آلاف المواطنين يتظاهرون ضد القصف الجوي التركي لكردستان

أميركا تؤيده.. وبارزاني يحذر من نتائجه الخطيرة

أكراد يتظاهرون ضد القصف التركي لكردستان أمام القنصلية التركية في أربيل أمس («الشرق الأوسط»)
TT

في الوقت الذي أبدت فيه وزارة الخارجية الأميركية تفهمها ودعمها للقصف الجوي التركي لأراضي إقليم كردستان، وشجب رئيس الإقليم لذلك القصف وتأكيده على أنه وصل إلى حد غير مقبول، انطلقت أمس تظاهرة شعبية حاشدة في مدينة أربيل تنديدا بالقصف الذي أوقع حتى الآن سبعة قتلى وعدد من الجرحى المدنيين من سكان إقليم كردستان.

وتقدم المتظاهرون، الذي رفعوا لافتات تدعو إلى وقف قتل المواطنين المدنيين، نحو القنصلية التركية في أربيل وسلموا مذكرة إلى المسؤولين فيها دعوا خلالها إلى وقف فوري لكل أنواع العمليات العسكرية على الحدود، وبالأخص داخل مناطق الإقليم، معتبرين القصفين المدفعي الإيراني والجوي التركي انتهاكا لحقوق الإنسان ولكافة المواثيق والقوانين الدولية. وأشار الموقعون على المذكرة إلى أن «تركيا في الوقت الذي تدعو سوريا إلى وقف مذابحها ضد السكان المدنيين العزل، فإنها لا تتوانى بنفسها عن قتل الناس المدنيين والأبرياء، وبناء عليه فنحن في تجمع المنظمات المدنية التي يربو عددها على 200 منظمة نعلن عن استنكارنا الشديد لجميع الأعمال العسكرية الجارية على الحدود وخصوصا القصف المدفعي والجوي». ودعا المتظاهرون في مذكرتهم إلى «وقف فوري للقصف والبدء بحوار سياسي لحل القضايا العالقة على الحدود، وتقديم اعتذار رسمي من الحكومة التركية لشعب كردستان ولضحايا القصف الجوي، ونقل الخلافات الحدودية إلى الحكومتين التركية والعراقية لحسمها بالطرق الدبلوماسية».

وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط» ناشد عدنان أنور (رئيس فيدرالية المنظمات غير الحكومية بكردستان والذي قاد تلك التظاهرة) جميع المنظمات وفئات وشرائح المجتمع الكردستاني إلى رفع أصواتهم الاحتجاجية ضد ممارسات الدولتين الجارتين إيران وتركيا من أجل وقف اعتداءاتهما على أراضي كردستان»، داعيا إلى «تكثيف النشاطات الاحتجاجية أمام مكتب الأمم المتحدة لدعوته إلى ممارسة ضغط دولي لوقف تلك الاعتداءات». ولكن الولايات المتحدة أكدت عبر المتحدثة الرسمية باسمها فيكتوريا نولاند، أن «واشنطن تتفهم أسباب القصف الجوي التركي، وأنها تؤيد حق تركيا بالدفاع عن نفسها، وتدعو كلا من العراق وتركيا إلى مزيد من التعاون بهذا المجال».

في غضون ذلك وفي رد فعل غاضب من استمرار القصف التركي أعلن مسعود بارزاني رئيس إقليم كردستان أن «الاعتداءات الإيرانية والتركية بالقصفين المدفعي والجوي وصلت إلى حدود غير مقبولة، ولا نقبل أن يتحول المواطنون المدنيون العزل في إقليمنا إلى ضحايا للنزاعات الدائرة في تلك الدول». وقال بارزاني في بيان وجهه إلى شعبه بهذه المناسبة «تلاحظون بأن الأوضاع في المناطق الجبلية تتعقد يوما بعد يوم، ويتعرض جراءها العديد من المواطنين المدنيين العزل إلى القصفين المدفعي الإيراني والجوي التركي واللذين يلحقان أفدح الأضرار بممتلكاتهم، وكذلك استشهاد وجرح العديد منهم، واليوم نرى أن هذه العمليات تتطور وتستمر ووصلت إلى حد لا يمكننا السكوت عنه» وأضاف بارزاني «إن وجود قوات تابعة لحزبي بيجاك والكردستاني في تلك المنطقة يعطي مسوغا وحجة قوية للدولتين الجارتين لاستمرار تلك الهجمات واللجوء إلى القوة واستخدام الحدود كساحة مواجهة، وهذه أمور لا نعتقد بأنها تخدم القضية الكردية المشروعة، وللأسف في خضم هذه المواجهات لا تحسب الأطراف المعنية أي حساب لمصالح الإقليم وشعبه، وكما أكدنا في السابق ونكرره اليوم بأن إقليم كردستان يتطلع إلى بناء أفضل العلاقات الودية مع جميع دول الجوار، ولم يكن في أي فترة من الفترات طرفا في الصراعات الداخلية لهاتين الدولتين، وسوف لن يتدخل مطلقا في الشؤون الداخلية لهما، ولكننا في الوقت ذاته لا يمكننا السكوت إزاء قتل مواطنينا المدنيين الأبرياء، ونحن كشعب كردستان لا نريد أن تراق قطرة دم واحدة من أي إنسان بريء، وبالمقابل نعتقد بأن الطريق الأمثل لحل الخلافات والمشاكل يكمن في الحوار والحلول السلمية التي يفترض أن يكون خيار الجميع، ولكن للأسف نجد بأن الأوضاع تتعقد مرة أخرى».

ونوه بارزاني في رسالته إلى أنه «في مرحلة معينة من تاريخنا النضالي لجأنا إلى الكفاح المسلح من أجل الدفاع عن شعبنا وأرضنا وكرامتنا، واستطعنا من خلال قدراتنا وطاقاتنا المستمدة من الإرادة الشعبية أن نحقق أمانينا ونحافظ على هويتنا القومية، ولكن المرحلة الحالية تختلف كلية عما سبقتها، ففي عالم اليوم يعتبر الحوار والتفاوض هو لغة العصر وتتغلب على لغة القتل والعمليات العسكرية، ولذلك يجب أن يكون واضحا لدى شعب كردستان بأن الهجمات العسكرية عبر الحدود ستعطي تبريرات لهاتين الدولتين لكي تقوما بعمليات عسكرية داخل الإقليم وتحت أنظار العالم، وأن أية مواجهات تنتج بسبب تلك العمليات فإن المتضرر الوحيد منها سيكون المواطن الكردي، وأنا متيقن بأن الحرب والقتال سوف لن تحل المشاكل، وأنه في النهاية يجب حلها بالحوار السلمي، ولكن إذا اختار طرفا الصراع خيار المواجهة والقتال، فأطلب منهما أن يبعدا شبح هذه الحرب عن حدود إقليم كردستان».