الحكومة العراقية تخطط لمشاريع بنية تحتية ضخمة.. ومحللون يقولون: إنها غارقة في التمنيات

تبليط شارع يأخذ من وقتها عاما.. لكنها تفكر بإقامة مترو في بغداد وشبكة للسكك الحديدية

TT

يحتاج العراق للتنمية في جميع أجزاء البلاد؛ حيث يتراكم الحطام وتكثر المباني المهدمة بعد مرور أكثر من 8 سنوات على الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003. ويواجه أغلب سكان العراق، الذين يعانون نقص الوظائف وتشغلهم حصص الغذاء والأمن، نقصا حادا في المياه ولا تصلهم الكهرباء إلا بضع ساعات في اليوم. وشوارع بغداد تحتاج لرصف وتمتلئ بحفر نتجت عن انفجارات وجدران أقيمت لحماية المباني من التفجير.

وبينما يمكن أن يستغرق رصف شارع في العراق عاما كاملا، تخطط الحكومة لإقامة خط قطارات سريعة بمليارات الدولارات ينافس قطار اليابان السريع المسمى الطلقة. كما أن هناك مشروع السكك الحديدية الذي يتكلف 10 مليارات دولار ويربط بغداد بمحافظات الجنوب، وهو الأحدث في سلسلة مقترحات ضخمة للبنية الأساسية عرضتها الحكومة العراقية في محاولة لإعادة إعمار الدولة. لكن حسب تقرير لوكالة «رويترز»، فإن المشروع استقبل بتشكك من جانب الكثير من العراقيين الذين يجدون صعوبة في الحصول حتى على احتياجاتهم الأساسية من الكهرباء. وقال أحمد صالح، وهو مهندس معماري: «الحكومة لا يمكنها حتى إقامة مشاريع أسهل بكثير من خط السكك الحديدية». وأضاف: «طريق المطار الذي يتحدثون عنه منذ 3 سنوات ما زال في حالة سيئة».

ويقول بعض المحللين إن الحكومة غارقة في التمنيات وترفض الإقرار بأن نقص التمويل والقدرات الفنية واستمرار العنف من العوامل التي تضع حدا للتنمية والاستثمارات الأجنبية. وتراجع العنف بدرجة كبيرة منذ أن بلغ الصراع الطائفي ذروته عامي 2006 و2007، لكن هجمات وتفجيرات واغتيالات شبه يومية ما زالت تجعل التكلفة الأمنية جزءا كبيرا من تكاليف الاستثمار الأجنبي.

وفي حين تتدفق الاستثمارات النفطية على البلاد، يشكو المستثمرون في قطاعات أخرى من البيروقراطية. ويساعد الصراع السياسي داخل الحكومة في تعطيل المشاريع في مجالات مثل الكهرباء والاتصالات.

وقال يحيى الكبيسي، المحلل بالمركز العراقي للدراسات الاستراتيجية: إن هذه المشاريع يصعب تنفيذها على أرض الواقع، وإنها مجرد أحلام وتمنيات لمسؤولي الحكومة.

وإعادة بناء طرق العراق ونظام المواصلات أمر حيوي بالنسبة للشركات الأجنبية لنقل المعدات، في الوقت الذي يجري فيه تطوير قطاع النفط. ويأمل العراق، الذي تضم أراضيه ثالث أكبر احتياطات نفطية في العالم، في إعادة إعمار البلاد باستخدام إيرادات النفط التي تمثل أكثر من 95% من دخل الدولة.

لكن العراق لديه القليل من المواصلات العامة ويعتمد أساسا على سيارات الأجرة والحافلات الصغيرة وخطوط سكك حديدية متهالكة تربط بين المحافظات. وقال مسؤول من وزارة المواصلات إن بغداد وقعت مذكرة تفاهم مع مجموعة «ألستوم» الهندسية الفرنسية في يونيو (حزيران) لبناء خط سكك حديدية بطول 650 كيلومترا وقطار سريع. وتم كذلك توقيع اتفاق أولي لبناء خط لمترو فوق الأرض في بغداد مقابل 1.5 مليار دولار مع «ألستوم» كذلك في مايو (أيار) الماضي. ومن المتوقع أن يستكمل الجزء الأول من المشروع عام 2014.

ومن المشاريع الضخمة كذلك مشروع حي مدينة الصدر الذي يتضمن خطة لبناء 150 ألف شقة سكنية ومتاجر وساحات ودور عرض سينمائي على مدى 10 سنوات. وأعلن عن المشروع لأول مرة عام 2008، لكن العراق لم يمنح الصفقة لأحد بعدُ.

وتقول الحكومة إن مشاريع مثل القطار السريع ومترو المدينة ممكنة، وألقت باللوم في بطء التنفيذ على نقص في الميزانية. وقال وزير التخطيط العراقي علي الشكري إن المشاريع التي عرضتها الوزارات جادة وقابلة للتحقيق. وأضاف أن خططها وتكاليفها المقدرة جاهزة، لكن المشكلة التي تواجهها جميع الوزارات هي التمويل.

وبلغت ميزانية العراق لهذا العام 82.6 مليار دولار محسوبة على أساس سعر متوسط للنفط عند 76.5 دولار للبرميل وعجز قدره 13.4 مليار. ووضعت وزارة المالية ميزانية لعام 2012 بلغ حجمها 98.3 مليار دولار على أساس سعر نفط عند 85 دولارا للبرميل وبعجز 13.7 مليار دولار. وما زالت تنتظر موافقة مجلس الوزراء والبرلمان.

وقال الشكري: إن الحكومة تميل إلى عقود تقسم فيها المدفوعات على فترة زمنية طويلة بفائدة من أجل المضي قدما في تنفيذ مثل هذه المشاريع. وتتطلع بغداد كذلك إلى شبكة مترو أنفاق. وتجددت خطط مترو الأنفاق التي ترجع إلى ثمانينات القرن الماضي قبل نحو 3 سنوات وحتى الآن لم يستكمل بعد تصميم المترو.

وقال صابر العيساوي، أمين العاصمة: إن جزءا من ميزانية 2012 تم توجيهه لتمويل المترو الذي تقدر تكلفته بما بين 3 و4 مليارات دولار، ودعا إلى التحلي بالصبر، قائلا إن مشاريع البنية الأساسية تأخذ وقتا طويلا على مستوى العالم. وأضاف أن التحضير للمشاريع الكبيرة حتى في الدول المتقدمة يستغرق نحو 3 أو 4 أو 5 سنوات، مؤكدا أنها «مسألة وقت».