مساع غربية للإفراج عن الأموال المجمدة

ميدفيديف يؤكد أن السلطة في طرابلس لا تزال «مزدوجة»

ثائر ليبي يرفع علم الثورة في مجمع باب العزيزية أمس (أ.ف.ب)
TT

عقد رئيس المكتب التنفيذي للمجلس الانتقالي الليبي، محمود جبريل، محادثات مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في باريس، أمس، في إطار تسابق الدول لأداء دور دبلوماسي بشأن ليبيا بعدما صار نظام العقيد معمر القذافي على شفا الانهيار.

وصرح ساركوزي بأن فرنسا ستواصل العمليات العسكرية في ليبيا بموجب تفويض الأمم المتحدة ما دامت هناك حاجة لذلك. وأضاف أن مؤتمرا بشأن ليبيا أعلن عنه في السابق سيعقد في باريس في الأول من سبتمبر (أيلول). وقال الرئيس الفرنسي للصحافيين أمام قصر الإليزيه وبجواره محمود جبريل، رئيس اللجنة التنفيذية في المجلس الوطني الانتقالي الليبي: «نحن مستعدون لمواصلة العمليات العسكرية بموجب قرار الأمم المتحدة رقم 1973 ما دام أصدقاؤنا الليبيون في حاجة إلى ذلك».

وقال مصدر دبلوماسي فرنسي، أمس، إن فرنسا وشركاءها في الأمم المتحدة يعملون على صياغة مشروع قرار يتيح الإفراج عن الأرصدة الليبية ورفع العقوبات. وبين المصدر أن القرار لا يزال في مراحله الأولية وسيكون محل بحث في الأيام المقبلة خلال محادثات في قطر وتركيا ونيويورك. وأضاف: «من الصعب التحدث بدقة عن تفاصيل القرار»، مشيرا إلى أنه سيتناول مسألة العقوبات والإفراج عن الأرصدة لكن دون جدول زمني. حسب ما جاء في «رويترز».

ويأمل الثوار في جمع 2.4 مليار دولار، التي قال جبريل إنها ستستخدم في دفع الرواتب قبل انتهاء شهر رمضان ولضمان توفير العلاج للمصابين في القتال المستمر منذ 6 شهور.

وذكرت الرئاسة الفرنسية أن ساركوزي – الذي قاد الحملة الدبلوماسية للتدخل الأجنبي في ليبيا - ناقش مع جبريل سبل دعم المجتمع الدولي لعملية انتقال السلطة في ليبيا.

وتعتزم فرنسا أيضا استضافة اجتماع الأسبوع المقبل لمجموعة الاتصال بشأن ليبيا، التي تضم دولا أغلبها غربية وعربية تشارك في الحملة العسكرية أو توفر الدعم لها.

كما أعلنت سويسرا، أمس، أنها تأمل أن تتمكن سريعا من إعادة الأرصدة الليبية المجمدة على أراضيها، التي تبلغ قيمتها 650 مليون فرنك سويسري (570 مليون يورو)، في حين بات الثوار قريبين من تحقيق النصر الكامل في طرابلس.

وقالت وزارة الخارجية في بيان مكتوب: «نأمل في ضوء التطورات الأخيرة في ليبيا أن يتم تسريع عملية إعادتها (الأرصدة)».

وأضافت: «من المهم جدا رؤية كيف سيرد مجلس الأمن الدولي على هذه التطورات، وما إذا كان سيقرر الإفراج عن بعض الأرصدة».

وتعود معظم هذه الأرصدة إلى مؤسسات عامة ليبية لا إلى أفراد.

وقيمة الأرصدة الليبية المجمدة في سويسرا أدنى بكثير مما كانت عليه في 2007 (5.7 مليار فرنك سويسري) قبل الخلاف بين سويسرا وليبيا بسبب توقيف هانيبال القذافي، أحد أبناء العقيد الليبي معمر القذافي، في جنيف في يوليو (تموز) 2008. وقد أدى ذلك الخلاف إلى سحب رؤوس أموال ليبية بكثافة من سويسرا.

وكان من المقرر انعقاد مجلس الأمن الدولي مساء أمس لبحث اقتراح أميركي بالإفراج عن الأرصدة الليبية المجمدة، كما صرح دبلوماسيون.

كما أعلنت فرنسا وبريطانيا صباح أمس أنهما تعملان أيضا في الأمم المتحدة من أجل الإفراج عن الأرصدة الليبية.

وترغب الولايات المتحدة في صرف مساعدة مباشرة لليبيا بقيمة 1.5 مليار دولار في الوقت الذي يبدو فيه نظام معمر القذافي على وشك الانهيار.

وقال دبلوماسي غربي، طلب عدم كشف هويته، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن واشنطن طلبت إذنا بذلك في الثامن أغسطس (آب) من لجنة العقوبات في الأمم المتحدة، لكن جنوب أفريقيا عارضت الأمر.

وأضاف: «إن الوقت ملح. المال ضروري لإمداد المولدات الكهربائية في المستشفيات ومصانع تحلية مياه البحر أو منشآت أخرى قد تصاب بعطل في غضون أيام، بالوقود».

وحول الموقف الأميركي من التطورات في ليبيا قال البيت الأبيض، أمس، إنه لا وجود لأي دلائل حتى الآن على أن العقيد الليبي معمر القذافي ترك السلطة لكنه كرر رأيه أنه في طريقه إلى الرحيل.

وقال المتحدث باسم البيت الأبيض، جوش إيرنست: «التطورات التي رأيناها مؤشر على أن سيطرة نظام القذافي على السلطة في ليبيا التي مضى عليها 42 عاما تتفكك. ولا دليل حتى الآن على أنه رحل».

وفي نفس السياق توقع وزير خارجية ألمانيا، غيدو فسترفيلي، أن تلعب بلاده دورا محوريا في التنمية الاقتصادية لليبيا. وقال في تصريحات لصحيفة «باسور نويه بريسه» الألمانية الصادرة أمس، إن «ليبيا تحتاج الآن إلى إعادة إعمار يحقق لها الاستقرار الدائم، وألمانيا لديها خبرة وكفاءة خاصة في هذا المجال». وأضاف الوزير: «سندعم ليبيا بالنصح والفعل إذا رغبت في ذلك»، مؤكدا أن الإعمار الاقتصادي في ليبيا من الأمور الحاسمة في نجاح التحول السياسي إلى الديمقراطية. وأكد ضرورة أن تلعب بلاده الآن دورا أكثر فعالية في إعادة إعمار ليبيا. حسب وكالة الأنباء الألمانية.

ومن جانبه انتقد متحدث شؤون السياسة الخارجية في الكتلة البرلمانية للتحالف المسيحي، فيليب ميسفلدر، الموقف الألماني في النزاع الليبي.

وقال ميسفلدر في تصريحات لصحيفة «أوستزيه - تسايتونغ» الألمانية الصادرة أمس: «كان يتعين على وزير الخارجية فسترفيلي أن يوافق على المهمة العسكرية في مجلس الأمن». ويذكر أن ألمانيا امتنعت عن التصويت على قرار مجلس الأمن بشأن فرض حظر جوي على ليبيا، ورفضت المشاركة في المهمة العسكرية التي يقودها «الناتو» في ليبيا.

وكشفت موسكو عن موقفها الرسمي تجاه آخر تطورات الأحداث في ليبيا في تصريحات أدلى بها الرئيس الروسي، ديمتري ميدفيديف، أكد فيها أن بلاده معنية بوقف إطلاق النار والتحول نحو بدء المفاوضات بين القوى السياسية هناك. وقال ميدفيديف في ختام مباحثاته مع رئيس كوريا الشمالية، كيم جونغ إيل، خلال زيارته لمدينة أولان أوديه في الشرق الأقصى الروسي، إنه «على الرغم مما حققته (قوى الانتفاضة) من نجاح في هجومها على طرابلس، فإن القذافي والقوى الموالية له لا يزالون يملكون قدرا من النفوذ والتأثير، والكثير من القدرات العسكرية». وأشار ميدفيديف إلى أنه يعلق اعتراف روسيا بالمجلس الوطني الانتقالي على مدى قدرته على توحيد البلاد على أسس ديمقراطية. غير أن الرئيس الروسي أضاف أيضا أنه «إذا ما توفرت لدي (قوى الانتفاضة) الإرادة والقوى اللازمة لتوحيد البلاد على أسس ديمقراطية جديدة فإننا سننظر بالطبع إلى إقامة العلاقات المناسبة معها». وحرص على تأكيد «أن الأوضاع في ليبيا لا تزال تراوح مكانها وأن الأمور تظل في حقيقة الأمر رهينة ازدواجية السلطة». أما عن مواقف بلاده تجاه التطورات الأخيرة في ليبيا قال ميدفيديف: «إن روسيا تلتزم بموقف حذر دقيق وتتابع ما يجرى هناك من أحداث».

ونقلت وكالة أنباء «ريا نوفوستي» عنه قوله إن القيادة الروسية تنطلق في موقفها من قراري مجلس الأمن الدولي 1970 و1973 ومن ضرورة تنفيذهما من أجل إحلال السلام والاستقرار في ليبيا، مؤكدا ضرورة وفاق قوى المجتمع الليبي من أجل درء اخطار تفكك الدولة الليبية. وتقديرا لدور القذافي أشار ميدفيديف إلى رغبة روسيا في أن يتوصل الليبيون بأنفسهم إلى اتفاق يراعي الوضع المعقد للمجتمع الليبي وطبيعته القبلية، التي كان القذافي يحافظ على التوازن القائم في ما بينها لضمان تطور الدولة ككتلة متكاملة، على حد قوله. وكان سيرغي لافروف، وزير الخارجية الروسي، أشار في تصريحات له خلال زيارته سلفادور إلى أن بلاده كثيرا ما أرادت أن يتم حل الأزمة الليبية في أسرع وقت ممكن، بينما كشف عن أن ذلك كان من الممكن أن يتم قبل ذلك بكثير لولا أن العقيد القذافي أصر وحتى اللحظات الأخيرة على موقفه من ضرورة أن يكون الاتفاق معه، فضلا عن أن عمليات حلف «الناتو» حالت دون التوصل إلى حل سريع للأزمة الليبية. وأعرب لافروف عن أمله في أن تكفل السلطات الجديدة في ليبيا أمن الأجانب، وهو ما يقصد به أمن السفارة والمواطنين الروس في ليبيا، إلى جانب الكشف عن رغبته في وفاء هذه السلطات بما وقعته السلطات السابقة من اتفاقيات ومعاهدات، ثمة من يقول إن قيمتها تبلغ ما يقرب من 14 مليار دولار مع روسيا وحدها، في مختلف المجالات ومنها النفط والغاز وبناء السكك الحديدية، إلى جانب مشاريع التعاون العسكري.

أما بالنسبة للصين فقد قال المتحدث باسم الخارجية الصينية، ما تشاو شيوي، أمس، إن «الصين تأمل في أن تشهد ليبيا مرحلة انتقالية سياسية من دون صدامات».