د. الهادي شلوف لـ «الشرق الأوسط»: إذا سلم القذافي نفسه تلقائيا إلى المحكمة الجنائية الدولية فسيبعد نفسه عن عقوبة الإعدام

أول عضو عربي فيها: أي صراع مسلح في ليبيا ما بعد العقيد سيستدعي تدخلا دوليا

الهادي شلوف
TT

قال الدكتور الهادي شلوف، أول عضو عربي ليبي في المحكمة الجنائية الدولية، إن أي صراع مسلح في ليبيا في مرحلة ما بعد معمر القذافي سوف يستدعي تدخلا دوليا.

وقال شلوف عن المخاوف من صراعات مسلحة بين الليبيين بعد القذافي: «نحن بكل تأكيد نخشى ذلك»، وأضاف في حوار مع «الشرق الأوسط» عبر الهاتف، إنه في هذه الحالة سوف تتم الاستعانة بقوات حفظ سلام دولية كما حدث في كوسوفو، من أجل ضمان السلام في ليبيا والعمل على استتباب الأمن، وأيضا المساعدة في إدارة الدولة الليبية، لكن شلوف أعرب عن أمله في أن يحتكم الليبيون إلى العقل، وأن يتمكنوا من إدارة أنفسهم.

ودعا شلوف، وهو مؤسس، ورئيس حزب العدالة والديمقراطية الليبي، والمكلف من المحكمة الجنائية الدولية قضية دارفور سابقا، إلى سرعة إلغاء المجلس الانتقالي وتشكيل حكومة انتقالية، ممن لم يتورطوا من قبل مع القذافي، مشيرا إلى أن العشرات من الوزراء والسفراء والمسؤولين المنشقين عن نظام القذافي سيطلبون للعدالة في داخل ليبيا أو خارجها، للتحقيق معهم.

وقال شلوف إن العقيد القذافي إذا سلم نفسه تلقائيا إلى المحكمة الجنائية الدولية، فإنه سيبعد نفسه عن عقوبة الإعدام المقررة في القانون الجنائي الليبي. وفي ما يلي نص الحوار..

* يتخوف البعض من نشوب صراع مسلح بين الليبيين بعد القذافي.. ما رأيك؟

- نحن بكل تأكيد نخشى ذلك. ونأمل أن يحتكم الليبيون إلى العقل، وعليهم إلغاء المجلس الانتقالي سريعا، وتشكيل حكومة انتقالية تضم من لم يتورطوا من قبل مع القذافي. وبعدها يتم صياغة دستور تحت إشراف الأمم المتحدة وبخبراء عرب ومسلمين. وعن طريق الدستور وبعد الاستفتاء عليه، توضع القوانين الأساسية، ومن بينها قانون الانتخابات الرئاسية والتشريعية. ونحن نقول إن جميع التوجهات السياسية، والإسلاميين المتطرفين، من حقهم أن ينشئوا أحزابا ومن حقهم أن يطالبوا بأن يقبل بهم الشعب، وإذا قبلت بهم صناديق الاقتراع فلا مانع لنا في ذلك. نحن لا نصادر من يريد أن يكون له حزب متطرف يميني أو يساري. لكن في حالة نشوب منازعات، وهي نقطة مهمة جدا، نتمنى أن يتدخل المجتمع الدولي ويرسل بالقبعات الزرقاء (قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة)، لكن الشعب الليبي قادر على أن يدير بلاده، لأنه منذ بداية ثورة 17 فبراير (شباط) حتى الآن لم نسمع عن قضايا قتل للمدنيين من جانب الثوار أو انتهاكات لبيوت ليبيين أو نهب للبنوك أو غير ذلك.

* كيف يمكن التعامل مع أي خلافات مسلحة محتملة بين الثوار أو غيرهم؟

- في هذه الحالة، وأرجو أن لا يحدث ذلك، سنطالب بأن يكون هناك تدخل دولي، عن طريق الأمم المتحدة، عن طريق قوات حفظ سلام كما حدث في كوسوفو وفي دول أخرى، من أجل ضمان السلام في ليبيا، والعمل على استتباب الأمن وأيضا للمساعدة في إدارة الدولة الليبية، لكن نأمل أن لا يحتاج الشعب الليبي إلى مثل هذا التدخل، ويمكن عن طريق العقلاء الليبيين إنشاء حكومة انتقالية لتسيير الدولة الليبية.

* حتى الآن من هم الشخصيات التي يمكن أن تقدم للمحاكمة؟

- القذافي، وابنه (سيف الإسلام)، وعبد الله السنوسي، رئيس جهاز المخابرات. هم 3 أشخاص مطلوبون أمام المحكمة الجنائية الدولية. وإن كانت القائمة طويلة وتشمل أيضا الكثير من الأشخاص الذين ارتكبوا جرائم وأسهموا في ارتكابها، ومن ثم نحن نرى أن هؤلاء مطلوبون أمام العدالة الدولية. الآن هناك أوامر قبض فقط على الطاغية القذافي وابنه سيف الإسلام والسنوسي، ولكن سنقدم قائمة طويلة إن شاء الله في المستقبل. وهنا أود الإشارة إلى أن القضاء الجنائي الليبي هو صاحب الاختصاص، أي يمكن محاكمة هؤلاء أمامه.

* ما ضمانات المحاكمة العادلة محليا؟

- سيحاكمون أمام محاكم عادلة تحت إشراف جميع منظمات المجتمع الدولي، وسنوفر لهم قضاء نزيها وعادلا. ولن يفلت أحد من المحاسبة والمحاكمة، وبالتالي سنطالب الدول التي تؤوي مسؤولين ليبيين سابقين بتسليمهم إلى ليبيا ومساءلتهم عما فعلوه أيام توليهم المسؤولية في ظل حكم القذافي. يوجد مسؤولون ليبيون سابقون في مصر وقطر وإيطاليا وغيرها. سنطالب باسترجاع كل الوزراء الذين انتهكوا وسرقوا الأموال الليبية، ومن ثم ستكون هناك محاكمات طويلة جدا في ليبيا، والشعب الليبي سوف لن يتسامح، وسيطالب بمحاكمة الجميع عن القضايا الجنائية، والفساد الاقتصادي أيضا.

* وما المعلومات التي يمكن جمعها عن هذا «الفساد الاقتصادي»؟

- أعتقد أن حجم المبالغ التي تم إهدارها من الخزينة الليبية منذ عام 1969 إلى اليوم لا تقل عن 200 ألف مليار دولار. ولهذا سوف تتم مساءلة الكثيرين لاستعادة واسترداد أي أموال بالخارج أو الداخل.

* قيل إن البعض لم يكن راضيا عن قرارات المجلس الانتقالي..

- هناك قرارات تحفظنا عليها منذ البداية مثل إعلان الدستور، وكذا تعيين البعض في عدة مواقع. ونحن، في حزب العدالة والديمقراطية، رفضنا مثل هذا النهج منذ البداية، ونحتج على تعيين المجلس الانتقالي لبعض السفراء عن طريق إبقائهم في أماكنهم السابقة. وطالبنا باستبعاد كل من عمل مع القذافي أو مع ابنه. وقلنا إن المجلس الانتقالي يجب أن يكون للثوار، ولهذا السبب رفضنا أن نكون جزءا منه.

* ما قصة تأسيس حزب العدالة والديمقراطية الليبي؟

- حزب العدالة والديمقراطية أسس في عام 2005 في باريس ثم انتقل إلى ليبيا، وهو أول حزب ليبي يتم إنشاؤه في ليبيا منذ 1969، وكان نتيجة لذلك أن نظام القذافي قام باغتيال والدي في ليبيا، الشيخ شلوف، بعد شهرين من إنشاء الحزب، لأن القذافي كان يعتبر إنشاء حزب السياسي، أو تجمع يضم أكثر من 3 أشخاص، خيانة عقوبتها الإعدام.

* هل تتوقع أن ينشأ مزيد من الأحزاب في ليبيا خلال الفترة القادمة؟

- أولا، بكل تأكيد نتمنى أن يتم إصدار قانون سريع بعد صياغة الدستور الليبي، بحيث ينظم هذا القانون، وفقا للقواعد الدستورية الحديثة التي تسمح بحرية الأحزاب وحرية الرأي وحرية التعبير وحرية التجمع، ومن ثم نأمل أن يتم إنشاء أحزاب في ليبيا. وهذه الأحزاب ستكون فرصة لوضع برامج عمل مستقبلية للسياسة الليبية والتنافس الحر بين الأحزاب، وكذا الحزب هو وسيلة للقضاء على القبلية، لأن الحزب يجمع آيديولوجيا كل المواطنين من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب دون أن يكون هناك العنصر القبلي أو العنصر الجهوي. وبمجرد وضع الدستور سنطالب بحرية الرأي وحرية عمل الأحزاب والجمعيات الأهلية.

* ما نوع القنوات السياسية التي يعتمد عليها الحزب؟

- لدينا تصورات كثيرة مع الإخوة الليبيين في الداخل والخارج، ومع التنظيمات الليبية، بما فيها التنظيمات التي تقاتل في الوقت الحالي. ونحن نحاول من خلال ذلك أن يكون هناك اتصال وتبادل للرأي بين الليبيين المعنيين، ونحذر من كل ما يحدث ونحاول أن نوضح لهم ماهية الإعلان الدستوري الذي قام به المجلس الانتقالي ورفضناه، ورفضنا المادة التي جعلت تغيير الإعلان الدستوري مقتصرا على المجلس الانتقالي نفسه. وقلنا نحن لسنا في حاجة إلى إعلان دستوري، وإنما في حاجة إلى دستور، وقد تجاوب الليبيون معنا. لا ننسى أن هناك عدة مشاريع للدستور من عدة تنظيمات ليبية، بما فيها جماعة الإخوان المسلمين والمجلس الانتقالي أيضا، ولكن نحن نقول إنه لا يمكن القبول بمثل هذه المشاريع إلى أن تتحرر ليبيا، وأيضا ريثما تتم صياغة دستور جديد وعصري وباشتراك الأمم المتحدة، وأن يتم الاستفتاء عليه تحت إشراف المجتمع الدولي ومنظماته.

* هل شارك الحزب في العلميات المسلحة ضد نظام القذافي؟

- الحزب ليس حزبا عسكريا؛ هو حزب سياسي مدني فقط ولم يشارك في أي عملية عسكرية، لكن له أنصار ومؤيدون يعملون مع الثوار وفي جميع المناطق للتخلص من كل ما يتعلق بنظام القذافي المنهار. أنا أصلا من منطقة الزنتان، ومعي قيادات أخرى من المؤسسين وغيرهم من مدن درنة وطبرق وطرابلس وغيرها، والحزب يشمل جميع المدن الليبية. وبعد سقوط نظام القذافي ستتم بلورة الحزب من جديد، وإعادة إنشاء هيئة إدارية له لإدارته من جديد، وإجراء انتخابات لاختيار رئيسه وفقا لقانون الأحزاب.