الداخلية المصرية تنفي إطلاق ضباط السجون الرصاص على المساجين بشكل جماعي

تسجيل مصور يكشف مقتل 100 سجين.. ومصدر حقوقي: القتل العمد استمر بعد تنحي مبارك

TT

نفت وزارة الداخلية المصرية أمس ما جاء في تسجيل مصور (فيديو) «شهداء خلف القضبان» الذي بثته المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، يصور ما قيل إنه رصد انتهاكات وقعت في سجون «طرة» والاستئناف في القاهرة، و«القطا» في الجيزة، و«شبين الكوم» في المنوفية، و«الأبعادية» في دمنهور، خلال أحداث ثورة 25 يناير. وقال مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط» إن التسجيل المصور لا يشير إلى ملابسات الأحداث التي قيل إنها تنطوي على انتهاكات لحقوق السجناء، ومدى دقتها وصحتها للوقوف عليها، مستبعدا أن يكون ضباط السجون قد أطلقوا نيران أسلحتهم بصورة متعمدة ضد السجناء. وأضاف المصدر الأمني أن التحقيقات ما زالت جارية لمعرفة ملابسات وظروف وفاة السجناء، خاصة أن تقرير اللجنة القومية لتقصي الحقائق التي تم تشكيلها في أعقاب انطلاق الثورة، لم يثبت أو يؤكد مسؤولية ضباط الشرطة عن قتل السجناء. وأكد المصدر أن ذلك الموضوع في حاجة إلى مزيد من التحقيقات، خاصة مع هروب نحو 23 ألف سجين من مختلف سجون مصر، مشيرا إلى أنه طبقا لقانون السجون المصرية، من حق إدارة كل سجن إطلاق النار على السجين حال هروبه، دون أن تقع عليها أي مسؤولية جنائية. ومن جانبها، أكدت الباحثة بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية ماجدة بطرس أن التسجيل المصور (فيديو) احتوى على شهادات لأسر سجناء قتلوا بالرصاص الحي داخل حجراتهم في السجون، لم تسجل حالة هروب واحدة من السجناء، وشهادة لسجين بسجن «القطا»، يروي كيفية إطلاق الرصاص المستمر على المساجين، والمعاملة غير الإنسانية لهم، وبقاء جثث القتلى بالأيام داخل (حجرات الحجز).

وتابعت: «اشتمل التسجيل المصور، أيضا على لقطات لآثار الطلقات النارية على جدران حجرات الحبس (الزنازين) وشهادات من السجناء داخل السجون، ويعد أخطر جزء في التسجيل وهو الخاص بسجن الاستئناف ومدته 7 دقائق، وحصلت عليه المبادرة من نادية لطفي شقيقة الشهيد أشرف لطفي الذي قتل في سجن الاستئناف، وفيه يقوم 20 ضابطا بإطلاق الرصاص على المساجين».

وأوضحت «ماجدة» أن أول بلاغ قدمته المبادرة للسلطات المصرية، يوم 9 فبراير الماضي، لأحداث وقعت في سجن «القطا»، تلاه عشرات البلاغات من أسر السجناء، كاشفة عن أنه حتى الآن لم يتم إحالة أي بلاغ إلى المحكمة، مؤكدة أن النيابة العامة تباطأت بشدة بشأن التحقيق في هذه البلاغات.

وقالت ماجدة لـ«الشرق الأوسط»: «إن إطلاق الرصاص الجماعي على السجناء بدأ في 29 يناير واستمر حتى 20 فبراير الماضي، أي بعد تنحي الرئيس السابق حسني مبارك عن السلطة في 11 فبراير»، لافتة إلى أن الأوضاع الأمنية ظلت غير مستقرة داخل السجون حتى نهاية أبريل (نيسان) الماضي.

وعن الخطوات المستقبلية للمبادرة، أكدت «ماجدة» أننا نتابع كافة البلاغات المقدمة من أسر السجناء، ونطالب الحكومة بتشكيل لجنة تقصي حقائق مستقلة، وتحديد المسؤول عن هذه الانتهاكات الجماعية، وتقديم التعويضات الملائمة لأسر المصابين والقتلى من السجناء. كما نطالب النائب العام المصري المستشار عبد المجيد محمود بندب قاضي تحقيق لتولي التحقيقات، على أن يمتد التحقيق ليشمل تقصير النيابة العامة في التعامل مع البلاغات، وإحالة الضباط والمسؤولين الذين توافرت بشأنهم أدلة كافية إلى المحاكمة الجنائية دون إبطاء، ونطالب وزارة الداخلية بوقف جميع الضباط المتهمين بقتل وإصابة السجناء عن العمل فورا، حتى الانتهاء من التحقيق. وأوضحت «ماجدة» أن التسجيل المصور، عرض في الساعات الأولى من صباح أمس، ولم نتلق أي رد فعل من أي جهة رسمية في مصر حتى الآن؛ لكنها توقعت أن يحدث رد الفعل في وقت لاحق. وعن تفسيرها بقيام الشرطة بإطلاق النار على المساجين، قالت «ماجدة» «إن المعلومات التي لدينا تضم 5 سجون حدث بها إطلاق نار جماعي»، لافتة إلى أنه قد يكون الأمر تكرر في سجون أخرى، وبحسب قولها: «لدينا مؤشرات تدل على وقوعها في سجون عديدة».. غير أن «ماجدة» لم تستطع أن تجد المبرر لإطلاق الرصاص على المساجين، بقولها: «لم نستطع حتى الآن الوصول لإجابة واضحة»، مضيفة: «وقت أحداث القتل اتصلنا بمصلحة السجون من أجل وقف إطلاق الرصاص»، فكان رد المصلحة: «إنهم مساجين يحاولون الهروب»، وهو ما نفته الأدلة التي حصلنا عليها، وتشير إلى أنه لا يوجد مسجون واحد نحج في الهروب.