السوريون هتفوا «نحن لم نختر بشار فهو ترأس وراثة وكراهية».. وحملوا صور علي فرزات

رفعوا لافتات كتب عليها «اشتريتم الثياب لكم ولأطفالكم واشترينا الأكفان لنا ولأطفالنا»

TT

أرخت الأحداث العربية والمحلية ظلالها على أجواء المظاهرات التي خرجت في سوريا أمس (الجمعة)، بدءا من انهيار النظام الليبي ومرورا بمطالبة الثورة المصرية بطرد السفير الإسرائيلي وليس انتهاء بالاعتداء الوحشي الذي تعرض له الفنان السوري علي فرزات على يد شبيحة النظام، والجدل الدائر حول التمسك بسلمية الثورة ومطالب التدخل الخارجي لإنقاذ السوريين.. كل تلك القضايا عبر المتظاهرون عن مواقفهم حيالها وهم يرددون «الشعب يريد إعدام الرئيس» ليسجل هذا الهتاف تقدما كاسحا على سواه من الهتافات التي اعتاد السوريون ترديدها طيلة ستة أشهر ماضية، حفلت بالقتل والممارسات الوحشية.

فالشعب وردا على ما يتعرض له لم يعد يريد إسقاط النظام وحسب، ولا حتى محاكمة الرئيس بل إعدامه. ومع أن هذا الهتاف ليس جديدا بل يتردد منذ عدة أسابيع لكنه أمس «جمعة الثبات والصبر»، بدا أكثر شيوعا. وأخذ في المظاهرة الطيارة الصغيرة التي شهدها أحد أحياء مدينة حماه أبعاد تعبير أكثر بلاغة، بعدما تمكنت آلة النظام العسكرية من قمع أكبر مظاهرات وأكثرها تنظيما وانضباطا خرجت في البلاد ومنع خروجها مرة أخرى. فعشرات الشبان الحمويين الذين خرجوا بصدور عارية هتفوا في ساحة داخلية بين عدة أبنية «الشعب يريد إعدام الرئيس» و«والله والله والله عن مطالبنا ما نتخلى» و«ما في للأبد ما في للأبد عاشت سوريا ويسقط الأسد»، في رسالة واضحة على ثبات الحمويين على مواقفهم المناهضة لنظام الأسد.

وقد أكد على ذلك متظاهرون في أماكن أخرى بعبارات «لم (نختار) بشار رئيسا بل ترأس وراثة وكراهية». فهذا النظام بات في نظر كثير من المتظاهرين، «نظاما يكفر بالله والإسلام». وبسخرية لاذعة كتبوا لافتة تقول: «أركان الإسلام عند النظام: الإله بشار، الحج إلى مقر الفرقة الرابعة، رمضان كله مجازر».

وفي محاولة لهز ضمير العالم الإسلامي بمناسبة عيد الفطر، كتب المتظاهرون «اشتريتم الثياب لكم ولأطفالكم واشترينا الأكفان لنا ولأطفالنا». وحيال هذا الألم لا يتبقى للسوريين سوى «الثبات والصبر» الذي كان اسم يوم جمعة أمس، ومنه استمد المتظاهرون مضامين لافتات رفعت في أنحاء البلاد، وكتبوا عبارات تؤكد على صبر السوريين على ما يصيبهم من ظلم وقمع وحشي من قوات النظام.

وكانت اللافتة الأبرز التي رفعت أمس «واصبر على ما أصابك إن الصبر من عزائم الأمور». وفي برزة، رفعت لافتة تقول «المصاب السوري واحد وسيبقى الشعب (صامد)». لكن في حوران بدا الأمر مختلفا إلى حد ما، إذ ورغم التأكيد على الثبات فقد نبه المتظاهرون على أن للصبر حدودا، وكتبوا على لافتة «ثابتون حتى نحقق مطالبنا.. إنما للصبر حدود». وإن كان يضمر هذا الشعار تهديدا باحتمال التحول عن الخيار السلمي، فهو يعبر عن أصوات بدأت تنتقد في الفترة الأخيرة التمسك بسلمية الثورة، حيال استمرار آلة القتل في حصد الأرواح، لكن هذه الآراء لا تزال مرفوضة من قبل الغالبية. ولعل لافتة قماشية بعرض الشارع كتب عليها «لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك»، تعبر عن خيار المتظاهرين في غالبية المظاهرات التي خرجت أمس بحمل أغصان الزيتون، وتوجيه نداء الإغاثة الإنسانية «SOS». ففي حمص، طالب المتظاهرون الأمم المتحدة بتدخل إنساني وإعلامي لحمايتهم من عصابات الأسد.

وبينما رفعت لافتات حملت رسوم كاريكاتير للفنان علي فرزات التي تنتقد الآلة القمعية لنظام بشار الأسد، وتعبر عن تضامنهم معه كتبوا على لافتات قماشية «علي فرزات نحن معك للموت»، ورددت مرارا وتكرارا في أحياء حمص، وعدة مناطق أخرى، استنكارا لما حل به على يد «الشبيحة».

ولم ينس المتظاهرون في حمص التذكير بمجازر نظام عائلة الأسد، وأن مجازر اليوم هي امتداد لمجازر ارتكبت بالأمس. وحملوا لافتة كبيرة «مجازر الرمل الجنوبي تعيد إلى الذاكرة مجازر تل الزعتر.. هل مهمة نظام بشار تنفيذ مخططات إسرائيل؟»، في إشارة إلى أن استهداف المخيم الفلسطيني في مدينة اللاذقية في الأيام الأخيرة هو ذاته الاستهداف الذي طال الفلسطينيين في تل الزعتر بلبنان في عهد الرئيس حافظ الأسد.

ولم تتوقف إدانة المتظاهرين للنظام عند حد اتهامه بخدمة إسرائيل، بل في لافتة أخرى رفعت في حوران وجهت رسالة إلى ثوار مصر الذين يتظاهرون أمام السفارة الإسرائيلية مطالبين بطرد السفير، تمت المساواة بين السفيرين السوري والإسرائيلي، وكتبوا على اللافتة «يا ثوار مصر.. ما الفرق بين السفير السوري والسفير الإسرائيلي؟.. كلاهما يشرب الدم العربي».

المتظاهرون السوريون الذين هنأوا أشقاءهم الليبيين، وتمنوا النجاح لنظرائهم في اليمن، انتقدوا بشدة مواقف الجامعة العربية ورفعوا ما يشبه البيان «رجال الثورة السورية لا يعترفون بأي ممثل لسوريا لدى الجامعة العربية وذلك للأسباب التالية:

- أمين الجامعة العربية غير عربي ومجرد من صفات الإنسانية والحياء واسمه نبيل الفارسي.

- فقدت شرعية الجامعة العربية لدى الشعب العربي.

- بيع دماء العربي بابتسامة وطأطأة الرأس وخذلان وصمت».

ووجه متظاهرون آخرون نداء استغاثة مفاده «نداء عاجل.. نبيل الغربي بحاجة للدم زمرة (o) عربي (صافي)».