أصوات معارضة تنادي بتدخل الناتو في سوريا.. للمرة الأولى منذ بدء الانتفاضة

ناشطون يحذرون من تصدير طريقة المقاومة المسلحة من ليبيا إلى سوريا

صورة مأخوذة من أحد المواقع الالكترونية لأهالي بلدة جاسم في حوران لدى تشييع أحد أبنائهم المجند بسام الحلقي أمس
TT

للمرة الأولى منذ بدء الانتفاضة السورية، بدأت تسمع أصوات معارضة تطالب بتدخل عسكري لحلف شمالي الأطلسي (الناتو) لوقف العنف المستمر ضد المدنيين، فيما يبدو أنه رد فعل على انتصار الحلف في ليبيا والإطاحة بالعقيد معمر القذافي.

وطالب المتظاهرون في مدينة حمص بحظر جوي، حيث رفعوا لافتات في مظاهرة مسائية خرجت بعد صلاة التراويح أول من أمس الثلاثاء تطالب بتطبيق حظر جوي على سوريا، وذلك بعد أنباء عن حصول انشقاقات كبيرة في الجيش في حي بابا عمرو، وعن تصعيد عمليات الجيش والأمن. كما رفع المتظاهرون لافتات صفراء كتب عليها «SOS»، أي إنهم بحاجة لإغاثة إنسانية. وطالب متظاهرون في مناطق أخرى بدخل قوات عربية؛ حيث رفعوا لافتات كتب عليها: «نطالب بدرع الجزيرة لحمايتنا»، بحسب ما أظهرته مقاطع فيديو بثها ناشطون على موقع «يوتيوب».

ووفقا لمعلومات صحيفة «دي تسايت» الألمانية الأسبوعية التي تصدر اليوم، فقد طالب ممثلون قياديون للحركة الاحتجاجية في مدينة حمص السورية بتدخل عاجل لحلف الناتو، علما أن المعارضة السورية كانت ترفض من قبل أي تدخل خارجي. وقال مسؤولون عن تنظيم المظاهرات، لمراسل «دي تسايت»، في خبر نشر على موقع المجلة الإلكتروني أمس: «إن الأوضاع الإنسانية في حمص أصبحت مأساوية بشكل متزايد»، مناشدين الغرب بفرض حظر جوي على حمص.

وذكر ضابط مخابراتي رفيع المستوى للصحيفة الألمانية أنه يوجد في المدينة 32 مقبرة جماعية و25 مدرسة يتم استخدامها كمعسكرات اعتقال مؤقتة. ووفقا لبيانات الضابط، فقد بلغ عدد المعتقلين في سوريا بأكملها حاليا 120 ألف معتقل. وقالت المجلة إن مراسلها في حمص شاهد قيام قوات الأمن السورية بإطلاق النار على المتظاهرين السلميين. ووفقا لبيانات المراسل، قتل 4 أشخاص من المتظاهرين وأصيب 40 آخرون.

ويعتقد كثيرون أن سقوط القذافي يمهد الطريق على الأرجح نحو زيادة الاهتمام الغربي بسوريا وتشجيع الاحتجاجات المناهضة للرئيس بشار الأسد. كما أن انهيار حكم القذافي بعد 6 أشهر من الحرب الأهلية، استفاد فيها المتمردون من العقوبات على العقيد الليبي وفرض منطقة حظر طيران وغارات جوية لحلف شمالي الأطلسي، قد يكون له آثار على 6 أشهر من الثورة السورية وجهود الأسد لسحقها.

وقال المعارض السوري البارز لؤي حسين في تصريح لـ«رويتز» إن «المجتمع الدولي سيعتبر أن تدخله القوي في الصراع (في سوريا) ممكن أن يحسم الأمر». وأضاف أن «ليبيا رفعت من معنويات الغرب وسيكون لديها ذريعة أكبر للتدخل». ولكنه شدد على رفض «أي عمل عسكري في سوريا». وقال حسين ونشطاء آخرون في المعارضة إنه مهما يكن، فإن أحداث طرابلس ستنعش آمال المتظاهرين السوريين.

من جهته، قال المعارض السوري البارز ميشال كيلو «إن ما يحصل في ليبيا يعني الكثير بالنسبة لنا.. يعني أن الربيع العربي آت لا شك فيه ويعني أنه ليس هناك حل عنفي للتغيير ويعني أنه لا يمكن للنظام أن يحافظ على صورته التي تمرد الشعب عليها ولا بد له من أن يجد حلولا تتفق مع مطالب الناس مع رغبات الناس وإرادتها ومطالبها ويعني أنه ليس هناك حل لأي مشكلة يمكن أن يتم دون إرادة الشعب». وأضاف كيلو «يعني أن هناك مرحلة تاريخية كاملة قد انتهت، ويجب أن تؤمن وأن تسلم بأنها انتهت، وأن مرحلة تاريخية جديدة تنشأ الآن وهي تسير إلى الأمام، ولن يستطيع أحد إيقافها. فمن الأفضل ملاقاتها في منتصف الطريق وتلبية مطالبها والتفاهم معها ويعني أن العقل الذي لا يرى الواقع سيذهب إلى الواقع وأن الحاكم الذي يريد أن يتأله لن يتحول إلا إلى شيطان».

ولم يقترح أي بلد أن تتدخل قوات حلف شمالي الأطلسي في سوريا كما تدخلت في ليبيا. لكن الغرب دعا الأسد إلى التنحي وفرضت واشنطن عقوبات جديدة ردا على حملته والتي تقول الأمم المتحدة أنها خلقت 2200 قتيل من المدنيين.

وأعربت بعض الشخصيات المعارضة عن خشيتها من أن تشجع نهاية اللعبة في ليبيا المعارضة على رفع الصوت في صفوف المعارضة والدعوة إلى التسلح في سوريا. وقال لؤي حسين الذي اعتقل أثناء الانتفاضة: «أخشى من أن بعض الشخصيات المعارضة الذين هم في عجلة من أمرهم لإنهاء حالة الصراع وإنهاء النظام من تكرار النموذج الليبي. أخشى أن يقولوا إن النموذج الليبي ناجح وبالتالي يلجأ البعض إلى فكرة التسلح». وأضاف: «لكن سنقاوم هذه الطروحات كائنا من كان أصحابها وكيفما جاءت». وقال ميشال كيلو: «لا يعقل أن تحصل كل هذه الأحداث ثم تبقى المعارضة متوقفة عند قصص صغيرة وقليلة الأهمية هي على الأغلب ذات طبيعة شخصية بين قياداتها وبين أعضائها وبين أفرادها».

ومنذ اندلاع الانتفاضة السورية تحاول المعارضة توحيد جهودها أو تشكل مجلسا انتقاليا، وعقدت عدة مؤتمرات مؤخرا في محاولة للوصول إلى مرحلة ما بعد بشار الأسد ولكن الخلافات بينها حالت دون ذلك. لكن ميشال كيلو قال: «يبدو أن المؤتمرات التي تعقد في الخارج قد فقدت أهميتها بالنسبة للداخل لاعتقاد من بالداخل أن هذا الذي يجري في الخارج هو شيء هامشي وقليل الأهمية». وأضاف: «الآن نحن لا نريد مجلسا انتقاليا.. أهم شيء في العالم هو ماذا يجب أن نعمل من الآن وحتى يصير في حاجة لنظام بديل.. البديل فعليا هو ماذا يجب أن نعمل في كل يوم لكي نبقى واقفين على أرجلنا ولكي يستمر هذا الشغل».