مجلس الأمن يدرس مشروع قرار يفرض حظر أسلحة وعقوبات على النظام السوري

استئناف الجهود الأميركية والأوروبية لإقناع روسيا والصين بالموافقة عليها

جنود سوريون يطلقون النار على المدنيين في صورة مأخوذة من شريط نشر على موقع «أوغاريت»
TT

أطلقت الدول الأوروبية والولايات المتحدة جهودا جديدة لدفع مجلس الأمن على إصدار قرار يدين النظام السوري، يفرض عقوبات على شخصيات بارزة من النظام ويحظر السلاح عنه تحت البند السابع من شرعة الأمم المتحدة، كما يشير إلى محاسبة المسؤولين عن العنف. وبدأت أمس مفاوضات محتدمة بين أعضاء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة حول نص مسودة المشروع التي وزعت مساء أول من أمس. وعبر مصدر أوروبي لـ«الشرق الأوسط» في لندن عن أمله بأن يتم التصويت على القرار نهاية الأسبوع الجاري، إلا أنه عقب أن «الكثير يجري في مجلس الأمن حاليا خصوصا ما يتعلق بليبيا». وأفادت مصادر غربية أخرى بأن هناك جهودا للعمل المكثف من أجل التصويت على القرار قبل انتهاء الأسبوع الحالي، إلا أن مسار المشاورات قد تؤجل ذلك. وأوضح مصدر أوروبي ثان لـ«الشرق الأوسط»: «كلما تزداد التطورات في سوريا سوءا تزداد الضغوط علينا بالتحرك السريع». وأضاف أن قرار التوجه للتصويت سيعتمد على المفاوضات الدائرة بين الدولة العضو في مجلس الأمن، وخاصة جهود إقناع روسيا والصين على عدم استخدام حق النقض، لافتا إلى أن «المؤشرات لا تدل على استخدام الفيتو حاليا».

وهذه المرة الأولى التي يتم بحث فرض عقوبات مباشرة على سوريا في مجلس الأمن وتحت البند السابع منذ بدء الأزمة في سوريا. ففي السابق تم تداول مسودة مشروع قرار يدين العنف في سوريا ويطالب الحكومة بالكف عنه. إلا أن خلافات داخل مجلس الأمن منعت إصدار قرار من مجلس الأمن ليتقرر إصدار بيان رئاسي غير ملزم في الثالث من أغسطس (آب) الجاري.

وقال المصدر لـ«الشرق الأوسط» في لندن، تعليقا على إمكانية موافقة روسيا والصين على مسودة القرار إن «الحكومة السورية فشلت في الاستجابة إلى البيان الرئاسي السابق، وقد حان الوقت الآن لاتخاذ خطوة أكبر واستصدار قرار وليس مجرد بيان». وتراهن الدول الأوروبية على أن تغير روسيا موقفها المتشدد من معارضة فرض عقوبات أممية على النظام السوري، بسبب استمرار العنف والاعتقالات في سوريا، اضافة الى تزايد الاصوات العربية التي تدين العنف. وقال المصدر: «نأمل أن تنظر هذه الدول إلى التطورات (الميدانية في سوريا)، وعدم استجابة الحكومة السورية (لدعوات وقف العنف)، وتساند القرار». وأضاف: «لا تزال المشاورات في موقف مبكر، هناك احتمال أن يغير الروس موقفهم.. القتل والاعتقالات مستمرة، ولا وصول للمساعدات الإنسانية ولا الصحافة». وأوضح مصدر أوروبي لدى مجلس الأمن لـ«الشرق الأوسط» أن «توقيت توزيع مسودة المشروع تزامن مع قرار مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، حرصنا على هذا التوقيت ليكون قرار مجلس حقوق الإنسان داعما لجهودنا». وكان مجلس حقوق الإنسان أصدر قرارا أمس يدين العنف المستخدم ضد المدنيين في سوريا، بالإضافة إلى تشكيل لجنة تقصي لحقائق في سوريا. وانضمت كل من السعودية والكويت وقطر والأردن للمطالبة بعقد الجلسة الخاصة بسوريا في مجلس حقوق الإنسان، وصوتت الدول الأربع لصالح قرار المجلس. وكانت جيبوتي الدولة العربية الوحيدة الأخرى التي لم تضم للدول الأربع، وامتنعت عن التصويت على القرار. إلا أن روسيا والصين عارضتا قرار مجلس حقوق الإنسان، وهناك توقعات بأن يعارضا أيضا مشروع قرار مجلس الأمن.

وبدأت أمس المشاورات بين أعضاء مجلس الأمن الـ15 من أجل التوصل إلى اتفاق على نص مسودة المشروع. وأفاد المصدر الأوروبي المطلع على المداولات في مجلس الأمن أمس بأن الروس والصينيين لم يعبروا في الوهلة الأولى عن رفضهم القاطع للقرار، مما يعني أنه قد يتم تعديل النص بدلا من استخدام حق النقض (الفيتو).

وكانت الدول الأوروبية في مجلس الأمن - بريطانيا وفرنسا وألمانيا والبرتغال - قد قدمت مشروع القرار مع الولايات المتحدة الذي يدعو إلى فرض حظر على الأسلحة على سوريا بالإضافة إلى عقوبات تؤدي إلى تجميد ممتلكات الرئيس السوري بشار الأسد و23 شخصية وشركة تابعة للنظام السوري. كما ينص مشروع العقوبات على منع السفر لكبار المسؤولين في النظام السوري مثل شقيق الرئيس السوري ماهر الأسد، ولكن مشروع القرار لم يدرج اسم الرئيس السوري على الشخصيات التي قد تمنع من السفر.

وهناك توقع بأن تبدي البرازيل والهند وجنوب أفريقيا ولبنان تحفظات على مشروع القرار، ولكنهم قد يختارون الامتناع عن التصويت بدلا من التصويت ضد القرار.

وقال السفير الروسي في الأمم المتحدة فيتالي تشوركين قبل اجتماع المجلس إن الوقت ليس ملائما لفرض عقوبات، في مؤشر جديد على عدم موافقة روسيا على العقوبات، خاصة أنها من أبرز الدول المصدرة للأسلحة لسوريا. أما الصين فأكدت ضرورة إجراء مزيد من الحوار. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية ما تشاوجو قوله في بكين إن «الأطراف يجب أن تسعى إلى حل القضية سلميا وبشكل مناسب عبر الحوار والتشاور». وأضاف أن «مستقبل سوريا يجب أن تقرره سوريا بنفسها». ويقضي مشروع القرار باستهداف سفر كل «المسؤولين عن أو المشاركين في إصدار أوامر والإشراف على وقيادة أعمال القمع العنيفة للمدنيين في سوريا». ومن بين هؤلاء المسؤولين، بالإضافة إلى ماهر الأسد، ابن خال الرئيس السوري رامي مخلوف ونائب الرئيس فاروق الشرع ووزير الدفاع داود راجحة وعدد من كبار المسؤولين في الحكومة السورية وأجهزة الاستخبارات.

وتشمل لائحة المؤسسات المدرجة في العقوبات المحتملة وتجميد الأموال إدارة المخابرات العامة و3 شركات بينها مؤسسة الإسكان العسكرية التي تسيطر عليها جزئيا وزارة الدفاع وشركتي «البناء العقارية» و«المشرق للاستثمار» اللتين يسيطر عليهما رامي مخلوف.

وتدين مسودة القرار «بقوة الانتهاكات الخطيرة والمنهجية لحقوق الإنسان من قبل السلطات السورية مثل الإعدامات التعسفية والاستخدام المفرط للقوة وقتل واضطهاد المحتجين والمدافعين عن حقوق الإنسان»، كما يطالب «بوقف العنف فورا».

ويذكر أن مسودة المشروع الحالي لا تذكر قطاع النفط والغاز السوري ولا تهدف إلى فرض عقوبات عليه، مثلما حدث مع ليبيا. كما لا يدعو مشروع القرار إلى دور خارجي لمنع العنف في البلاد، وهذا ما حدث مع ليبيا مما أدى إلى العمليات العسكرية لحلف الشمال الأطلسي (الناتو).