الغرب يأمل أن تمول عملية الإعمار ذاتيا وأن يبحث الليبيون عن طريقهم بمفردهم

عبد الجليل يعد بأن تكون الأولوية في مشاريع إعادة إعمار البلاد للدول التي ساعدت الثورة

احد الثوار الليبين قرب طائرة كان قد قصفها الموالين لكتائب القذافي أمس (رويترز)
TT

وعد مصطفى عبد الجليل، رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي، الهيئة السياسية للثوار، بأن تكون الأولوية في مشاريع إعادة إعمار البلاد للدول التي ساعدت الثورة الليبية «كل حسب ما قدم».

وقال عبد الجليل في مؤتمر صحافي في بنغازي «الدول التي أنفقت الأموال لحماية المدنيين الليبيين سيكون لها الحظوة الأولى في مشاريع التنمية في ليبيا (...) كل حسب ما قدم» للثوار، حسب ما جاء في وكالة الصحافة الفرنسية.

ويواجه حكام ليبيا الجدد وحلفاؤهم الأجانب مهمة صعبة مع الانتهاء الفعلي لحكم العقيد الليبي معمر القذافي الذي استمر 42 عاما، والمتمثلة في استعادة النظام وبدء الإعمار وتجنب الانزلاق إلى صراعات وفوضى.

وسيكون السماح للحكومة الانتقالية في ليبيا بالحصول على الأصول الليبية المجمدة واستئناف صادرات النفط مهما، ويأمل الغرب أن تكون عملية الإعمار ممولة ذاتيا بدرجة كبيرة، لكن هناك مجموعة أخرى من التحديات الملحة.

ويتعين على المجلس الوطني الانتقالي الآن والحكومات الأجنبية وشركات النفط ومنظمات الإغاثة وغيرها من المعنيين التسابق لملاحقة التطورات.

وقال ديفيد هارتويل محلل الشرق الأوسط في «اي إتش إس جينز»: «ما يحدث عادة في مثل هذه الحالات أن التخطيط لمرحلة ما بعد الحرب لا يواكب التخطيط للصراع نفسه». وأضاف «سيكون هناك الكثير الذي يتعين عمله»، في تقرير لـ«رويترز».

وفي ليبيا، ينظر حاليا إلى أن استعادة الأمن هي الأكثر إلحاحا، لكن ذكريات ما حدث في العراق ما زالت حية في أذهان المخططين لمرحلة ما بعد الحرب. ولا يرغب الليبيون أو الدول التي تدخلت في نشر قوات أجنبية في البلاد في تدخلات أجنبية في الحالة الليبية.

ونظرا للمشكلات التي تواجهها التدخلات الأجنبية بقوات كثيفة في مناطق أخرى، يرى البعض أن هناك ميزات في ترك الليبيين يبحثون عن طريقهم بمفردهم. لكن ذلك يتطلب تحقيق توازن صعب عجزت عنه القوى الغربية بعد تدخلات أخرى في الفترة الأخيرة. ويقول المعارضون إنهم كانوا يدربون الآلاف من أفراد الأمن في مدينة بنغازي الشرقية وهم مستعدون لنقلهم إلى طرابلس لاستعادة النظام، لكن المحللين يشككون في مدى جاهزية هذه القوات أو حتى في وجودها أصلا.

وقد يعرض حلف شمال الأطلسي المساعدة في نقلهم إلى غرب ليبيا بحرا أو جوا، لكن لا يعرف ما إذا كانوا سيستقبلون بالترحاب هناك. وكان المعارضون من غرب ليبيا الذين استولوا على طرابلس كثيرا ما ينتقدون نظراءهم في شرق البلاد بسبب ما اعتبروه تباطؤا في التقدم، كما أن ولاءهم للمجلس الانتقالي مشكوك فيه.

وقال نيكولاس جفوسديف، أستاذ دراسات الأمن القومي في الكلية الحربية البحرية الأميركية، إن «تفكيك الجماعات المعارضة المسلحة سيكون ضروريا بدءا - إن أمكن - بجمع أي سلاح قامت دول حلف شمال الأطلسي بتوزيعه على الجماعات المعارضة».

ويتعين على الغرب التحول من الجهود العسكرية إلى تأييد أشمل للجهود الليبية الرامية إلى تحقيق الاستقرار وإعادة الإعمار.

وقال دانيال كورسكي من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية «كل ذلك سوف يستفيد من الخبرة الغربية لكن بناء على طلب ليبي وفي مهمة تهيمن عليها القوى الإقليمية». وأضاف «الغرب يحتاج الآن للمساعدة في حشد المجتمع الدولي كما فعل في العراق وأفغانستان».

وقال كورسكي إنه حتى لو لم يتم نشر قوات غربية فقد يكون من المفيد وجود مهمة مراقبة غير مسلحة يمكن أن يكون أغلب أفرادها من أعضاء جامعة الدول العربية أو الاتحاد الأفريقي.

كما أن البنية الأساسية ستحتاج لإصلاح واسع كذلك، وليس فقط لإصلاح الأضرار التي أحدثتها الغارات الجوية. فرغم إنفاق القذافي الملايين على الطرق والفنادق وغيرها من المشاريع بقي أغلب أجزاء ليبيا يعاني من نقص التنمية.

ويشعر أبناء شرق ليبيا تحديدا بأنهم حرموا من التنمية، ومعالجة مشاكلهم دون أن تتصاعد التوترات بين الشرق والغرب سيكون صعبا.

ومن شأن استئناف صادرات النفط سريعا أن يساعد في تمويل إعادة الإعمار وتحريك الاقتصاد وهو أمر حيوي إذا أرادت قيادة المعارضة الاحتفاظ بشرعيتها وتجنب أي اضطرابات جديدة.

ويحرص المجلس الوطني الانتقالي على إعطاء صورة تتسم بالاستمرارية وقال المسؤول المختص بإعادة الإعمار لـ«رويترز» أول من أمس إن الحكومة الجديدة ستلتزم بجميع عقود النفط المبرمة في عهد القذافي ومنها عقود مع شركات صينية وروسية.

وأضاف «إننا نركز حاليا على الاستقرار.. وكيف يستقر الوضع الأمني.. وتقديم الخدمات للناس والدعم الإنساني».

وتابع قائلا «عندما تكون الحكومة سليمة يكون الاقتصاد سليما.. ينبغي عمل كل تلك الأشياء والتركيز عليها ثم الانتقال بعد ذلك إلى إعادة التأهيل». وتوقع الجهاني أن تستغرق جهود إعادة البنية التحتية للنفط والصناعات الأخرى إلى وضعها الطبيعي تسعة أشهر على الأقل.

وأشار بعض المراقبين إلى أن شركات الدول التي ساعدت المعارضين عسكريا ربما تستفيد بدرجة أكبر في حين تعاني شركات من روسيا والصين اللتين لم ترغبا في التدخل.

وقالت منظمة غلوبال ويتنس العالمية لمكافحة الفساد إنه يتعين الالتزام بالعقود المبرمة في عهد القذافي في الوقت الراهن، لكنها دعت إلى تأجيل منح عقود جديدة حتى إجراء الانتخابات ووضع دستور واقترحت أن تتم على الأقل إعادة النظر في الصفقات السابقة.

وقالت إن وضع نظام شفاف يعطي الليبيين الثقة في أن الإيرادات توجه لصالح البلد بأسره قد يكون حاسما في تجنب صراعات جديدة.

وقال بريندان أودونيل من «غلوبال ويتنس» في لندن «كان الاستياء الشعبي واسع النطاق من سوء استخدام المال العام والإيرادات من الأسباب الرئيسية وراء اندلاع انتفاضات الربيع العربي وتتعين معالجة ذلك».