علي فرزات.. ريشة الثورة السورية

عرف عنه معارضته الشرسة لنظام الحكم في سوريا ومطالبته الدائمة بتحقيق الديمقراطية

TT

يعتبر علي فرزات «ريشة الثورة السورية» الذي دأب على انتقاد النظام عبر رسومه الكاريكاتيرية الساخرة، وقد جذب آلاف الشباب السوريين إلى صفحته على موقع «فيس بوك» وعلى موقعه «الدومري»، وأدار معهم منذ نحو عام حوارا واسع الطيف وكأنه برلمان مفتوح، عبر فيه الجميع عن آرائه المعارضة والمؤيدة على حد سواء. وكان النقاش يحتدم ليستمر طيلة ساعات اليوم مع مئات من التعليقات والمداخلات. كان علي فرزات خلاله يلعب دور المايسترو، يحرضهم على التفكير تارة، ويخفف من الاصطدام لصالح الاستمرار في الحوار بهدف الوصول إلى نقطة تلاق منطقية.

إلا أن هناك من كان لا يعجبه ذلك فينسحب من الصفحة لينشئ صفحة تدعو إلى محاكمة علي فرزات، فضلا عن إرسال سيل من رسائل التهديد والوعيد وأحيانا رسائل ترغيب لحضه على الكف عن توجيه النقد اللاذع سواء في مداخلات أو في رسوماته التي صارت ترفع في المظاهرات ضد نظام الرئيس بشار الأسد. ولعل أشهرها ذلك التي يصور الأسد يغمض عينيه وهو يقطع ورقة يوم الخميس من الروزنامة كي لا يرى ورقة يوم الجمعة. وأيضا رسم تظهر فيه دبابة النظام متوجهة نحو الجولان وقد عقدت سبطانتها، وغيرها الكثير الكثير من الرسوم كانت سببا كافيا ليقول الأسد أمام أحد الوفود الشعبية التي التقاها إن علي فرزات «كان صديقي وتوسطت له كي يصدر جريدة (الدومري) لكنه طعنني في الظهر». كلام تمنى فرزات أن يكون غير دقيق في لقاء خاص مع قناة «العربية» مؤخرا، كما تمنى أصدقاؤه أن لا يكون صحيحا تعرضه للاعتداء من قبل «الشبيحة» الذين سبق ورسمهم في إحدى لوحاته ويظهر فيها مواطن سوري بعد تعرضه للضرب من قبل «الشبيحة» وعلى ظهره آثار رفس حمير. كان أول رسم احترافي للفنان علي فرزات الذي يتحدر من مدينة حماه السورية، نشر في جريدة «الأيام»، قبل أن يبدأ دراسته للرسم في كلية الفنون الجميلة في جامعة دمشق، ليصبح بعدها رئيسا لرابطة رسامي الكاريكاتير العرب، وتبدأ رسوماته في الظهور على صفحات جريدة «لو موند» الفرنسية. حصل فرزات على العديد من الجوائز العالمية أبرزها الميدالية الذهبية لأفضل رسام كاريكاتير عربي من مؤسسة الشرق الأوسط، والجائزة الأولى في مهرجان صوفيا الدولي في بلغاريا. وانتخب في عام 1994 كأحد أفضل خمسة رسامي كاريكاتير في العالم في مهرجان مورج - سويسرا.

وعرف عن فرزات معارضته الشرسة لنظام الحكم في سوريا ومطالبته الدائمة بتحقيق الديمقراطية. وتبلور نفسه المعارض للنظام في رسوماته بشكل خاص بعد وصول الرئيس بشار الأسد إلى السلطة عام 2000، وتحديدا بعد زيارة قام بها الأسد لأحد معارضه في المركز الثقافي الفرنسي في وسط دمشق. وطلب فرزات منه حينها الحصول على ترخيص رسمي لإنشاء جريدة ناقدة باسم «الدومري»، تعنى بمتابعة أخطاء المسؤولين وفضحها بأسلوب ساخر، فمنحه الأسد الترخيص وبدأت الجريدة بالصدور بشكل أسبوعي. ومع انتقادها أداء المسؤولين بشدة، أصدر وزير الإعلام السابق عدنان عمران أواخر شهر يوليو (تموز) 2003 قرارا بإقفالها بحجة «مخالفتها قانون المطبوعات»، ومنع بالتالي أي مطبعة من طباعة الصحيفة. وتساءل فرزات حينها: «كيف يغلق رئيس مجلس الوزراء جريدة صدر ترخيصها بمرسوم، وما هذا النشاط الذي حلّ على الوزارة لتستقصي وتجمع وتغلق العدد في ساعتين». ومنذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية المطالبة بسقوط النظام السوري، بدا موقف علي فرزات واضحا بالانحياز إلى الشعب ودعم مطالبه، وكانت له مواقف علانية، إذ انتقد عبر إحدى الوسائل الإعلامية الحل العسكري الذي يعتمده النظام السوري. وقال: «إذا كان النظام يريد أن يخرج من الحفرة التي هو فيها حاليا فعليه أن يوقف الحفر»، مشككا في «إمكانية خروجه بعد سقوط أعداد كبيرة من القتلى والضحايا منذ بداية الانتفاضة ضد النظام». وأضاف: «النظام لم يتعلم مما يجري حوله، فالثورة في تونس تمت قبل شهور، ولم ينتبه أحد ويبدأ إجراءات جدية للإصلاح، والأسد نفسه تحدث عن الإصلاح منذ أربع سنوات، ومع ذلك لم تتم أي إجراءات جدية على الأرض».