زلزال يهز واشنطن ونيويورك

الأميركيون ظنوه هجوما إرهابيا.. وتوقعات بأن يضرب إعصار «إيرين» الساحل الشرقي

عمال يتجمعون خارج المباني في نيويورك بعد عملية إجلاء عقب الزلزال الذي ضرب الساحل الشرقي للولايات المتحدة (رويترز)
TT

عندما اهتز البيت الأبيض ومبنى الكونغرس ونصب جورج واشنطن ومكاتب وشقق واشنطن العاصمة، ظن كثير من الأميركيين أنه هجوم إرهابي، خاصة لأن أخبارا كانت قالت إن الإسلاميين المتطرفين يخططون لهجوم في الذكرى العاشرة لهجوم 11 سبتمبر (أيلول) التي ستأتي بعد أسبوعين.

وكان الزلزال، وهو الأول من نوعه في الولايات الشرقية، وقع في نحو الثانية ظهرا، خلال ساعات العمل، وخرج عشرات الآلاف من الموظفين والعمال إلى الشوارع. وصدرت الأوامر بإخلاء المباني والمنازل والشقق. وأخلي مبنى وزارة الدفاع، البنتاغون، سريعا، خاصة لأن محطة مترو، قطار تحت الأرض، تمر تحته، ولأن إجراءات أمنية مشددة شملت شبكة قطارات تحت الأرض توقعا لهجمات إرهابية في ذكرى 11 سبتمبر.

وقال ناطق باسم البيت الأبيض، جوس إيرنست، إن الرئيس باراك أوباما «لم يشعر بالهزة»، وإنه أبلغ بالوضع عندما كان يلعب الغولف في جزيرة مارثا فينيارد في ولاية ماساتشوستس، حيث يقضي إجازة الصيف. وأضاف المتحدث: «قلت للرئيس إنه ليست هناك حاليا أي معلومات عن أضرار على مستوى البنى التحتية بما في ذلك المطارات والمحطات النووية».

ولم يتسبب الزلزال في فقد أرواح، أو جروح كبيرة، أو سقوط مبان كاملة. لكنه أدى إلى توقف تلقائي لمحطة مفاعل نووي للطاقة في نورث آنا، في الولاية فرجينيا، على بعد بضعة كيلومترات من مركز الهزة، شمال شرقي رتشموند، عاصمة الولاية.

وقال ديفيد هيكوك، متحدث باسم الهيئة النووية الأميركي، إنه سجلت إشارات إنذار طفيفة في نحو 10 محطات أخرى على الساحل الشرقي. ونقل تلفزيون «سي إن إن» على لسان عالمة الزلازل لوسي جونس قولها: «هذا واحد من أقوى الزلازل التي تضرب الساحل الشرقي منذ عدة عقود. ليس الأول، لكنه أحد أقوى الزلازل المسجلة هنا».

وقال متحدث باسم المعهد الجيوفيزيائي الأميركي إن قوة الزلزال بلغت 5.8 درجة. وإن أي زلزال يعتبر قويا إذا وصل إلى 6 درجات.

وفي واشنطن، اهتزت المباني لعشر ثوان تقريبا من جراء الزلزال. وسارع الناس إلى الأرصفة وحاول كثيرون منهم الاتصال بأقربائهم عبر الهاتف لكن الاتصالات كانت مقطوعة. وشعر ركاب المترو أيضا بالزلزال من دون أن تتوقف الشبكة عن العمل.

وتم إخلاء مبنى البنتاغون بهدوء علما بأنه يضم نحو 23 ألف موظف من مدنيين وعسكريين.

وظل عشرات الآلاف من الناس في الشوارع، ولكن واصلت الطائرات إقلاعها من مطار ريغان الداخلي ومطار دالس الدولي القريبين.

وفي نيويورك، أخلى آلاف الأشخاص مباني في مكاتب وزارة العدل الاتحادية، ونزلوا إلى الشوارع، وتوقف مؤتمر صحافي للمدعي الاتحادي سايرس فانس عندما بدأ المبنى يهتز. وكان فانس يتحدث عن إسقاط التهم عن المدير السابق لصندوق النقد الدولي، دومينيك ستروس - كان، الذي كان اعتقل قبل 3 شهور بعد أن اشتكت نفيساتو ديالو، مهاجرة أفريقية مسلمة من غينيا، بأنه حاول اغتصابها. وقال فانس إنه لا يقدر على تقديم قضيتها لأنها فقدت مصداقيتها بسبب أكاذيب خلال التحقيقات وقبلها. وبسبب الزلزال، اضطر ستروس - كان إلى الانتظار يوما آخر لاستعادة جواز سفره الفرنسي الذي كان صودر منه عندما اعتقل.

وقال مراقبون في واشنطن إن الخوف من هجوم إرهابي جعل كثيرا من الناس يعتقدون، في البداية، أن الزلزال كان هجوما إرهابيا، خاصة مع اقتراب الذكرى العاشرة لهجوم سنة 2001. وقالت صحيفة «واشنطن بوست»: «في واشنطن، بعد 10 سنوات، كل يوم هو 11 سبتمبر. عندما يهتز سقف مكتب، وتسقط الأقلام والأواني يحس الناس بأنه أمر مخيف. ناهيك عن أن يحدث هذا في مدينة مزقها الإرهاب». وأضافت الصحيفة: «تتجه الأفكار فورا نحو هجوم شرير، بدلا من كوارث طبيعية». وقال جون ويليامز، عامل بناء في حديقة لافاييت، أمام البيت الأبيض: «اعتقدت أنه هجوم إرهابي، وأنا هنا في هذا المكان بالذات». وقال: إنه خاف حتى شاهد أخبار الزلزال على هاتفه الجوال. وقالت سارة ساديان، التي تعمل في جمعية إعادة الاستثمار الاجتماعي، وهي تقف قرب وزارة الخزانة: «في البداية، خفت من أنه 11 سبتمبر آخر. لكن، عندما شاهدت الناس يخرجون إلى الشوارع ويقفون ويتحدثون مع بعضهم البعض في هدوء، شعرت بالطمأنينة. يوم 11 سبتمبر لم يكن يوما يدعو للطمأنينة».

وانشغل كثير من الناس بتلفوناتهم وهم يحاولون عبثا الاتصال بالأزواج والأطفال والآباء والأمهات والأصدقاء. وأعلنت شركة «سبرينت نكستل» للاتصالات أن الخدمة كانت بطيئة لبعض الوقت لهذا السبب. وبعد يومين من الزلزال الذي هز الولايات الشرقية، بدأت تتعرض لهجوم إعصاري مع اقتراب الإعصار «إيرين» الذي اجتاح أول من أمس جزرا في البحر الكاريبي ودمر أجزاء منها، ووصل أمس إلى ولاية فلوريدا، فيما أعلنت قيادة القيادة العسكرية الوسطى هناك أنها ستنقل طائراتها إلى ولايات أخرى.

وفي نيويورك، استعدت «وول ستريت»، سوق الأوراق المالية، إضافة إلى قلقها من أبعاد الأزمة المالية، وإغلاقها أول من أمس بسبب الزلزال، وتوقع دفع تعويضات مالية كثيرة وكبيرة بسبب ما يتوقع أن يحدثه الإعصار «إيرين».

وأشارت مصادر مالية هناك إلى أنها تتوقع أن يضرب الإعصار الساحل الشرقي، مع رياح يتوقع أن تبلغ سرعتها 100 ميل في الساعة، مما يمهد لسيناريو أسوأ الكوارث الاقتصادية. وتوقع على الأقل 100 مليار دولار خسائر في المباني والمنشآت المؤمن عليها. بالإضافة إلى الإنتاج المفقود المتوقع، وخسائر في الأرواح، مما يعتبر كابوسا يمكن أن يتسبب في إخلاء أجزاء من واحدة من أكثر الأماكن المأهولة بالسكان في الولايات المتحدة.

وأشارت مصادر مناخية إلى أن الإعصار «إيرين» ربما سيمر بولايات فرجينيا، والعاصمة واشنطن، ونيويورك وبنسلفانيا وماريلاند. وهذا هو أسوأ سيناريو. وربما سترتطم الرياح التي يتوقع أن تصل سرعتها إلى 100 ميل في الساعة بمبنى الكابيتول ونصب جورج واشنطن التذكاري. لكن، لا يتوقع أن تحدث لمثل هذه المباني القوية خسائر. رغم أن إدارة الحدائق والمنشآت التذكارية الاتحادية قالت أمس إنها تفحص نصب جورج واشنطن العالي جدا خوفا من أن يكون زلزال أول من أمس قد أحدث فيه خسائر.

وحتى ليلة أمس، قالت معلومات مناخية إن الإعصار قد وصل إلى المرتبة الثالثة، وهي مرتبة عالية، لكنها أقل من المرتبة الخامسة المدمرة جدا. وإنه بعد أن ألحق الخراب والدمار في منطقة البحر الكاريبي، تسبب الإعصار في أوامر الإخلاء في ولاية كارولينا الشمالية، خاصة في المنطقة الساحلية. وأمس، شوهد الآلاف من الناس يغادرون جزيرة أوكراكوكي، مع استمرار سير العاصفة نحو الساحل الشرقي مع رياح وصلت إلى 115 ميلا في الساعة.

وتتوقع هذه المصادر المناخية أن يكون هذا الإعصار «أقوى إعصار يضرب الساحل الشرقي للولايات المتحدة خلال السنوات القليلة الماضية». وقال فوجت كريغ، مدير الوكالة الاتحادية لإدارة الطوارئ: إن على سكان ولايات وسط المحيط الأطلسي البدء في التحضير لإمكانية وصول «إعصار عنيف» إليهم. وأضاف: «إن الإعصار يمكن أن يكون مدمرا، ويمكن أن يكون عابرا. الوقت مبكر لتأكيد أي من الاحتمالين».