العيد في العراق.. «استراحة محارب» للطبقة السياسية وهموم مواطنين تبحث عن حلول

عطلته تبدأ في كردستان اليوم وفي باقي العراق الثلاثاء وتستمر 6 أيام

TT

لا أحد يعرف كالعادة متى يبدأ العيد في العراق.. فهناك دائما توقيتان لثبوت «الرؤية الشرعية» وثلاثة أنواع من العطل. عطلة إقليم كردستان الذي يتمتع بالحكم الذاتي الفيدرالي، التي تقرر أن تبدأ اليوم طبقا للقرار الصادر عن رئاسة حكومة الإقليم، بينما أعلنت الحكومة العراقية أن عطلة العيد تبدأ من الثلاثاء ولمدة 6 أيام وذلك تحسبا لاختلاف التوقيت بين الوقفين السني والشيعي في تحديد يوم العيد وهو ما يعني أنها منحت كل طرف عطلته الخاصة به وأمدها ثلاثة أيام. وفيما يستقبل العراقيون هذا العيد بموجة حرارة أخف من تلك التي استقبلوا بها شهر رمضان إلا أن مما زاد من سخونة الأوضاع أن أزمة الكهرباء المستفحلة رافقتها هذه المرة وطوال الشهر الفضيل أزمة وزارة الكهرباء. فبعد أن تم الإعلان عن تعاقد الوزارة مع شركتين وهميتين ألمانية وكندية فقد أصدر رئيس الوزراء نوري المالكي قرارا بإقالة وزير الكهرباء رعد شلال (القائمة العراقية) قبل إجراء التحقيق الخاص بخلفيات عملية الإحالة وكيفية التعاقد. وحين ظهر أن الوزير لا يملك وحده صلاحية التعاقد مع شركات أجنبية بمبلغ يقترب من الملياري دولار فقد تم الاتفاق على أن يقدم الوزير استقالته للبرلمان. وبينما انتظرت القائمة العراقية التي ينتمي إليها الوزير أن يكلف المالكي وزيرا منها لإدارة وزارة الكهرباء وكالة، أو يقبل مرشحا من «العراقية» أيضا ليتولى الوزارة أصالة، فقد أصدر أمرا ديوانيا بتولي نائبه لشؤون الطاقة حسين الشهرستاني (ائتلاف دولة القانون) وزارة الكهرباء وكالة. وبينما تقدمت «العراقية» بمرشح منها على وجه السرعة (زياد الذرب) ليكون بديلا عن شلال فقد رفضه المالكي هو الآخر لكي تزداد الأزمة السياسية استفحالا، لا سيما أن المالكي سبق له أن كلف وزير الثقافة سعدون الدليمي بإدارة وزارة الدفاع وكالة وهو أمر أعلنت «العراقية» رفضها له، بينما تقول الأخبار إنه رفض مرشحيها التسعة الذين تقدمت بهم إلى رئيس الجمهورية جلال طالباني.

طالباني من جانبه الذي قطع إجازته الرمضانية في مدينة السليمانية وعاد إلى بغداد بدا أقل حماسا لرئيس الوزراء، معلنا أن الشراكة يجب أن تكون في القرار لا في المناصب، وبذلك يكون قد سجل ابتعادا واضحا عن المالكي، متبنيا مظالم القائمة العراقية التي صعدت من موقفها حيال ما اعتبرته مصادرة كاملة لحقوقها من قبل المالكي. الرئيس طالباني عاد ثانية إلى معقله مدينة السليمانية ليستأنف إجازته ومعها عطلة العيد لكي يستأنف بعدها مشواره الصعب مع القادة السياسيين الذين اعتبر كل واحد منهم أن عطلة العيد الطويلة نسبيا في العراق (ستة أيام) بمثابة «استراحة محارب» لكل الكتل والأحزاب والقوى السياسية التي باتت من وجهة نظر الناس بعيدة تماما عن همومهم اليومية المعيشية القاسية. ففي الوقت الذي كان فيه العراقيون يأملون بتحقيق مكتسبات حقيقية على صعيد التفاهمات السياسية بما يؤدي إلى سد الثغرات في التشكيلة الحكومية فإنهم فوجئوا باتساع هذه الثغرة بإضافة وزارة الكهرباء التي يديرها الآن الشهرستاني وهو طبقا لما يتم تداوله أحد كبار المسؤولين ممن مرت عليهم صفقة العقود الوهمية التي أطاحت بالوزير السابق. ليس هذا فقط فإنه في الوقت الذي كان فيه الناس يأملون بإيجاد حل ولو نصف جذري لرمضان القادم الذي سوف يصادف في توقيت أكثر قساوة (أواخر يوليو «تموز» وأوائل أغسطس «آب») فإن انكشاف أوراق اللعب أمامهم جعلهم أكثر يأسا مما جرى وما يمكن أن يجري. فالصيف القادم لن يكون أقل سخونة من هذا الصيف بل ربما سيكون أخطر، خصوصا مع ما بات يشغل الناس من هموم حياتية وسياسية معا تتمثل بانسحاب القوات الأميركية نهاية العام الحالي مع بقاء كل شيء على حاله دون تغيير بما في ذلك ملف تسليح الجيش العراقي الذي تحوم حول عقوده شبهات فساد بينما تبشر لجنة النزاهة البرلمانية العراقيين بأنها سوف تحيل بعد العيد ملفات فساد تطال وزراء ومسؤولين كبارا في الدولة.