القذافي مطلوب حيا أو ميتا

تحذيرات من الناتو وواشنطن لدول الجوار بعدم إيواء القذافي.. وحملة إلكترونية لتعقب اتصالاته الهاتفية

ثوار ليبيون لدى دخولهم إلى قاعة الجلوس في منزل العقيد القذافي في مجمع باب العزيزية أمس (أ.ف.ب)
TT

أين القذافي؟ هذا هو السؤال الأكثر إلحاحا في أذهان الثوار الليبيين الذين نجحوا أول من أمس في اجتياح مقر الزعيم الليبي الحصين في ثكنة باب العزيزية، لكنهم لم يظفروا به، فيما دشن الثوار والمجلس الانتقالي، الهيئة السياسية الممثلة لهم، حملة بحث واسعة النطاق عن القذافي الذي بات مطلوبا حيا أو ميتا، وفقا لتأكيد أكثر من مسؤول بالمجلس الوطني الانتقالي.

ولا يملك أحد في ليبيا أو خارجها أي معلومات قاطعة وحاسمة حول مصير القذافي الذي اختفى عن الأنظار، قبل أن يلجأ لإذاعة طرابلس المحلية ليقول إن خروجه من العاصمة لم يكن هزيمة عسكرية مفاجئة؛ بل كان انسحابا تكتيكا.

وعلمت «الشرق الأوسط» أن المجلس الانتقالي وجه رسائل تحذير إلى كل الدول المجاورة جغرافيا وحدوديا لليبيا من مغبة التعاطف مع القذافي وأسرته والسماح لهم بدخول أي من أراضى هذه الدول.

وقال مسؤول بالمجلس لـ«الشرق الأوسط» وصل لتوه إلى العاصمة طرابلس: «حلف الناتو وإدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما وجها أيضا تحذيرات مماثلة. نريد أن نضيق الخناق على القذافي حتى نعتقله. إنه مطلوب حيا أو ميتا».

وبدأت أيضا حملة إلكترونية وتقنية لتعقب القذافي عبر رصد كل الاتصالات الهاتفية التي يجريها مع مساعديه أو مع بعض القنوات الفضائية والإذاعات المحلية لتعويض غيابه الإعلامي.

ويعتقد كثير من قيادات الثوار العسكرية والسياسية أن الانتفاضة الشعبية التي اندلعت ضد القذافي لإسقاط نظامه السياسي في السابع عشر من شهر فبراير (شباط) الماضي ستبقى منقوصة وغير مكتملة ما لم يتم حسم مصير القذافي. وفى رفض واضح للاعتراف بالهزيمة، سعى القذافي الذي اختفى عمليا منذ نهاية شهر أبريل (نيسان) الماضي إلى التقليل من شأن سيطرة الثوار على معظم ضواحي طرابلس بما في ذلك مقره العتيد، حيث قال في تصريحات صوتية أذاعتها محطة تلفزيون «الرأي» إنه يجب على سكان طرابلس «تطهيرها من المعارضين». وانضمت عائشة، الابنة الكبرى للقذافي، إلى المشهد، حيث اعتبرت في تصريحات عبر الهاتف أدلت بها لقناة تلفزيون «العروبة» أنه يتعين على الليبيين أن يتحدوا ضد حلف شمال الأطلسي وأن يقفوا وراء والدها القذافي في وجه التدخل الأجنبي. وحثت عائشة التي كانت تتحدث من مكان مجهول، الشعب الليبي على أن «يقف يدا واحدة ضد حلف الأطلسي وأن لا يخشى القوات المسلحة».

وأعلن المستشار مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الوطني الانتقالي مكافأة قدرها مليونا دينار ليبي، أي نحو 1.7 مليون دولار أميركي، والعفو عن أي فرد يسلم القذافي حيا أو ميتا.

وقال عبد الجليل في مؤتمر صحافي عقده في بنغازي، معقل الثوار أمس، إن المجلس يعلن أن أي فرد من الدائرة المقربة من القذافي يقتله أو يعتقله سيمنحه المجتمع عفوا عن أي جرائم، وأضاف أن رجل أعمال من بنغازي مهد للانتفاضة الليبية في الشرق عرض أيضا مكافأة قدرها مليونا دينار (1.7 مليون دولار) لمن يمسك بالقذافي، محذرا من أن القذافي لن يستسلم بسهولة وما زال بإمكانه ارتكاب «عمل كارثي»، وأضاف أنهم يعلمون أن نظام القذافي لم ينته بعد وأن النهاية ستأتي فقط عندما يقبض عليه حيا أو ميتا. وقال إن قوات القذافي والمتواطئين معه لن يكفوا عن المقاومة حتى يتم الإمساك بالقذافي أو يقتل.

من جهته، قال محمود جبريل رئيس اللجنة التنفيذية في المجلس الانتقالي إنه ليس لديه أي معلومات بخصوص مكان القذافي منذ هربه من معقله في طرابلس.

والتقى جبريل مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في باريس لبحث سبل ضمان الانتقال السلمي إلى الديمقراطية في ليبيا بعد القذافي. وسيعقد مؤتمر لـ«أصدقاء ليبيا» بباريس في 1 سبتمبر (أيلول) المقبل.

وتلقى القذافي ضربة سياسية من وزير خارجيته عبد العاطي العبيدى الذي اعتبر أمس أن الحرب الأهلية في ليبيا انتهت فعليا.

وسئل العبيدي في مقابلة مع تلفزيون «تشانل فور نيوز» البريطاني إن كان الصراع انتهى، فقال: «نعم، هذا ما أراه». وأضاف مشيرا إلى المقاتلين الموالين للقذافي: «لو كنت المسؤول لقلت لهم ضعوا السلاح».

إلى ذلك، علمت «الشرق الأوسط» أن بعض رجال الأعمال الليبيين الذين ارتبطوا بعلاقات جيدة مع نظام القذافي كانوا يمولون سرا الانتفاضة الشعبية ضده. وقالت مصادر ليبية لـ«الشرق الأوسط» إن أحد رجال الأعمال الليبيين تبرع بطائرة لاستخدامها في الرحلات الجوية بين مختلف المدن الليبية وبين ليبيا مصر، فيما دفع رجل أعمال آخر رفض تعريفه مبلغ مليون ونصف مليون دولار أميركي لشركة الكهرباء المصرية؛ فاتورة استهلاك الكهرباء في مدينة بنغازي بشرق ليبيا.