عجز تنظيم القاعدة عن ضرب الولايات المتحدة في الأعوام الـ10 الماضية

يستغل الأزمة اليمنية في ممارسة أعماله الإرهابية حاليا في اليمن

TT

أضعفت الحرب التي تقودها الولايات المتحدة الأميركية ضد الإرهاب، ولكنها لم تستطع القضاء على تنظيم القاعدة، إذ إنه ما زال يمارس نشاطه الإرهابي في اليمن، مستغلا الأزمة اليمنية في إحداث ضربات متتالية على الجيش اليمني. ويبدو أن عجز تنظيم القاعدة عن ضرب الولايات المتحدة في الأعوام العشرة الماضية التي أعقبت هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) 2001، يظهر أن «الحرب على الإرهاب» قد أثبتت فعاليتها، وإن كانت الحكومة الأميركية لا تزال تسعى حثيثا إلى تحسين إدارة جهود مكافحة «الإرهاب»، حسبما ذكرت وكالة الأنباء الألمانية نقلا عن بعض الخبراء أمس. فالحرب العالمية التي تقودها الولايات المتحدة ضد «الإرهاب» أضعفت تنظيم القاعدة الذي كان يقوده زعيمه الراحل أسامة بن لادن، وجعلته غير قادر بصورة كافية على شن هجوم آخر بحجم هجمات 11 سبتمبر 2001، بل إنه لم يستطع شن هجوم كبير ضد أي أهداف غربية خلال الأعوام العشرة الماضية.

يقول جون بايك، المحلل بموقع «غلوبال سيكيوريتي دوت أورج» الإلكتروني للتحليل العسكري: «من الواضح أننا نتخذ خطوات صحيحة».

وأضاف: «لقد نلنا من بن لادن، ولم تتعرض أميركا لأي هجمات كبرى، وبالتأكيد لم تتعرض لهجمات مروعة، منذ الحادي عشر من سبتمبر، كما لم تقع أي هجمات مروعة على مدار أكثر من ستة أعوام».

كان شن هجمات في الدول الغربية هدفا رئيسيا لابن لادن، وآخر هجومين «إرهابيين» كبيرين شهدهما الغرب وقعا في مدريد عام 2004 وفي لندن عام 2005.

بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، أمر الرئيس الأميركي آنذاك جورج دبليو بوش بتدشين أكبر عملية إعادة هيكلة لجهاز الأمن القومي الأميركي منذ الحرب العالمية الثانية، وأنشأ وزارة الأمن الداخلي لتعزيز الوضع الأمني في البلاد.

كما أنشأ بوش مكتب مدير الاستخبارات الوطنية لتعزيز عمل أجهزة الاستخبارات الأميركية التي يزيد عددها على 12 جهازا. ذلك أن السبب الرئيسي في العجز عن رصد هجمات 2001، التي أودت بحياة نحو ثلاثة آلاف شخص، والحيلولة دون وقوعها قد عزي إلى عدم تبادل المعلومات بين أجهزة الحكومة.

ورغم أن الولايات المتحدة تقيم دفاعات أكبر للحيلولة دون وقوع هجمات «إرهابية»، فإن بعض المحاولات «الإرهابية» تسللت من بين صدوع تلك الدفاعات، ولو نجحت هذه المحاولات لربما كان لها عواقب كارثية.

فبعد ثلاثة أشهر من أحداث سبتمبر 2001، حاول ريتشارد ريد، الذي كان يعيش في لندن، تفجير طائرة متجهة إلى الولايات المتحدة من خلال متفجرات مخبأة في حذائه. غير أن محاولته باءت بالفشل بعد أن منعه ركاب آخرون من تنفيذها، وحكمت عليه محكمة أميركية بالسجن مدى الحياة.

وفي أعياد ميلاد السيد المسيح (الكريسماس) لعام 2009، تردد أن النيجيري عمر الفاروق عبد المطلب، الذي يشتبه بانتمائه لتنظيم القاعدة في اليمن، ركب طائرة متوجهة من مدينة أمستردام الهولندية إلى ديترويت الأميركية وبحوزته متفجرات يخبئها في ملابسه الداخلية. لكن هذه المحاولة باءت هي الأخرى بالفشل، ولا يزال عبد المطلب في السجن الأميركي ينتظر المحاكمة.

وفي مايو (أيار) من العام الماضي، حاول فيصل شاه زاد، وهو مواطن أميركي مولود في باكستان، تفجير سيارة مفخخة في ساحة «تايمز سكوير» بمدينة نيويورك.

بيد أن الفشل كان مصير هذه المحاولة أيضا، حيث لم تنفجر القنبلة، وألقي القبض على شاه زاد أثناء محاولته الفرار من الولايات المتحدة، إذ تقول السلطات الأميركية إنه يعمل لصالح «القاعدة». واعترف شاه زاد بالتهم المنسوبة إليه، ويقضي حاليا عقوبة بالسجن مدى الحياة.

هذه الهجمات تظهر أن «الإرهابيين» لا يزالون قادرين على التغلغل عبر الدفاعات الأميركية والهروب من أعين أجهزة الأمن لفترة كافية لتنفيذ مخطط ما، غير أن «القاعدة» لم تظهر حتى الآن سوى عجزها عن تنفيذ عملية كبيرة في أي مكان في العالم بنفس حجم عملية 11 سبتمبر أو ما يقرب من مستواها.

كما تظهر هذه الهجمات أن تنظيم القاعدة ضعف بشدة، إلى حد أنه لجأ إلى أفراد يعملون بمفردهم بمتفجرات بدائية الصنع لا تعمل.

يقول بايك: «ذلك ليس عملا يستحق الاهتمام، إذا كان أفضل ما يمكنهم فعله هو إشعال النار في ملابسهم الداخلية».

ومع ذلك، لا يزال تنظيم القاعدة نشطا. ورغم أن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة قضى على وجوده على طول الحدود الأفغانية - الباكستانية، فإن التنظيم ظهر في اليمن.

ومنذ ذلك الحين، تكثف الولايات المتحدة جهودها للضغط على عناصر «القاعدة» هناك، خشية أن تجد لها موطئ قدم قويا في اليمن باستغلال حالة الضعف التي تعاني منها الحكومة جراء الاحتجاجات التي تشهدها البلاد.