تشيني يقول إنه شجع بوش على قصف سوريا عام 2007

انتقد في مذكراته رايس وباول وكشف عن خلافات في إدارة بوش

ديك تشيني
TT

يقول نائب الرئيس الأميركي السابق ديك تشيني في مذكرات جديدة إنه شجع الرئيس جورج دبليو بوش كي يقصف مفاعلا نوويا سوريا مشتبها فيه خلال يونيو (حزيران) 2007. وكتب أن بوش فضل منحى دبلوماسيا بعدما أعرب مستشارون آخرون عن مخاوفهم، إذ كانوا ما زالوا يعانون من «الاستخبارات السيئة التي حصلنا عليها عن مخزون أسلحة الدمار الشامل لدى العراق».

وكتب تشيني عن اجتماع عقد حول القضية: «دافعت مرة أخرى عن القيام بعمل عسكري أميركي ضد المفاعل، ولكن كان صوتي وحيدا. وبعد أن انتهيت، تساءل الرئيس: (هل يوجد مَن يتفق مع نائب الرئيس؟) ولكن لم ترتفع يد واحدة في الغرفة».

واختار بوش أن يجرب ضغطا دبلوماسيا لإجبار السوريين على التخلي عن البرنامج السري، ولكن قام الإسرائيليون بقصف الموقع في سبتمبر (أيلول) 2007. وجاء تقرير تشيني عن النقاش في مذكراته التي تحمل عنوان: «في وقتي: مذكرات شخصية وسياسية»، والتي من المقرر أن تنشرها دار النشر «سيمون آند شوستر» الأسبوع المقبل. وقد حصلت صحيفة «نيويورك تايمز» على نسخة من هذه المذكرات.

ويظهر كتاب تشيني نائب الرئيس السابق على أنه شخص له آراء مختلفة ضمن مجموعة من المستشارين البارزين كانوا ينظرون إلى ما يراه على أنه منحى خاطئ في قضايا أمن قومي. وقد كتبت المذكرات بنبرة تحد وفيها أعرب تشيني عن أسف قليل بشأن الكثير من أكثر القضايا المثيرة للخلاف إبان إدارة بوش. وعلى الرغم من الثناء على بوش ووصفه بأنه «زعيم متميز»، يكشف تشيني، الذي اهتم بالمحافظة على سرية المداولات الداخلية إبان توليه منصب نائب الرئيس، عن عدد من الخلافات مع آخرين كانوا ضمن الدائرة المقربة.

وكتب أن جورج تينيت، مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، استقال عام 2004 «عندما أصبح الطريق صعبا»، وهو قرار يصفه بأنه «غير عادل للرئيس». وكتب أنه يعتقد أن وزير الخارجية كولن باول حاول الحد من الرئيس بوش من خلال التعبير سرا عن شكوك إزاء الحرب العراق، وأكد على أنه ضغط لإخراج باول من المجلس الوزاري بعد انتخابات 2004. وكتب تشيني: «بدأ يعتقد أن الطريقة المناسبة للتعبير عن آرائه هي أن ينتقد سياسة الإدارة أمام أشخاص من خارج الحكومة». وأضاف أن استقالته «كانت للأفضل».

وقال إن وزيرة الخارجية السابقة كوندوليزا رايس جانبها الصواب لسذاجتها في جهد للوصول إلى اتفاق حول الأسلحة النووية مع كوريا الشمالية، ويقول تشيني إنه دخل في خلاف مع مستشاري البيت البيض بشأن تهدئة خطابات الرئيس عن العراق.

واعترف تشيني بأن الإدارة استهانت بالتحديات في العراق، ولكنه قال إن العنف سببه الإرهابيون بالأساس. ودافع عن قرار إدارة بوش باستخدام ما وصفها بـ«استجوابات قاسية» - مثل الإيهام بالغرق - مع المشتبه في ضلوعهم في أعمال إرهابية، قائلا إن ذلك ساعد على الحصول على معلومات أدت إلى إنقاذ أرواح. ويعارض وصف هذه الوسائل بأنها «تعذيب».

وفي معرض نقاش «16 كلمة» متنازع عليها عن سعي العراق المفترض للحصول على يورانيوم داخل النيجر جاءت في خطاب حالة الاتحاد ألقاه الرئيس بوش عام 2003 للمساعدة على تبرير الغزو، قال تشيني إنه عكس مساعدين آخرين رأى أنه لا حاجة للاعتذار لذكر هذه المزاعم. وقال إنه في نهاية المطاف اقتنعت رايس برأيه. وكتب قائلا «جاءت إلى مكتبي وجلست على الكرسي المجاور لمكتبي واعترفت والدمع في عينيها بأني كنت على صواب». ويبدأ الكتاب بتقرير عن تجارب تشيني خلال الهجمات الإرهابية في 11 سبتمبر (أيلول) 2001، عندما كان يتولى قيادة رد الفعل الحكومي من غرفة محصنة تحت الأرض أسفل البيت الأبيض فيما لعب بوش دورا هامشيا - حيث كان خارج واشنطن وأعاقه انقطاع في الاتصالات. ولكن قال تشيني إن لم يرد أن يلقي أي بيان رسمي للبلاد في هذا اليوم.

وكتب: «ساعدتني خبرتي الحكومية السابقة على إدارة الأزمة خلال الساعات القليلة الأولى من 9 - 11، ولكني أعرف أني لو خرجت وتحدثت إلى الصحافة سيقوض ذلك من الرئيس، وسيكون ذلك سيئا له وللبلاد». «كنا في حرب، وكان لا بد أن يظهر قائدنا الأعلى في موقع المسؤولية قويا وحازما - كما كان جورج دبليو بوش».

وبدأ تشيني يستلذ بالكثير من الانتقادات الموجهة له من جانب ليبراليين، ولكنه يكشف أنه عرض الاستقالة عدة مرات فيما كان الرئيس بوش يستعد لخوض الانتخابات من أجل ولاية ثانية عام 2004 لأنه كان يخشى من أن يكون عبئا على البطاقة الجمهورية. وقال تشيني إنه بعد أيام قليلة قال بوش له إنه يريد بقاءه.

ولكن في الفترة الثانية لإدارة بوش، تراجع نفوذ تشيني. وعندما قرر بوش أن يستبدل دونالد رامسفيلد كوزير للدفاع بعد انتخابات التجديد النصفي عام 2006، قال تشيني إنه لم يأخذ فرصة للاعتراض.

وأثنى تشيني على دعم باراك أوباما، كسيناتور من ولاية إلينوي، لتمرير مشروع حزمة إنقاذ للمصارف في ذروة الأزمة المالية، قبل انتخابات عام 2008 بوقت قصير. ولكنه انتقد قرار أوباما بسحب الـ33.000 جندي الإضافيين الذين أرسلهم إلى أفغانستان عام 2009 بحلول 2012، وكتب أنه «سعيد بالإشارة» إلى أن أوباما فشل في إغلاق سجن غوانتانامو، بخليج كوبا، كما تعهد.

ويظهر صراع تشيني الطويل مع مرض قلبه أكثر من مرة خلال الكتاب، ويكشف عن أنه كتب خطاب استقالة مؤرخا بـ28 مارس (آذار) 2001، وطلب من أحد المساعدين أن يعطيه لبوش إذا جاءته أزمة قلبية أو سكتة دماغية.

وفي الخاتمة، كتب تشيني أنه بعد خضوعه لجراحة قلب في عام 2010، ظل في حالة إغماء لأسابيع. وكتب أنه خلال هذه المدة كان لديه حلم بأنه يعيش في فيلا إيطالية وأنه يمشي في طرق صخرية ليتناول القهوة ويشتري صحفا.

* خدمة «نيويورك تايمز»