكون مع كل عسر يسر، ومع كل ضائقة فرج، بارك الله فيكم وتقبل منكم طاعاتكم، وأبقاكم ذخرا للأمة، ملكا للإنجازات، قائدا لأمة محمد صلى الله عليه وسلم على سبيل الخير والهدى والنور».

حضر الاستقبال الأمير خالد الفيصل بن عبد العزيز أمير منطقة مكة المكرمة، والأمير فيصل بن محمد بن سعود الكبير، والأمير مقرن بن عبد العزيز رئيس الاستخبارات العامة، والأمير فيصل بن عبد الله بن محمد وزير التربية والتعليم، والأمراء وعدد من المسؤولين. وقد تناول الجميع طعام الإفطار مع خادم الحرمين الشريفين.

وعقب الإفطار قدم الأمير الدكتور بندر بن سلمان بن محمد، رئيس لجنة الدعوة في أفريقيا، لخادم الحرمين الشريفين نسخة من تقرير إنجازات اللجنة على مدى الأعوام العشرين الماضية.