الدائرة العربية تتسع حول المجلس الانتقالي الليبي

الجزائر تعلن أنها ستعترف بالمسؤولين الجدد في طرابلس

TT

رغم ترحيب الرأي العام العربي بنجاح ثوار ليبيا في السيطرة على العاصمة طرابلس ومقر العقيد معمر القذافي، فإن رد الفعل الرسمي ظل متحفظا.

و انضمت الحكومة اللبنانية للدول المعترفة بالمجلس الوطني الانتقالي ممثلا شرعيا للشعب الليبي، وتزامن هذا الاعتراف مع انكباب حركة أمل على التحضير للمهرجان السنوي في ذكرى اختفاء مؤسس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الإمام موسى الصدر ورفيقيه، والذي يحمل هذا العام عنوان «الحرية لإمام الوطن والمقاومة». ودخلت المساعي اللبنانية للكشف عن مصير الإمام المغيّب ورفيقيه الإطار الرسمي والعملي مع تكليف الحكومة اللبنانية وزير الخارجية عدنان منصور بتقديم اقتراح لتحرك لبناني مع الجهات المختصة والناشئة في ليبيا لكشف مصير الإمام المغيب موسى الصدر ورفيقيه. وأكد مجلس الوزراء اللبناني، الذي أعلن مساء أول من أمس اعتراف لبنان بالمجلس الانتقالي الليبي، تفعيل كل الجهود لمتابعة قضية الإمام الصدر عن كثب مع المعارضة الليبية التي بدأت تجول على القادة اللبنانيين في مسعى لفتح صفحة جديدة من العلاقات اللبنانية الليبية.

وفي هذا الوقت، كشف عضو الهيئة التنفيذية لحركة أمل، طلال حاطوم، عن «خلية أزمة على مستوى عال جدا في حركة أمل انطلقت بعملها مع انطلاق الثورة الليبية»، لافتا إلى أن «كل المعلومات التي وصلتها وبعد التأكد منها والتدقيق فيها تفيد بأن الإمام الصدر ورفيقيه أحياء يرزقون». وأوضح حاطوم، في اتصال مع «الشرق الأوسط»، أن «الخلية خلال الفترة الماضية قامت بجهد كبير جدا حتى إنها زارت بعض الأماكن خارج لبنان لمتابعة القضية عن كثب»، وقال «نحن لن نألو جهدا لتحرير الإمام الصدر، وعلى مجلس الوزراء تكثيف حركته واتصالاته العربية والدولية لهذه الغاية ولضم جريمة تغييب الإمام الصدر لسجل الجرائم الأسود للنظام الليبي».

وفي السياق نفسه، أعربت الحكومة الجزائرية عن استعدادها للاعتراف بالمجلس الانتقالي الليبي. وبين رئيس البرلمان الجزائري المكلف بالعلاقات الخارجية، أن الحكومة الجزائرية «ستعترف بالمسؤولين الجدد في ليبيا وهذا أمر طبيعي». وأوضح أن ما يشغل الجزائر حاليا هو الظروف الأمنية المتدهورة في الحدود المشتركة مع ليبيا، نتيجة وقوع أسلحة ليبية بين أيدي جماعات إرهابية وعصابات التهريب.

وذكر نائب رئيس البرلمان الصديق شيهاب، في لقاء مع «الشرق الأوسط» بالعاصمة، أن سقوط نظام العقيد معمر القذافي «ستكون له تداعيات أكيدة علينا بالجزائر، فليبيا بلد جار تجمعنا به حدود بطول 1200 كلم وتربطنا به علاقات حسن الجوار وإن كانت معقدة». ولم يكن القذافي خلال سنوات حكمه الطويلة «جارا سهلا التعامل معه»، حسب شيهاب، فقد كان «صاحب مزاج متقلب لا يؤتمن جانبه في كثير من الأحيان». ويعتبر هذا التصريح أول موقف من مسؤول جزائري بخصوص تطورات الوضع في ليبيا. فقد تميز الموقف الرسمي منذ بداية الأزمة بالغموض، فالجزائر لم تعلن صراحة أنها تساند الانتفاضة ولا تدعم القذافي، إلا أن ذلك فهم ذلك دوليا بأنه مساندة للزعيم الليبي السابق.

وذكر شيهاب أن السلطات الجزائرية «كانت تتجنب دائما المواجهة مع القذافي لأسباب تاريخية، فالشعب الليبي دعم ثورة الجزائر ضد الاستعمار الفرنسي (1954 - 1962)، وكنا حريصين على حسن الجوار مع ليبيا لأننا لم نكن بحاجة إلى علاقة متوترة أخرى بالمنطقة بعد تدهور علاقتنا مع المغرب بسبب نزاع الصحراء». وأضاف شيهاب، وهو أيضا قيادي في حزب «التجمع الوطني الديمقراطي» الذي يقوده رئيس الوزراء أحمد أويحيى «لدينا مصالح اقتصادية كبيرة مع ليبيا، ونملك استثمارات في ميدان المحروقات فوق أرضها، لذلك لم يكن ممكنا الانسياق وراء تهور العقيد القذافي وتقلبات مزاجه، رغم أنه ألحق بنا ضررا في الكثير من الأحيان»، يقصد مناوراته في ملف طوارق مالي المسلحين الذي تشرف عليه الجزائر عن طريق الوساطة بين المعارضة المسلحة وحكومة باماكو.

ويشار إلى أن السلطات الجزائرية أبدت انزعاجا كبيرا من القذافي عام 2005، عندما قرر تمديد إقامته بعشرة أيام بعد القمة العربية. فقط طلب حينها لقاء أعضاء الغرفتين البرلمانيتين والاجتماع برؤساء الأحزاب، وزيارة مناطق كثيرة.

واعتبر شيهاب موقف «المجلس الوطني الانتقالي» العدائي للجزائر، «قراءة خاطئة من المعارضة لموقف الجزائر حيال الوضع في ليبيا، فنحن لم نساند نظام القذافي وإنما كنا حريصين على حقن دماء الشعب الليبي عندما اخترنا أن يأتي الحل من الاتحاد الأفريقي». يشار إلى أن علاقة الجزائر بالمعارضة الليبية متدهورة جدا، بسبب التهمة التي تعرض لها الجزائريون بخصوص ما سمي «إيفاد مرتزقة وأسلحة إلى ليبيا لدعم القذافي».

وأوضح نائب رئيس البرلمان، أن الحكومة الجزائرية «ستعترف بالمسؤولين الجدد في طرابلس ما دام تلك هي إرادة الشعب الليبي».