تجدد الجدل بين قضاة مصر حول تعديلات قانون السلطة القضائية

رئيس قضاة الإسكندرية: لا نعترف بلجنة تيار الاستقلال > المستشار أحمد مكي: اللجنة لا تحتاج إلى اعتراف أحد

TT

وصلت أزمة تعديل قانون السلطة القضائية في مصر إلى منحى حاد، وتحول الصراع بين تياري «الاستقلال» و«الإصلاح والتغيير» إلى الشكل العلني، وذلك بعد دعوة نادي القضاة (الذي يسيطر عليه التيار الثاني)، أمس، لعقد جمعية عمومية في 9 سبتمبر (أيلول) المقبل، لمناقشة القانون الذي قام عليه المستشار أحمد مكي، أحد أبرز أعضاء تيار الاستقلال.

وتشهد أروقة القضاء صراعا دفينا منذ أن تولى المستشار حسام الغرياني (من قادة تيار الاستقلال، والمحرك الرئيسي لانتفاضة القضاة في عام 2006) منصب رئيس المجلس الأعلى للقضاء في يونيو (حزيران) الماضي، قبل أن يكلف الغرياني المستشار أحمد مكي، التابع للتيار نفسه، برئاسة اللجنة المشكلة من المجلس لمراجعة قانون السلطة القضائية.. وهو ما اعتبره تيار الإصلاح نوعا من أنواع التمييز، وبخاصة أن عدد المنتمين إلى تيار الإصلاح يبلغ عشرة أضعاف عدد المنتمين إلى تيار الاستقلال (يقدر عددهم بنحو 1200 قاض).

وفي السياق ذاته، كشف المستشار عزت عجوة، رئيس نادي قضاة الإسكندرية، عن قيام عدد كبير من القضاة بتجهيز مشروع قانون جديد يتضمن تعديلات جوهرية للقانون.. وهو ما يعد تحديا من عجوة ورفاقه من قادة تيار الإصلاح للجنة مكي، التي أعلنت في وقت سابق بالفعل عن انتهائها من إنجاز الكثير من بنود التعديلات المقترحة.

وقال عجوة لـ«الشرق الأوسط»: «إن اللجنة التي يرأسها المستشار أحمد مكي لا تتمتع بتوافق من جموع القضاة، ولا نعترف بها ولا بما يتمخض عن أعمالها غير الملزمة لنا كقضاة»، مشيرا إلى أن تعديلات قانون السلطة القضائية هو شأن أصيل لأندية القضاة وجمعياتها العمومية. ووصف عجوة اللجنة التي يرأسها مكي بأنها غير قانونية، حيث لم يتم تشكيلها طبقا لقرار صادر عن مجلس القضاء الأعلى، وإنما تم تشكيلها بقرار منفرد من المستشار حسام الغرياني، رئيس المجلس، وأوضح قائلا: «هي لجنة خاصة به (الغرياني) من حق أعضائها أن تمده بأفكار ومقترحات، ولكن ليس من حقها إقرار تعديلات على قوانين تخص القضاة في مصر كلها». كما أعلن عجوة رفض التيار المطلق لما اقترحته «لجنة مكي» بتعيين النائب العام بالاختيار من قبل المجلس الأعلى للقضاء، مشددا على أن ذلك يخالف الأعراف القضائية المستقرة، من خضوع التعيين في المناصب القضائية لمعيار «الأقدمية المطلقة».

ومن جانبه قال المستشار أحمد مكي إن اللجنة التي يرأسها لا تحتاج لأن يعترف بها، لأنها ليست دولة، بحسب تعبيره. وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «أقوم وزملائي بعمل تطوعي غرضه اقتراح تعديلات على قانون السلطة القضائية المصرية لضمان استقلال القضاء، وهو أمر لا نحتاج فيه إلى قرار من أحد، ولا حتى من المستشار حسام الغرياني نفسه». وتابع مكي: «لقد قمنا بمخاطبة جميع أندية القضاة في مصر، وأخطرناهم بما توصلنا إليه، ولم نتلق اعتراضا من أحد على المقترحات». وعن رفض ممثلي تيار الإصلاح لاعتماد اختيار شاغلي المناصب العليا، كمنصب النائب العام، قال مكي: «لا بد من أن تقوم جهة ما بتعيين ذوي المناصب القضائية، وحاليا تتولى رئاسة الجمهورية ذلك.. أما التعديل الذي اقترحناه فيقضي بعدم تدخل رئيس الجمهورية في اختيار شاغلي المناصب القضائية العليا، بل تسند هذه المهمة للمجلس الأعلى للقضاء وفقا لمعيار الأقدمية أيضا، وهو ما يضمن استقلال القضاة والنائب العام عن شخص الرئيس ومؤسسة الرئاسة». وتعقيبا على ما قاله المستشار عجوة من أن أندية القضاة وأعضاء جمعياتها العمومية هي صاحبة الحق الأصيل في إقرار أي تعديلات على قانون السلطة القضائية.. قال مكي: «أختلف في هذا الطرح، لأن الشعب المصري كله هو صاحب الحق في ذلك. وقانون السلطة القضائية لا يخص القضاة وحدهم، بل يخص جموع الشعب المصري، الذي يهمه في مسيرته للمستقبل أن يكون في بلاده قضاء مستقل».. إلا أن مكي لفت إلى أن ذلك لا يمنع من أن تدلي أندية القضاة بدلوها في المقترحات، للاستفادة من خبراتهم القانونية والحياتية المتراكمة. وأبدى مكي استعداده وجميع أعضاء اللجنة التي يرأسها، للاستماع والاطلاع على مشروع القانون الذي يتبناه نادي القضاة، الذي قيل إنه سيعرض على الجمعية العمومية سبتمبر المقبل، مشيرا إلى ضرورة توحيد الجهود من أجل التوصل لتحقيق حلم استقلال القضاء المصري.