هدنة ثانية في غزة بجهود مصرية.. والقاهرة: لا نريد لإسرائيل تصدير أزمتها الداخلية

«الجهاد» تلتزم بعد انتقادها «أصحاب الشعارات» في غزة.. وإسرائيل لديها 3 أسباب للقبول

TT

نجحت مصر في تثبيت تهدئة جديدة في قطاع غزة، بعد 48 ساعة على انهيار أخرى إثر تبادل للنار بين الجيش الإسرائيلي وحركة الجهاد الإسلامي، التي خسرت عددا من مقاتليها وضربت مدنا إسرائيلية بالصواريخ.

وقال ياسر عثمان، السفير المصري لدى السلطة الفلسطينية لـ«الشرق الأوسط»: «نعم، دخلت اليوم (أمس) تهدئة جديدة حيز التنفيذ بعد اتفاق مع كل الأطراف». وأضاف «منذ دورة العدوان الإسرائيلية الأخيرة، على قطاع غزة، بعد عملية إيلات، تقوم مصر بجهود مستمرة لمحاولة تثبيت تهدئة في القطاع وتتصل بكافة الأطراف لهذا الشأن». وأوضح عثمان، أن «وقف العدوان الإسرائيلي هو المطلب الرئيس والأساسي لمصر».

وأردف «نحن نريد تفويت الفرصة على إسرائيل حتى لا تنجح في تصدير أزماتها الداخلية من خلال تسخين جبهة القطاع، ولذلك أكدنا على إسرائيل حتى عندما خرقت التهدئة الأولى، بضرورة وقف العدوان مرة أخرى». وأكد عثمان أن «الدولة المصرية، تنطلق من خطة متكاملة، وهي وقف العدوان وتثبيت التهدئة، والتأكيد على السيطرة المصرية على سيناء، وعلى تحكم الدولة بالأمن، لعدم إعطاء فرصة لاستدعاء الضغوط الأجنبية على فلسطين ومصر».

وردا على سؤال حول أي نتائج ظهرت بخصوص عملية إيلات ومنفذيها، قال عثمان إن التحقيق لم ينته في القضية، وكل ما يسرب حتى الآن يهدف إلى تحسين صورة إسرائيل. وشهد قطاع غزة هدوءا نسبيا أمس، بعد أيام دامية، أوقعت 11 قتيلا فلسطينيا. وأكد مصدر في حركة الجهاد الإسلامي لـ«الشرق الأوسط» ما قاله السفير المصري، وقال إن الحركة اتفقت مع مصر فعلا على الالتزام بالتوافق الفلسطيني لوقف النار، ما دامت إسرائيل التزمت بذلك. وبحسب المصادر فإن مصر حصلت أيضا على تعهد من إسرائيل بهذا الشأن، وبناء عليه دخلت التهدئة فجر أمس حيز التنفيذ.

وفعلا توقفت أمس الطلعات الإسرائيلية الجوية، وخفت حدة إطلاق الصواريخ، ولم يسجل حتى وقت العصر سوى إطلاق صاروخين تجاه عسقلان لم يتبناهما أي فصيل فلسطيني على غير ما جرت عليه العادة. وجاءت موافقة الجهاد على تهدئة جديدة بعد ساعات من اتهامها فصائل أخرى بتركها وحيدة في ميدان المواجهة مع إسرائيل، في إشارة غير مباشرة لحركة حماس التي طلبت مرارا الالتزام بالتهدئة وتفويت الفرصة على الاحتلال.

وكان أبو أحمد، الناطق الرسمي باسم سرايا القدس، قال بعد استهداف مجموعة من سرايا القدس أول من أمس، بينما كانت المواجهة في ذروتها، إن «سرايا القدس ستدافع عن شعبها حتى لو تركت وحدها في الميدان»، مستغربا دعوات البعض لها بالالتزام بالتهدئة بينما يواصل الاحتلال عدوانه بشكل يومي. وأضاف «من يريد أن يشارك بالمقاومة فالساحة مفتوحة، ومن يبحث عن الشعارات فهنيئا له ذلك».

وكان أبو أحمد يشير إلى موقف الحكومة الفلسطينية وحماس التي كانت تبحث عن تثبيت تهدئة في القطاع. ودعت الحكومة أمس، كافة الفصائل الفلسطينية إلى «تفويت الفرصة على الاحتلال الإسرائيلي وقطع الطريق عليه في تصدير أزماته على حساب شعبنا الفلسطيني».

ومن جهته، قال القيادي في حماس، صلاح البردويل، إن «ما يقوم به الاحتلال الإسرائيلي من جرائم متتالية وتصعيد خطير إنما يدل على نيات مبيتة لإيقاع أكبر قدر من الخسائر في صفوف شعبنا الفلسطيني وتصدير الأزمة الإسرائيلية الداخلية إلى الطرف الفلسطيني والتغطية على فشله الذريع في الحفاظ على أمنه الذي يتغنى دائما به».

ودعا البردويل في بيان، قوى شعبه وفصائله إلى توحيد البندقية وتفويت الفرصة على المزيد من العدوان والتحضير لاختيار الوقت المناسب لتلقين العدو درسا في البطولة والفداء والصمود. وثمن البردويل جهود الحكومة المقالة التي قامت بإجراء الاتصالات المكثفة مع الإخوة في مصر ومع مفوض الأمم المتحدة وطالبتهم بوقف العدوان عن أبناء شعبنا ومقدراته. وحذر البردويل «الاحتلال الإسرائيلي من الاستمرار في غيه وجرائمه»، مؤكدا على أن «شعبنا قادر دائما على الصمود وعلى رد العدوان في اللحظة التي يحددها ويراها مناسبة، والعدو الإسرائيلي يفهم ذلك جيدا».

ومع دخول التهدئة الجديدة حيز التنفيذ، تكون مصر نجحت في إبعاد شبح حرب جديدة على قطاع غزة، وفي حين وافقت الفصائل الفلسطينية على التهدئة، لتجنيب المدنيين مزيدا من الدم كما قالت، فإن لإسرائيل أسبابا أخرى. وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وزير الدفاع إيهود براك عارضوا قبل يومين في اجتماع المجلس الأمني المصغر، توسيع العدوان على غزة لـ3 أسباب. وقالت «يديعوت أحرونوت»، إن كلا من باراك ونتنياهو، ذكروا ثلاثة أسباب توجب الانتظار وضبط النفس وعدم اتخاذ قرار متسرع، السبب الأول، أن ضباط الشاباك والاستخبارات العسكرية يؤمنون بأن حماس لا تريد الانضمام للقتال، أو تصعيدا فيه. والسبب الثاني هو وجود أزمة مع مصر فيما يتعلق بمقتل الجنود المصرين من شأنها أن تتصاعد وتتدهور في حال شن حرب ضد غزة، ستثير غضب الشارع المصري و«الإخوان المسلمين». أما السبب الثالث فهو مسألة التصويت على الاعتراف بدولة فلسطينية في سبتمبر (أيلول) المقبل، إذ إن إسرائيل لا تريد الوصول للتصويت في الأمم المتحدة، بينما يصرخ الفلسطينيون لمساعدتهم من نيران الحرب على غزة.

وعلى ضوء الأسباب الثلاثة، طالب باراك نتنياهو من وزراء «الكابنيت» عدم اتخاذ قرار لشن عملية عسكرية كبرى في القطاع، وإنما الاستمرار برد عسكري منضبط يحمل حماس التي ترى فيها إسرائيل شريكا في التهدئة، على كبح جماح المنظمات الفلسطينية الأخرى.