في مذكراته.. تشيني يدافع عن قرارات بوش كرئيس للولايات المتحدة

برر غزو العراق عام 2003 بفشل وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية في جمع المعلومات

TT

يقدم نائب الرئيس السابق، ريتشارد بي تشيني، دفاعا غير مبرر عن إدارة جورج دبليو بوش في مذكراته المنتظر صدورها الأسبوع المقبل، التي تضم تفسيرات لقراراته بشأن الأمن القومي، محل النزاع والسياسات الداخلية التي عادة ما تأتي على حساب أعضاء مجلس الوزراء السابقين وزملائهم.

وشملت تلك التفسيرات تبرير غزو العراق في عام 2003، القرار الذي يلقي باللوم فيه على فشل وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه)، وفقد التأييد لمطالبته بقيام الولايات المتحدة بتفجير موقع مفاعل نووي سوري في عام 2007. وانتهى الأمر بإسرائيل إلى القيام بتفجير موقع المفاعل، على الرغم من توصيات من جانب وزيرة الخارجية الأميركية وقتها، كوندوليزا رايس، بـ«اختيار النهج الديمقراطي»، الذي توقع تشيني على نحو صحيح أن الإسرائيليين سيرفضونه.

وعلى الرغم من أنه يثني على قيادة بوش وعلى الكثير من القرارات التي اتخذها، فإن تشيني ذكر أنه حذره من أن ترشيح مستشارة البيت الأبيض، هارييت مايرز، للمحكمة العليا سيكون «خطأ فادحا». وفي النهاية، سحب بوش ترشيحه لها وسط تساؤلات حول مؤهلاتها التي تخول لها العمل بالمحكمة العليا.

كتب تشيني في «إن ماي تايم»، حصلت صحيفة «واشنطن بوست» على نسخة منها يوم الخميس: «ذكر الرئيس لاحقا أنه شعر بالأسف لأنه قد وضع صديقه في مثل هذا الموقف المحرج».

وتؤكد مذكرات تشيني «الشخصية والسياسية»، مثلما يصفها، الدور المحوري الذي لعبه في الـ8 سنوات المضطربة لحكم الإدارة الأميركية السابقة. ويشير إلى أنه «من هذا التحول فصاعدا، كانت هناك أخبار في وسائل الإعلام مفادها أنني كنت مسؤولا نوعا ما عما يحدث»، مصحوبة بروايات عن الفترة التي قضاها في منصبه والتي تصوره كأحد أكثر نواب الرؤساء نفوذا في تاريخ الولايات المتحدة.

«لم يكونوا على حق»، هكذا أضاف تشيني سريعا. واستطرد قائلا: «وظهوري في مناسبات عامة بشكل مبالغ فيه ربما يكون قد دعم هذا الرأي لديهم».

ولكنه في بعض الأحيان ينكر هذا الادعاء، ذاكرا تفاصيل تشير إلى أن بوش اعتمد على قراراته الخاصة. على سبيل المثال، كتب تشيني أنه في أحد الأيام تلقى تعليماته اليومية من جهاز الاستخبارات في الساعة السادسة والنصف صباحا، وبعدها ببضع ساعات حضر اجتماع الرئيس التوجيهي.

«في الأوقات التي كنت أسافر فيها أو أكون موجودا في مكان سري، عادة ما كان الرئيس يعقد اجتماعاته في غرفة العمليات بالبيت الأبيض، بحيث يمكنني المشاركة من خلال المؤتمرات المرئية».

يسترجع تشيني أيضا بوش، حاكم تكساس وقتها، وهو يقدم له فنجانا من القهوة في غرفته بقصر الحاكم في أوستن، حيث كان يجتمع في فبراير (شباط) 1999 مع فريق حملته. ويصف هذه الغرفة بأنها «أعلى غرف الاجتماعات التي شاهدها من حيث المستوى».

ولاحقا، طلب بوش من تشيني أن يقود عملية البحث عن نائب رئيس. كتب تشيني: «إن عملية البحث عن مرشح جيد لمنصب نائب الرئيس أصعب مما تتخيل»، مضيفا أن «كل شخص لديه سلبيات».

وأخبر السيناتور كوني ماك (عن ولاية فلوريدا) تشيني بأنه لا يرغب في أن يتم ترشيحه لهذا المنصب، ويكشف تشيني عن أن دونالد رامسفيلد، الذي أصبح في ما بعد وزيرا للدفاع في إدارة بوش، كان من بين قائمة المرشحين المحتملين. وفي نهاية الأمر، تحول بوش إليه.

كتب تشيني: «لقد قال لي أكثر من مرة: (ديك، أنت الحل لمشكلتي)».

وبسبب قلبه الضعيف، ترك تشيني خطاب استقالة موقّع مع مستشاره ديفيد أدينغتون، لتقديمه إلى بوش إذا ما وجد نفسه في أي وقت غير قادر على القيام بمهام منصبه.

قام أدينغتون بـ«وضعه في مظروفين خاصين بالحكومة الأميركية من ورق المانيلا وأخذه لمنزله ووضعه في خزانة الملابس»، ليسهل الوصول إليه، مثلما كتب تشيني.

وقد تقاعد تقريبا بطريقة أخرى. ففي 3 مناسبات قبل حملة بوش الانتخابية عام 2004، كتب تشيني أن بوش عرض «سحبي من البطاقة الجمهورية الانتخابية».

كان بوش قد علم أنه أصبح «شماعة للهجوم من جانب منتقدي سياسة الإدارة»، حسب ما كتب، وقد أصبحت إعادة انتخاب بوش «تشكل أهمية حاسمة» لمواصلة الحرب ضد الإرهاب.

وتعتمد المذكرات إلى حد كبير على التسلسل الزمني للأحداث، على الرغم من أن الحدث المهيمن عليها هو هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2011، ودور تشيني في وضع إطار عمل الاستخبارات والأمن القومي لإدارة تبعات هذه الكارثة.

يتذكر سفره بصحبة زوجته، لين، إلى كامب ديفيد بعد وقوع الهجمات، وعقد اجتماع هناك بعد بضعة أيام مع وزير الخارجية، كولين باول، ورامسفيلد، ورايس، مستشارة الأمن القومي وقتها.

كتب تشيني: «كنا نضع سياسة جديدة تماما. فلن يكون هناك انتصار سلس وسريع يتبع باستسلام من جانب العدو. رأيت أنه ربما كانت هناك معركة ستظل دولتي طرفا فيها لبقية حياتي».

ويشير تشيني إلى أنه كان «مندهشا من كثافة الاهتمام الإعلامي» بـ«المكان السري» الذي وردت تقارير عن وجوده به، مشيرا إلى أن «ساترداي نايت لايف» تخيلت وجوده في كهف في أفغانستان.

لكنه كتب أن «المكان السري» كان هو مقر إقامة نائب الرئيس، منزله في وايومنغ، وفي أحيان كثيرة، في كامب ديفيد.

ويسلط تشيني الضوء قليلا على وضع بعض أكثر سياسات الأمن القومي إثارة للجدل في ظل إدارة بوش، مما يذكر بانتقاده السابق لجهود الرئيس أوباما لإلغاء أساليب التحقيق والاستجواب القاسية وإغلاق سجن غوانتانامو في كوبا.

يؤيد تشيني استخدام أساليب التحقيق والاستجواب القاسية مع المشتبه بهم في جرائم إرهاب، وهي الممارسات التي دأبت بعض جماعات حقوق الإنسان على الإشارة إليها باسم التعذيب، وأيضا استخدام برنامج التنصت على الاتصالات القادمة من الولايات المتحدة، السابق، والخاص بوكالة الأمن القومي.

«إن برنامج مراقبة الإرهاب هو، في رأيي، أحد أهم قصص النجاح في تاريخ الاستخبارات الأميركية»، هكذا يشير تشيني في مذكراته. ويضيف: «لو تعين علي تنفيذه من جديد، فسأفعل بكل حماس».

وفي الفترة التي سبقت الغزو الأميركي للعراق في مارس (آذار)، يصف تشيني بوش بأنه كان أكثر صرامة في ادعاءاته المعتمدة على معلومات استخباراتية بأن الرئيس العراقي الأسبق، صدام حسين، كان يملك أسلحة دمار شامل، مما أشير إليه مسبقا.

وفي ليلة 22 ديسمبر (كانون الأول)، مع تزيين البيت الأبيض احتفالا بالكريسماس، ترأس بوش فريق الأمن القومي في مراجعة تقييم وكالة «سي آي إيه» عن أسلحة الدمار الشامل في العراق، ذريعة للإدارة الأساسية لشن الحرب على العراق.

يقول تشيني: «أراد الرئيس عرضا أفضل. قال إن ما تخيله كان حجة مقنعة ضد صدام أشبه بمرافعة ختامية في محاكمة».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»