انقسام في مجلس الأمن حول قرار لإدانة سوريا.. وروسيا والصين تقاطعان الجلسات وتهددان بالفيتو

الولايات المتحدة تصف الاعتداء على الرسام علي فرزات بأنه مثير للأسى

صورة مأخوذة من موقع «أوغاريت» توضح مظاهرات في حماه أمس
TT

قاطعت كل من روسيا والصين المحادثات التي أجراها مجلس الأمن خلال يومي الخميس والجمعة حول سوريا، وخلت المقاعد المخصصة للدولتين في مجلس الأمن من أي مندوب أو ممثل للدولتين. وأعلنت روسيا معارضتها الحاسمة لفرض أي عقوبات جديدة ضد دمشق، ودعت النظام السوري إلى تنفيذ الإصلاحات التي تعهد بها. وتعد كل من روسيا والصين من الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن (المكون من 15 دولة، بينهم خمسة دول دائمة العضوية) التي يحق لها استخدام حق الفيتو ضد أي قرار.

وسادت موجة من التردد والرجوع عن تأييد قرار إدانة سوريا بين عدد من الدول غير دائمة العضوية في مجلس الأمن، مثل البرازيل والهند وجنوب أفريقيا. وأبدت عدة دول تحفظاتها على مطلب المفوضة العامة لحقوق الإنسان، نافي بيلاي، لمجلس الأمن بتحويل ملف الانتهاكات السورية إلى المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة جرائم الحرب الدائمة بالعاصمة الهولندية لاهاي. وبدا مجلس الأمن منقسما حول الإجراءات العقابية ضد نظام الرئيس بشار الأسد.

وكان السفير الروسي لدى الأمم المتحدة ومجلس الأمن، فيتالي تشوركين، قد أوضح للصحافيين أن موقف بلاده هو استخدام الحوار لإقناع سوريا بإنهاء حملتها العنيفة ضد المتظاهرين. وقال: «بدلا من معاقبة سوريا، ينبغي للمجلس أن يلجأ إلى استخدام الحوار والدبلوماسية للمساعدة في إنهاء العنف».

ولمح السفير الروسي إلى أن بلاده ستستخدم حق النقض (الفيتو) ضد مشروع القرار لفرض حظر على توريد أسلحة إلى نظام الرئيس السوري، بشار الأسد. ويدعو مشروع القرار المقدم لمجلس الأمن إلى تجميد أصول 23 من الشخصيات الرئيسية في نظام الأسد، ومنهم شقيقه الأصغر ماهر، الذي يعتقد أنه المدبر الرئيسي لكثير من حملات القمع ضد المتظاهرين، ورجل الأعمال المعروف، رامي مخلوف، ابن خال الرئيس الأسد، الذي يسيطر على شركات كثيرة منها شركة للهاتف النقال. ويدعو مشروع القرار إلى تجميد أصول شركتين يسيطر عليهما مخلوف، وهما «بينا» للممتلكات و«المشرق» للاستثمارات، كما يدعو إلى تجميد أصول مؤسسة الإسكان العسكرية والمخابرات السورية العامة، ويفرض القرار حظرا على سفر 21 شخصا من بينهم رامي مخلوف، لكنه لا يشمل الرئيس الأسد أو شقيقه الأصغر ماهر الأسد.

وقد تقدمت بريطانيا وفرنسا وألمانيا والبرتغال والولايات المتحدة بهذا المشروع لفرض عقوبات على النظام السوري، ويقضي مشروع القرار بإدانة السلطات السورية لقيامها بانتهاكات جسيمة وممنهجة لحقوق الإنسان، مثل الإعدام التعسفي والاستخدام المفرط للقوة، واضطهاد المتظاهرين والمدافعين عن حقوق الإنسان، والاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري، والتعذيب وسوء معاملة المعتقلين ومنهم الأطفال.

وقال السفير الروسي: «إن مثل هذه العقوبات يمكن أن تشجع على مزيد من المواجهة، ونحن بحاجة إلى الحوار بدلا من العنف».

في الوقت نفسه قال سفير جنوب أفريقيا لدى الأمم المتحدة، باسو سانغكو، إن بلاده ما زالت تدرس مشروع القرار، وإن بلاده تدعم خيارات «مسار الحل السلمي» للتعامل مع الوضع في سوريا. فيما عبر السفير الهندي، سينغ هارديب بوري، عن أن لدى الهند مخاوف وتساؤلات حول نص القرار. وقد أعلن وزير خارجية تركيا، أحمد داود أوغلو، يوم الخميس، أن تركيا سوف تقف إلى جانب الشعب السوري إذا كان عليها أن تختار بين الحكومة أو الشعب.

ولا يزال الاتحاد الأوروبي يدرس قرارا لفرض حظر على استيراد النفط السوري، على غرار العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة ضد السلطات السورية، ويتوقع أن يكون لقرار الحظر الأوروبي تأثيرا كبيرا، نظرا لأن أوروبا تشتري معظم صادرات سوريا من النفط الخام، التي تمثل ثلث عائدات الاقتصاد السوري. فيما أوضح محللون أن الأسد قد يتجه إلى بيع النفط السوري إلى الهند والصين في حال صدور هذا القرار الأوروبي.

في سياق متصل أدانت جماعات حقوق الإنسان الهجوم على رسام الكاريكاتير السوري، علي فرزات، وأدت أخبار الاعتداء والصور التي تناقلتها مواقع الإنترنت والـ«فيس بوك» لفرزات ووجهه متورما والضمادات تلف يديه، إلى ردود فعل واسعة في الأوساط الثقافية والسياسية لمساندة الرسام السوري.

واتهمت وزارة الخارجية الأميركية الحكومة السورية باستهداف الرسام السوري والقيام بهجوم وحشي ضده، وطالبت نظام الأسد بالتوقف فورا عن حملته الإرهابية والتعذيب والسجن غير القانوني للمتظاهرين. وقالت فيكتوريا نولاند، المتحدثة باسم الخارجية الأميركية: «إن قيام الحكومة السورية باستهداف الرسام السوري صاحب الشعبية الواسعة، علي فرزات، والهجوم الوحشي عليه، أمر يرثى له، ومثير للأسى». وأشارت إلى أن المعتدين عليه ركزوا على ضرب وكسر أصابع فرزات ويديه، في رسالة واضحة أنه يجب أن يتوقف عن الرسم، ثم ألقوه على جانب الطريق، حيث نقله المارة إلى المستشفى بدمشق.

وأضافت نولاند: «إن النظام قدم وعودا فارغة حول إجراء حوار مع الشعب السوري، فيما استمر نظام الأسد في حملته الوحشية ضد السوريين الذين يحاولون ممارسة حقوقهم العالمية في التعبير عن آرائهم». وأشارت إلى قيام السلطات السورية باعتقال وسجن عدد كبير من النشطاء المعتدلين الذين يعارضون العنف ويتحدثون علنا ضد النظام، ومنهم وليد البوي ونواف بشار وجورجيس صبره ومحمد غليوني وعبد الله الخليل.