المغرب يبدأ إجراءات جريئة لإصلاح القضاء وقاض واحد للبت في النزاعات البسيطة

وزير العدل: جميع ملفات الفساد المالي أحيلت إلى القضاء.. وإلغاء تدريجي لعقوبة الإعدام

TT

أعلن محمد الطيب الناصري، وزير العدل المغربي، عن إجراءات جديدة تهدف لإصلاحات جريئة للقضاء في المغرب، ولمح إلى أن البلاد في طريقها إلى إلغاء تدريجي لحكم الإعدام، كما أشار إلى أن جميع ملفات الفساد المالي في مؤسسات حكومية تمت إحالتها إلى القضاء، كما تطرق إلى موضوع تأسيس «ناد للقضاة» الذي يثير جدلا في الوقت الراهن، وكذلك إلى فتح مكاتب لمحامين أجانب في الدار البيضاء.

وقال الناصري، خلال لقاء صحافي في الرباط أمس، إن الإصلاحات القضائية ستنطلق في بداية سبتمبر (أيلول) المقبل بتطبيق وتفعيل مجموعة من القوانين الجديدة، وسيشمل ذلك سرعة البت في القضايا. وفي هذا السياق، سيحكم قاض منفرد في المحاكم الابتدائية بدلا من ثلاثة قضاة، كما ستكون هناك غرف استئناف في المحاكم الابتدائية، لضمان سرعة البت في النزاعات البسيطة.

وأشار الناصري إلى أن جميع قضايا الفساد المالي في مؤسسات الدولة وزعت على مختلف المحاكم المغربية، وهي قضايا تشير أصابع الاتهام فيها إلى مسؤولين حكوميين، وقال إن النيابة العامة أحالت الملفات في معظم الحالات إلى الشرطة القضائية، التي قد يتطلب بحثها ما بين ستة إلى ثمانية أشهر، وتوقع أن تحال الملفات بعد ذلك إلى قضاة تحقيق. وأشار إلى أنه سيتم تدريب قضاة على قضايا الجرائم المالية والفساد المالي، وقال إن مجموعة أولى من هؤلاء القضاة تتكون من 50 قاضيا سيتم تدريبهم داخل وخارج المغرب. وتطرق الناصري إلى الأوضاع المالية للقضاة، وقال إن الوزارة تعمل على تحسين أوضاعهم المادية، لكنها لم تستطع تحقيق ذلك حتى الآن، في إشارة إلى عدم تجاوب وزارة المالية مع هذه المساعي.

وتحدث الناصري حول مبادرة مجموعة من القضاة إلى تشكيل «ناد للقضاة» حيث لم يسمح لهم بعقد الاجتماع التأسيسي في إحدى القاعات في الرباط، فاضطروا إلى عقده في الشارع وانتخبوا لجنة للنادي، وقال الناصري إن من حق القضاة تشكيل جمعيات مهنية كما ينص على ذلك الدستور الجديد، لكنه استدرك قائلا إنه لا يعرف لماذا منعوا من عقد اجتماعهم، وما إذا كان الأمر له علاقة بعدم احترام الإجراءات القانونية في الحصول على إذن بعقد الاجتماع، أو ربما لأن القانون التنظيمي الخاص بتكوين جمعيات مهنية لم يصدر بعد، بيد أنه شدد على أن وزارة العدل ليس لها أي اعتراض على المبادرة لأنها تنسجم مع الدستور.

وردا على سؤال حول فتح مكاتب لمحامين أجانب في الدار البيضاء، حيث بادرت ثلاثة مكاتب محاماة بريطانية لاتخاذ هذه الخطوة، قال الناصر إن هذه المكاتب تعمل على شكل شركات للاستشارة القانونية، وهذا وضع قانوني، لكنه ربما في جزء من عملها لا تحترم القانون، مؤكدا أنها لا تستطيع أن تمثل أو تدافع عن أطراف أمام المحاكم، لأن ذلك يتطلب أن يكون المحامون مسجلين لدى هيئات المحامين المغاربة.

وأقر الناصري بوجود بعض المعوقات للاستثمار الأجنبي، وقال إنه خلال اجتماع مع سفراء الاتحاد الأوروبي تم التركيز على التعقيدات الإدارية والفساد القضائي، وشدد على أن الوزارة حرمت على نفسها التدخل في القضايا المعروضة أمام المحاكم، لكنه أشار إلى أن الفساد في جميع القطاعات ظاهرة عامة ولا يقتصر على القضاة، وقال إن الفساد موجود وسط المحامين والخبراء، وإنهم يعملون على محاربة هذه الظاهرة. وتطرق لحملة نظمت وسط قطاع المحامين لمحاربة ظاهرة التصرف في أموال الزبائن التي يحصلون عليها عبر أحكام قضائية.

وإجابة عن سؤال يتعلق بموضوع إلغاء عقوبة الإعدام، وهو ما تطالب به كثير من المنظمات الحقوقية في المغرب، قال الناصري إن من بين الإصلاحات في مجال القضاء قرب صدور قانون جنائي الجديد، يحدد الجرائم التي يمكن أن تؤدي إلى عقوبة الإعدام في عشر جرائم بعد أن كانت 30 جريمة، مشيرا إلى أن القانون ينص كذلك على ضرورة صدور الحكم بإجماع القضاة، ويعطي حق الفيتو لأي قاض من قضاة المحكمة بتعطيل صدور الحكم، وقال إن الغرض من هذه التعديلات هو الحد التدريجي من عقوبة الإعدام.

وفي موضوع آخر، قال محمد الناصري إن القوانين الجديدة ستتيح لأي متهم أن يلتقي بمحاميه بعد 24 ساعة من اعتقاله لدى الشرطة، مشيرا إلى أن ذلك سيتم مستقبلا بعد الاعتقال مباشرة.

ودحض الناصري (مستقل) أن يكون البدء في تطبيق مشروع إصلاح القضاء له علاقة بترشيح نفسه للانتخابات، وقال جازما: «لن أترشح للانتخابات، والعمل الذي تبادر به الوزارة لا علاقة له على الإطلاق بالانتخابات.. كل ما هناك أن العاهل المغربي الملك محمد السادس أعلن في أغسطس (آب) من العام الماضي عن إطلاق مبادرة مشروع إصلاح القضاء، والآن بعد سنة نلتقي (مخاطبا الصحافيين) لإخطاركم حول ما حدث»، ولمح الناصري إلى أن موضوع إصلاح القضاء يتطلب وقتا، «لأنه ليس أمرا هينا»، على حد تعبيره.