لبنان: خلافات حول الكهرباء ترجئ انعقاد مجلس الوزراء.. وميقاتي واثق من تضامن حكومته

نائب في كتلة عون لـ «الشرق الأوسط» : الخلاف سياسي وليس تقنيا.. وليبدأ جنبلاط بالتدقيق المالي في وزاراته

TT

لم تفلح اللقاءات والاتصالات التي سبقت انعقاد مجلس الوزراء أمس لمدة عشر دقائق في القصر الجمهوري في التوصل إلى صيغة توافقية حول اقتراح قانون الكهرباء المقدم من النائب ميشال عون عبر الوزير جبران باسيل. وعلى الرغم من أن الموضوع استمر مادة تجاذب سياسي على طاولة الحكومة أمس، وتحديدا بين وزراء عون ووزراء النائب وليد جنبلاط، فإن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أصر على أن «التضامن الوزاري كان كاملا، وهذا الأمر تمثل بمتابعة البحث في موضوع الكهرباء». ووصف أجواء الجلسة الحكومية بأنها «جيدة»، موضحا أن «الحكومة وجدت لخدمة الناس، وما دامت تقوم بهذه الخدمة فإنها تكون موجودة». وكان النائب جنبلاط استبق عقد الجلسة بموقف حازم، أكد فيه رفضه «الخضوع لمنطق التهديد والابتزاز الذي يستخدم معنا على قاعدة إما أن تسيروا بما نريده وإما الويل والثبور وعظائم الأمور»، لافتا إلى أن «هناك خيارين أمام وزرائه، فإما أن يتم الأخذ بملاحظاتهم على خطة الكهرباء ويحصل اتفاق على أسس واضحة، وإما أن يتمسكوا بتحفظاتهم». وجاء موقف جنبلاط بعد تلويح عون باستقالة وزرائه من الحكومة إذا لم تقر خطة الكهرباء المقدمة من الوزير جبران باسيل. ولم يقنع كلام وزير الشؤون الاجتماعية وائل أبو فاعور، بعد انعقاد الجلسة القصيرة التي لم تقرر سوى تحديد موعد جديد للانعقاد في السابع من سبتمبر (أيلول) المقبل، بأن الخلاف القائم «تقني»، نواب كتلة عون، الذين أصروا على أن الخلاف «سياسي» وليس «تقنيا».

وردا على مواقف جنبلاط وأبو فاعور، استغرب النائب في كتلة عون زياد أسود، لـ«الشرق الأوسط»، هذه «الغيرة من بعض من هم في الأكثرية الجديدة على ما يسمى بالمال العام، على الرغم من أن خطة الكهرباء مأخوذة بكل تفاصيلها من خطة الرئيس سعد الحريري التي حظيت بموافقة كل الفرقاء السياسيين». وأوضح أن «ما فعله العماد عون هو أن قدم هذه الخطة تحت عنوان «اقتراح قانون» للاستعجال في وضع حد لهذه المشكلة المتفاقمة منذ عام، و«لإنقاذ مؤسسة كهرباء لبنان من الانهيار».

وأبدى استغرابه «لهذه الاستفاقة المتأخرة على المال العام، الذي يوجهون التهم إلينا تحت ذريعة الحفاظ عليه، علما بأن كل التهم مردودة، وليعودوا إلى حسابات وزارة المهجرين (محسوبة على جنبلاط)»، متهما من يعرقل إقرار الخطة بأنه «يعرقل مصالح تهم كل الأطراف السياسية». ورفض أسود اعتبار أبو فاعور أن الخلاف «تقني» و«ليس سياسيا»، وقال «لو كان تقنيا لتمكنا من وقف الميزانيات المفتوحة لوزارة الأشغال الممسوكة من جنبلاط دون حسيب أو رقيب، ومن وضع حد لتجزئة المبالغ من دون المرور بديوان المحاسبة والأجهزة المعنية»، ودعا جنبلاط «إلى بدء التدقيق من وزاراته، لأن صيفا وشتاء تحت سقف واحد لا يجوزان». وسأل أسود «لماذا لم يشيروا إلى ملاحظاتهم التقنية عندما تم وضع الخطة في حكومة الحريري السابقة؟.. فهل استجدت هذه الملاحظات اليوم وباتوا مطلعين تقنيا؟»، داعيا «الرأي العام اللبناني إلى أن يدرك أن من سرق البلد طيلة 20 عاما هو من يخاف اليوم على المال العام». وكان أبو فاعور، الذي يتولى مهام وزير الإعلام بالوكالة، نقل عن رئيس الجمهورية ميشال سليمان تأكيده خلال جلسة مجلس الوزراء على ضرورة «الاتفاق على مسلمتين، الأولى إيجاد خطة للكهرباء متفق عليها من قبل جميع الكتل النيابية، والثانية إبعاد هذا الأمر عن التجاذبات السياسية»، وهو ما أكده بدوره الرئيس نجيب ميقاتي، مشددا على أن «الأيام المقبلة ستشهد استشارات مكثفة لكي يتم الاتفاق على الخطة». وأوضح أبو فاعور أن «أي جديد لم يطرأ على الاتفاق الذي حصل أول من أمس، وتحديدا حول فريق العمل الذي سينفذ خطة الكهرباء، الأمر الذي حصلت مشاورات بشأنه أمس»، لافتا إلى أن «المشاورات لم تفض إلى اتفاق حول الموضوع، لكن المهم هو نقل الموضوع إلى نصابه الصحيح».

وشدد أبو فاعور على أن «الموضوع ليس خلافا سياسيا، وليس موضوع كرامات، بل المسألة تقنية»، وأشار إلى «اتفاق الجميع على إعطاء هذا الأمر المزيد من الوقت للدرس من دون إدخاله في السياسة». وتعليقا على قول وزير العمل شربل نحاس إن «هناك عقلية ميليشيوية على طاولة مجلس الوزراء أمس»، أعرب أبو فاعور عن اعتقاده بأنه «ما من عقلية ميليشيوية على الطاولة، بل جميعنا يحترم بعضنا بعضا، والمنطق الذي يجب اتباعه من قبل الجميع هو فتح النقاش بين الجميع وليس فرض الأمور». وقال «هناك ملاحظات من قبل طيف واسع من الوزراء، وإذا كانت لوليد جنبلاط بعض الملاحظات، أليس هو شريكا في الحكومة ويحق له إعطاء رأيه، أم سيتم فرض الأمور فرضا؟»، مؤكدا «اننا ملتزمون بالخطة، لكن هذا لا يعني مصادرة حق الكتل النيابية في مناقشة الأمور». ودفعت اللقاءات والاتصالات التي سبقت انعقاد مجلس الوزراء ومتأخرا عن موعده، رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى إرجاء الجلسة التشريعية لمجلس النواب والتي كانت مقررة قبل ظهر أمس بسبب عدم اكتمال النصاب، إذ بلغ عدد النواب 52 نائبا، في ظل غياب الحكومة التي اقتصر تمثيلها على الوزير نقولا فتوش. وأثار قرار التأجيل امتعاض قوى المعارضة، فوصف النائب مروان حمادة الحكومة بأنها «ساقطة»، وتوجه للوزراء بالقول «فترة السماح انتهت، وحتى زملاء لكم يدركون ذلك، فنصيحتي أن ترحلوا قبل سقوط الحصن الأخير (باب عزيزية) هذه الحكومة».