مسؤول أميركي لـ «الشرق الأوسط»: على الرئيس اليمني الوفاء بتعهده بنقل السلطة فورا

عودة رئيس الوزراء إلى صنعاء بعد تماثله للشفاء * قيادي في الحزب الحاكم لـ «الشرق الأوسط»: المبادرة الخليجية تحتاج إلى إعادة نظر.. وأي حديث غير الانتخابات المبكرة مرفوض

رئيس الوزراء اليمني علي محمد مجور يحيي مستقبليه لدى عودته إلى صنعاء بعد تماثله للشفاء من جروح أصيب بها إثر هجوم على مسجد القصر الرئاسي اليمني (أ.ب)
TT

استبعدت مصادر أميركية أن تمهد عودة رئيس الوزراء اليمني علي مجور من المملكة السعودية إلى صنعاء، لعودة الرئيس اليمني علي عبد الله صالح إلى اليمن. وقال مسؤول بالخارجية الأميركية لـ«الشرق الأوسط» «إنه يتعين على الرئيس علي عبد الله صالح الوفاء بتعهده فورا لنقل السلطة وفقا لاتفاقه مع مجلس دول التعاون الخليجي، الذي يقدم أفضل أمل لانتقال سياسي سلمي ودستوري منظم».

وأضاف المسؤول الأميركي أن «الولايات المتحدة تدعم تطلعات الشعب اليمني لتحقيق إصلاح سياسي ذي معنى، لكن القرار في النهاية متروك للشعب اليمني ليقرر شكل هذا الإصلاح». وتجنب المسؤول الأميركي الإشارة إلى احتمالات عودة الرئيس اليمني إلى بلاده أو الاستمرار في البقاء بالمملكة العربية السعودية.

كانت مصادر حكومية يمنية قد أعلنت عودة رئيس الوزراء علي مجور إلى اليمن أمس بعد رحلة علاج في المملكة العربية السعودية حيث كان يتعافى من إصابات لحقت به في محاولة اغتيال الرئيس علي عبد الله صالح في يونيو (حزيران) الماضي، بسبب الانفجار الذي وقع في مسجد القصر الرئاسي وأدى إلى مقتل 12 وإصابة 87 آخرين. ويعد مجور هو أول سياسي بارز يعود إلى اليمن بعد عدة أسابيع من خضوعه للعلاج في المملكة السعودية إلى جانب الرئيس علي صالح وعدد كبير من المساعدين الذين أصيبوا في حادث محاولة الاغتيال. وقال سلطان البركاني رئيس الكتلة البرلمانية في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» في لندن «بعد وصول جثمان عبد العزيز عبد الغني، رجل المحبة والسلام والتنمية، فإن الشعب اليمني يشعر بغير قليل من الحزن والأسى والغضب، وإن كانت عودة رئيس مجلس الوزراء الأخ علي مجور قد خففت بعض الحزن إلا أن مصاب اليمنيين في فقد عبد العزيز عبد الغني لا يعوض»، وأضاف البركاني في إشارة إلى المبادرة الخليجية «لا يمكننا الحوار مع القتلة، ولن يمشي القتلة في جنازته، وبعد الذي حدث نقول لأصدقائنا في الغرب إن المبادرة الخليجية تحتاج إلى إعادة نظر، وأي حديث غير الانتخابات المبكرة لن يكون مقبولا، ولن نقبل وساطة في ذلك».

وتشكك بعض المحللين بأن تكون عودة رئيس الوزراء خطوة تمهد لعودة الرئيس علي عبد الله صالح الذي أعلن سابقا في خطاب تلفزيوني أنه سيعود قريبا إلى اليمن رغم الاحتجاجات التي تعم اليمن ضد حكمه. وأكدت بعض قيادات بالمؤتمر الشعبي العام أن صالح يخطط للعودة إلى اليمن يوم الأربعاء الموافق 24 أغسطس (آب) الذي يصادف الذكرى التاسعة والعشرين لتأسيس حزب المؤتمر الشعبي الحاكم في عام 1982. وأكدوا أن صالح اختار هذا التاريخ خلال استقباله لوفد رفيع من قيادات الحزب الحاكم في مقر إقامته بالرياض في 11 أغسطس الحالي.

وأشارت مصادر أميركية في السابق إلى أن اتفاقا غير معلن تم إبرامه لبقاء الرئيس صالح في المملكة السعودية وعدم عودته إلى اليمن، كما أشارت المصادر إلى نصيحة السفير الأميركي لدى اليمن جيرالد فايرستاين بعدم الحديث عن الضغوط الأميركية على صالح لأنه شخص عنيد ويجب عدم وضعه في ركن ضيق. ويوجد انقسام داخل الإدارة الأميركية حول أزمة اليمن، حيث يقود مستشار أوباما للإرهاب جون برينان فريقا معتدلا ينادي بالتفاوض والتنسيق بين صالح والمعارضة والمسؤولين بدول مجلس التعاون الخليجي، بينما تقود وزيرة الخارجية الأميركية فريقا آخر متشددا ينادي بضرورة رحيل صالح.

وكانت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند قد رفضت التعليق عما إذا كانت الولايات المتحدة تؤيد أو تعارض خطة الرئيس اليمني علي عبد الله صالح للعودة إلى بلاده. ودعت نولاند صالح إلى التوقيع على اتفاقية نقل السلطة. وقالت «إذا كانت صحته جيدة بما يكفي ليدلي ببيان، فإن عليه أن يوقع على اتفاقية دول مجلس التعاون الخليجي للمضي قدما بالبلاد». وأضافت خلال المؤتمر الصحافي الدوري «نحن مهتمون بالإجراءات التي يتخذها للسماح للبلاد بالمضي قدما بطريقة ديمقراطية، بغض النظر عن المكان الذي يوجد فيه».

على جانب آخر، وصل جثمان عبد العزيز عبد الغني صالح رئيس البرلمان إلى اليمن وسط استقبال شعبي ورسمي، وتجري مراسم الدفن صباح اليوم. ويعد رئيس البرلمان اليمني هو أول مسؤول سياسي كبير يتوفى بسبب الانفجار، وقد شغل عبد الغني عدة مناصب سياسية مهمة حيث كان رئيسا سابقا للوزراء ونائبا لرئيس اليمن الشمالي قبل الوحدة.

يأتي ذلك في وقت يشهد الشارع اليمني احتفالات بتهاوي نظام الزعيم الليبي معمر القذافي، الذي أسهم في رفع معنويات الشباب اليمني لمواصلة الثورة والإطاحة بنظام علي عبد الله صالح. وقد شهدت ساحة الحرية بتعز وساحة التغيير بصنعاء وساحة الحرية بعدن إطلاق الألعاب النارية ابتهاجا بما حققه الثوار في ليبيا وخرجت مسيرات حاشدة في عدة مدن يمنية تنادي بالحسم في إسقاط نظام الرئيس صالح قبل انتهاء شهر رمضان.

وفي الشأن الأمني قتل سبعة جنود يمنيين، بينهم ضابط، الثلاثاء، في هجوم شنه عناصر مفترضون من «القاعدة» على معسكر للجيش اليمني في قرية بمحافظة أبين بجنوب البلاد، وفق ما قال ضابط في الجيش لوكالة الأنباء الفرنسية. وقال الضابط، رافضا كشف هويته، إن «ستة جنود وضابطا قتلوا وأصيب 30 آخرون في هجوم شنه بعد الظهر مقاتلون من (القاعدة) على معسكر اللواء 201 في دوفس»، على بعد 25 كلم جنوب زنجبار كبرى مدن محافظة أبين. وأكد مصدر طبي في المستشفى العسكري، الذي نقل إليه القتلى والجرحى، هذه الحصيلة. وأوضح الضابط أن المهاجمين نجحوا في التسلل إلى مكان قريب من موقع وحدة تابعة للواء ثم هاجموها بقذائف «آر بي جي» والأسلحة الرشاشة مما أدى إلى مقتل سبعة عسكريين وإصابة ثلاثين آخرين. وقد قتل ستة مقاتلين مفترضين من «القاعدة» أول من أمس الاثنين في غارات جوية للقوات اليمنية على مواقع للتنظيم المتطرف في إحدى قرى محافظة أبين بعدما سيطرت عليها الأحد عناصر يشتبه بانتمائهم إلى «القاعدة».