«صلاة العيد» تدخل على خط الاستقطاب السياسي في مصر

«مصطفى محمود» و«السفارة الإسرائيلية» ينافسان ميدان التحرير

TT

ألقت حالة الاستقطاب التي يشهدها الواقع السياسي المصري بظلالها على صلاة عيد الفطر المبارك، وبينما يستعد المصريون للصلاة في الساحات كعادتهم، بدا أن بوصلة القوى السياسية بشأن المستقبل السياسي للبلاد تحدد وجهتهم هذا العام.

وفيما لا يزال ميدان التحرير محتفظا بزخمه، وطاقاته الرمزية ومصدر جذب للقوى الليبرالية واليسارية وقيادات شبابية، بدأ ميدان نهضة مصر، حيث مقر السفارة الإسرائيلية بالقاهرة، يزاحم ميدان الثورة، ويجذب القوى القومية والإسلامية الأكثر تشددا، التي تطالب بطرد السفير الإسرائيلي، في حين حاولت جماعة الإخوان المسلمين رفع الرمزية السياسية للعيد الأول بعد ثورة «25 يناير»، وفضلت أن تلعب بمفردها على الساحة في الميادين الرئيسية بالمحافظات.

ودعت الكثير من القوى الثورية وتيارات سياسة ومجموعة كبيرة من الشباب على موقع «فيس بوك» لتبني حملة لصلاة عيد الفطر المبارك في ميدان التحرير. وأصدرت «اللجنة التنسيقية لجماهير الثورة المصرية» بيانا ناشدت فيه جموع الشعب المصري بجميع طوائفهم وانتماءاتهم السياسية لأداء صلاة العيد في ميدان التحرير، وقالت: «ستكون (هذه الصلاة) تجديدا للعهد على المضي قدما في استمرار النضال السلمي لرؤية مصر عزيزة مستقرة وقد أخذت موقعها الذي يليق بها بين دول العالم».

كما دعا بيان اللجنة التنسيقية جمعيات المجتمع المدني، ورجال الأعمال والموسرين المؤمنين بالثورة وبالعمل الأهلي لتقديم الهدايا الرمزية بشكل مستقل للأطفال لإضفاء البهجة على الميدان. ونقل البيان عن مصدر قوله إن فرقا من الموسيقى العسكرية بالجيش سوف تشارك في الاحتفال، مشيرا إلى أنه يتوقع مشاركة كل القوى السياسية والشعبية والشباب في فعاليات العيد.

وقال الناشط السياسي عبد الرازق سند: «بإذن الله كلنا سنصلي في ميدان التحرير وسيكون أحسن عيد في حياتنا.. نريد أن نجعل هذا العيد مختلفا عن كل الأعياد وأن تكون صلاة العيد في ميدان التحرير».

أحمد عبد السلام، ناشط سياسي، قال: «سنحتفل بالعيد في الميدان الذي أصبح رمزا للحرية، وسنقوم بالدعوة أيضا لتحقيق باقي مطالب الثورة ومناشدة المجلس الأعلى للقوات المسلحة الإفراج عن باقي المعتقلين السياسيين والإسراع بمحاسبة رموز النظام السابق».

أما مروة أحمد، طالبة وغير منتمية لأي من القوى السياسية لكنها شاركت في الثورة، فتقول: «اعتدت الصلاة في مسجد مصطفى محمود كل عام.. لكن هذا العام سأنزل في ميدان التحرير للصلاة، ولن أصلي في ساحة ميدان مصطفى محمود، الذي أصبح رمزا للفلول من أنصار النظام السابق، باعتباره الساحة الرئيسية التي تظاهر فيها مؤيدو الرئيس السابق حسني مبارك منذ اندلاع ثورة (25 يناير)».

وبدا أن الموقف الرسمي للدولة أكثر ميلا لإقامة الصلاة في ميدان التحرير؛ حيث أعلنت وزارة الأوقاف المصرية تخصيص 3 آلاف ساحة لأداء صلاة عيد الفطر المبارك بجميع المحافظات. وقال الشيخ محمد عبد الرحمن، مدير أوقاف القاهرة: إنه تم تخصيص أكثر من 200 ساحة لأداء صلاة العيد بمحافظة القاهرة، من ضمنها ميدان التحرير، بعد أن رفع الأمن يده عن التحكم في عدد الساحات، موضحا أن هناك فرصة لمن يريد أن يتقدم بطلب لتخصيص ساحة لأداء صلاة العيد.

وأكد عبد الرحمن أن اختيار الوزارة وقع على الشيخ مظهر شاهين، إمام وخطيب جامع عمر مكرم، لإمامة عيد الفطر المبارك بميدان التحرير، خاصة أنه أصبح رمزا للحرية.

وبينما رفضت جماعة الإخوان المسلمين تبني الدعوة رسميا للصلاة بميدان التحرير، أعلنت قيامها بتنظيم الصلاة في عدد من الساحات الكبرى في كل محافظات الجمهورية، في محاولة لرفع الطابع السياسي الذي أصبح يكسو كل شيء في مصر منذ نجاح الثورة. وأعلنت الجماعة، الأكثر تأثيرا في البلاد، تنظيمها الصلاة في محافظة الجيزة في الساحة الرئيسية بميدان مصطفى محمود.

وقال محمد منصور، أحد شباب الجماعة بمحافظة الجيزة، إنهم اتفقوا مع المحافظة على تنظيم الصلاة في هذا المكان؛ نظرا لما هو معروف عنه من تجمع كبير في هذه الساحة واعتياد عشرات الآلاف الصلاة فيه، مشيرا إلى أنه لا وجود الآن لمؤيدي مبارك، وأن تنظيم الإخوان للصلاة هناك هو الأصل، استردادا لحقوقهم، باعتبار أن الذي جعل هذه الساحة شهيرة في صلاة العيد هو أحد قادتهم الشيخ محمد الغزالي، يرحمه الله، الذي كان يؤم المصلين هناك حتى وفاته.

في سياق موازٍ، فرض حادث مقتل جنود مصريين برصاص إسرائيلي على الحدود نفسه على المشهد، ولم تكتفِ عدد من القوى السياسية القومية والإسلامية بالاعتصام أمام السفارة خلال الأسبوع الماضي مطالبين بطرد السفير الإسرائيلي وغلق السفارة، احتجاجا على مقتل 5 جنود مصريين في سيناء برصاص القوات الإسرائيلية، إنما أعلنت عزمها إقامة صلاة العيد في الميدان، قائلين إنه «عبر هذه الطريقة يمكن أن تصل الرسالة إلى الحكومة المصرية بشكل أوضح».

من جانبها، قالت وزارة الأوقاف: إنه لا مانع من إقامة صلاة العيد أمام منزل السفير الإسرائيلي في حي المعادي بالقاهرة أو السفارة الإسرائيلية بميدان نهضة مصر بالجيزة، ما دام الأمن قد سمح بذلك، مشيرة إلى أنه لا يوجد ما يمنع إقامة الصلاة في أي مكان، وأن الوزارة عليها أن توفر للمصلين خطيبا لإقامة صلاة عيد الفطر المبارك.