ستروس - كان يواجه دعوى مدنية من خادمة الفندق رغم تبرئته من تهمة الاعتداء الجنسي

محامو الخادمة يطالبون بالتعويض المالي لكرامة موكلتهم كامرأة

مدير صندوق النقد الدولي السابق دومنيك ستروس-كان مع زوجته آن سنكلير اثناء وصولهما الى المحكمة العليا في مانهاتن بنيويورك ( أ ف ب)
TT

بعد أن أصدر المدعي الاتحادي في نيويورك قراره بإسقاط تهمة الاغتصاب التي واجهها مدير صندوق النقد الدولي السابق دومينيك ستروس - كان، يواجه ستروس - كان دعوى قضائية مدنية رفعتها خادمة الفندق نفيسة ديالو أمام محكمة الدولة العليا في برونكس في ما يبدو للحصول على تعويضات مالية.

وكان ستروس - كان قد واجه سبعة اتهامات مثيرة لأكثر من ثلاثة أشهر بالاعتداء واغتصاب خادمة الفندق الأفريقية المسلمة نفيسة ديالو. وبسبب هذه الاتهامات اضطر ستروس - كان إلى الاستقالة من منصبه، وازدادت الشكوك في قدرته على مواصلة مشواره السياسي والترشح لسباق رئاسة الجمهورية في فرنسا ضد الرئيس الحالي نيكولا ساركوزي.

وقد أمر القاضي الاتحادي بإطلاق سراح ستروس - كان بعد دفع غرامة مالية بلغت 6 ملايين دولار، وأنكر ستروس - كان كل التهم الموجهة إليه، وظل قيد الإقامة الجبرية في منزله بنيويورك تحت حراسة الشرطة حتى لا يهرب من الولايات المتحدة. وأسقطت محكمة نيويورك يوم الثلاثاء الماضي جميع التهم الموجهة ضد ستروس، ومنها محاولة الاغتصاب والاعتداء الجنسي والاحتجاز. وقرر القاضي وقف كل الملاحقات بحق ستروس - كان بعد أن أعطت الخادمة شهادات كاذبة أمام المحلفين وتشككت المحكمة في مصداقيتها وأشار الادعاء العام إلى وجود تناقضات في روايتها لتسلسل الأحداث في ذلك اليوم. وأعيدت لستروس الكفالة التي دفعها (6 ملايين دولار)، واسترجع الأسهم التي يمتلكها والتي جرى تجميدها بسبب القضية.

وكان الادعاء قد أوضح أن آثارا للحامض النووي الذي عثر عليه هي لستروس - كان، وإن اتصالا جنسيا عابرا قد جرى لكن لا توجد أدلة أنه كان بالإكراه. وقال ستروس – كان خلال المحاكمة إن ما حدث بينه وبين ديالو جري «بالتوافق وبرضا الطرفين».

لكن يبدو أن القضية لم تغلق بشكل نهائي، فقد رفعت نفيسة ديالو (33 عاما) دعوى مدنية هذا الشهر ضد ستروس – كان (62 عاما) للحصول على تعويض عن الأضرار التي أصابتها بسبب ما وصفته بأنه «هجوم عنيف وسادي» تعرضت له أثناء عملها في الفندق، من دون أن تحدد حجم التعويض الذي تريده. وقد اختارت محكمة برونكس التي تتسم بالمحاباة للطبقات الفقيرة، وتعطي قضايا العرق والطبقة مساحة أكبر من النقاش أكثر من الأمور الأخرى.

وقال كينيث تومسون، أحد المحامين عن ديالو، إن ميزة القضية المدنية هي إجبار ستروس - كان على تقديم شهادته في ما حدث داخل جناح فندق سوفيتل في شهر مايو (أيار) الماضي واستدعاء شهود آخرين وتقديم مزيد من الأدلة. وأضاف «مع هذه القضية المدنية، نحن مصممون على التأكد من حقيقة ما حدث في تلك الغرفة». وهاجم تومسون قرار إسقاط التهم الجنائية، ووصف موكلته بأنها «امرأة بريئة تم التخلي عنها»، وتساءل عما إذا كان المدعي العام سيصدر نفس قراره إذا كان ستروس - كان يعمل سائق حافلة أو سباكا من ضاحية ريدج باي في حي بروكلين الفقير أو عامل بناء من حي هارلم. وأكد تومسون أن قرار رفع دعوى مدنية لا يتعلق بالمال بل بما سماه «كرامة نفيسة ديالو كامرأة»، وأن المال هو الوسيلة لرفع صوتها عاليا.

في المقابل، تشكك المحامي بنجامين برافمان، الذي يمثل ستروس - كان في قدرة نفيسة على كسب القضية المدنية، وقال «أشك بدرجة كبيرة أن أي هيئة محلفين في أي محفل سيجدها جديرة بالثقة أو المصداقية، بما في ذلك هيئة محلفي مدينة برونكس». وأضاف أنها «لم تكن ذات مصداقية في المرة الأولي، ولن تكون في المرة الثانية»، مؤكدا أن القضية ستنهار.

وعلى الرغم من النتائج التي توصلت إليها النيابة العامة (أن نفيسة ديالو لم تكن ذات مصداقية) قد لا تكون مقبولة في قضية مدنية، فإن المعلومات الواردة حول محاولات الاعتداء والاغتصاب قد تؤثر في المحلفين المحتملين في القضية المدنية.

وتسير معظم القضايا المدنية إلى الاتفاق على تسوية بين الطرفين، وليس من الواضح إذا كان ستروس - كان سيضطر إلى الذهاب إلى المحكمة والخوض في تفاصيل القضية مرة أخرى أم لا. وأشار المحامون إلى أن الشيء الوحيد الذي سيدفع ستروس - كان إلى عمل التسوية هو التهديد بنشر تفاصيل محرجة عن تاريخه الجنسي في المحكمة. وقال المحامي ويليام تايلور، الذي يمثل ستروس - كان أيضا، إن هيئة الدفاع عن ستروس - كان تحاول النظر في نقل الدعوى المدنية من برونكس إلى المحكمة الاتحادية في مانهاتن، مشيرا إلى أن هذه الخطوة ستعطي لستروس - كان مزيدا من التعاطف لصالحة من قبل المحلفين، بينما قد يميل المحلفون في برونكس للوقوف مع امرأة مهاجرة من الطبقة العاملة ضد المصرفي الفرنسي الثري.

وعلق ستيفن جيلرز، الأستاذ بكلية الحقوق بجامعة نيويورك، على اتجاه هيئة الدفاع لتحريك الدعوة إلى المحكمة الاتحادية، قائلا إن «خطورة هذه الخطوة هي أن القوانين الاتحادية أكثر مرونة وتسمح بقبول أدلة لا علاقة لها باتهامات سوء السلوك الجنسي كأدلة في القضية، وهو ما يعني قبول شهادة السيدات الأخريات اللاتي قلن إن ستروس - كان اعتدى عليهن جنسيا». ويواجه ستروس - كان حاليا شكوى من سيدة فرنسية تقول إنه حاول اغتصابها في عام 2003. وأضاف البروفسور جيلرز أن من حق القضاة الفيدراليين إقصاء بعض الأدلة، ومن حق محامي ستروس - كان الدفع بأن القضية يجب أن تتبع قوانين الولاية لأن جريمة الاعتداء الجنسي هي جريمة تخضع لقوانين الولاية.

في سياق متصل، قام دومينيك ستروس - كان بزيارة إلى صندوق النقد الدولي صباح أمس الخميس لتوديع زملائه قبل عودته إلى وطنه فرنسا، وذلك قبل الشروع في حملة تهدف إلى تبرئة اسمه من التهم التي لاحقته. ويواجه ستروس - كان اثنين من التحقيقات في انتظاره بالعاصمة الفرنسية، الأول يتعلق بتهمة محاولة اغتصاب، حيث يواصل المدعي العام في باريس التحقيق في ما إذا كان ستروس - كان حاول اغتصاب الكاتبة الفرنسية تريستان بانون منذ ثماني سنوات. ويتعلق التحقيق الثاني باتهام ستروس - كان بممارسة ضغط على أحد الشهود ودفع رشوة لتقديم شهادة تدعم موقفة في قضية الخادمة في نيويورك.

كما يواجه ستروس - كان أيضا غضب جماعات حقوق المرأة الفرنسية من إسقاط التهم عنه، وتؤكد جماعات حقوق المرأة أن إسقاط التهم لا يعني براءته.