تواصل القتل.. والدبابات تقتحم خان شيخون وعمليات دهم في دير الزور

إيران تحذر الناتو من الانزلاق في مستنقع سوريا.. الأسد يصدر مرسوما خاصا بقانون الإعلام

جانب من المظاهرات في باب السباع في حمص أمس
TT

استمرت العمليات العسكرية والأمنية في سوريا، أمس، حيث قتل ثلاثة أشخاص وجرح آخرون في مناطق شمال وجنوب البلاد، على الرغم من دعوة وجهتها الجامعة العربية وجهات إقليمية، منها تركيا وإيران، بوقف القمع، والاستجابة لمطالب الشعب. ودعا محتجون عبر صفحة «الثورة السورية» على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» إلى الصلاة على شهداء الحرية في مساجد وكنائس 32 مدينة حول العالم، من دون تسميتها.

وذكر مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن: «إن عشر دبابات تتبعها 3 سيارات تابعة للأمن أطلقت النار عبر رشاشات ثقيلة ثبتت عليها فور اقتحامها مدينة خان شيخون الواقعة في ريف إدلب (شمال غرب) مما أسفر عن مقتل شخصين وجرح 9 آخرين». وتحدث عن اعتقال 9 أشخاص في الدير الشرقي قرب معرة النعمان.

وتحدث المرصد أيضا عن مقتل شخص ثالث في بلدة أنخل القريبة من درعا (جنوب) التي شكلت مهد الحركة الاحتجاجية منذ منتصف مارس (آذار) الماضي. كما اقتحمت قوات عسكرية تضم مئات العناصر ونحو 150 آلية، صباح الأحد، قرى عياش والخريطة والحوايج، الواقعة في محافظة دير الزور (شرق)، وذكر المرصد أن القوات «نفذت عملية دهم للمنازل بحثا عن نشطاء واعتقلت العشرات». ونقل المرصد عن بعض الأهالي: «إن هذه القوات أحرقت منازل لنشطاء متوارين عن الأنظار».

وقالت مصادر محلية في ريف دمشق لـ«الشرق الأوسط» إنه تم تشييع الشهيدين: سامر الأفندي وعمران حمامة، في مدينة حرستا، يوم أمس، اللذين سقطا لدى قيام قوات الأمن السورية بإطلاق النار على متظاهرين زحفوا من ريف دمشق، فجر السبت، نحو ساحة العباسيين لنصرة المحاصرين في مسجد عبد الكريم الرفاعي، وأسفر عن ذلك إصابة عشرة أشخاص واستشهاد شابين، وأضافت المصادر أن «المتظاهرين خرجوا من حرستا باتجاه العباسيين إلا أن قوات الأمن قامت بإطلاق النار على الفور».

وأكدت المصادر أن «عددا من الجنود انشقوا وانضموا للأهالي ومعهم سلاحهم، وراحوا يحمونهم من قوات الأمن، وقاموا بكسر الحصار والفرار إلى منطقة بساتين القابون، وجرت ملاحقات استمرت لعدة ساعات صاحبها إطلاق نار من أسلحة متوسطة ورشاشات ثقيلة، وسمعت في منطقة البساتين بين برزة والقابون أصوات انفجارات مدفعية مع تحليق مروحي في المنطقة».

وشهد مساء السبت وصباح الأحد تصعيدا كبيرا في الأحداث، حيث أفاد ناشطون بأن شهيدا وعشرات الإصابات وقعت في بلدة مارع في محافظة حلب (شمال) برصاص الأمن والشبيحة، كما استشهد ثلاثة أشخاص في اللاذقية (ساحل) واثنان في معرة النعمان (شمال غرب) وواحد في حي البياضة بمدينة حمص.

كما أطلقت قوات الأمن والشبيحة النار أيضا لتفريق المتظاهرين في بلدة إعزاز في ريف حلب، كما اقتحمت بلدة نيرب سرمين بمحافظة إدلب، وشنت حملة اعتقالات واسعة في عدة مناطق من البلاد. وقالت تنسيقيات الثورة السورية إن إطلاق نار متقطعا وقع إثر اقتحام الجيش والشبيحة بلدة سراقب في إدلب، كما أطلقت قوات الأمن النار خلال محاصرتها جامع القزازين وسط دمشق، وحاصرت مسجد زيد بن ثابت في المدينة نفسها، وقامت بتفريق متظاهرين في حي القابون.

وانطلقت في مدينة الكسوة بريف دمشق مظاهرات تطالب بإعدام الرئيس الأسد. وفي بلدة حمورية بريف دمشق خرجت مظاهرة عقب صلاة التراويح تطالب بالحرية وبإسقاط النظام، وقال ناشطون في حمورية لـ«الشرق الأوسط» إن عدد المعتقلين في ريف دمشق تجاوز الـ300 معتقل خلال الأيام الأربعة الأخيرة. في حين قال شهود عيان إن دورية من نحو 100 عنصر أمن وشبيحة داهمت منطقة عقربا، مساء أول من أمس السبت، لإلقاء القبض على الهتيف (أبو شفيق) وقد سمع إطلاق نار وجرت مواجهات بين الأهالي وقوات الأمن. وأخرى في منطقة الحميدية بدير الزور بعد صلاة التراويح تضامنا مع دمشق.

وفي حي الميدان في العاصمة دمشق اجتمع عدد من الشباب والشابات في حي الميدان على طاولة الإفطار سموه (إفطار المحبة) ووقعوا على بيان أعلنوا فيه التزامهم «بصيانة البلد مما يصيبه من أخطار من قبل الأفراد والجهات»، والمضي نحو «سوريا حرة ديمقراطية يحكمها القانون، ودولة المؤسسات، وتصان فيها حريات الجميع دون تمييز».

وفي حمص قال سكان إن قوات الأمن أطلقت النار على المتظاهرين في شارع الملعب في حمص، أدى إلى وقوع الكثير من الإصابات. ولم تتوقف المظاهرات في مدينة حمص، حيث شهد حي بابا عمرو مظاهرة حاشدة بعد صلاة التراويح، مساء السبت، تسقط الأسد وتناصر أهالي كفر سوسة في دمشق. وفي حي باب هود بحمص خرجت مظاهرات استنكار لاقتحام قوات الأمن والشبيحة مسجد الرفاعي بحي كفر سوسة، واعتدائها على المصلين وإمام المسجد الشيخ أسامة الرفاعي.

وشهدت قرى ومدن محافظة درعا مظاهرات مسائية مناهضة للنظام في سوريا تطالب برحيل الرئيس بشار الأسد، وخاصة في كفر شمس وبصرى الحرير. وفي بلدة مليحة العطش بدرعا انطلقت بعد صلاة التراويح مظاهرة للمطالبة برحيل النظام السوري، ولمؤازرة أهالي كفر سوسة في دمشق. وعلى المنوال نفسه خرجت مظاهرات ليلية في عدة مدن أخرى ومناطق، منها بلدات في ريف دمشق، وكذا بلدات مجاورة لمدينة درعا، وفي مدينة دير الزور ومدينة إدلب والقامشلي وبانياس وغيرها.

إلى ذلك، أصدر الرئيس السوري بشار الأسد مرسوما خاصا بقانون الإعلام، ضمن البرنامج الإصلاحي الذي أعلن عنه لتهدئة موجة الاحتجاجات غير المسبوقة في سوريا، والمتضمن بشكل خاص منع حبس الصحافي، وحرية حصوله على المعلومة. وذكرت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) أن الرئيس السوري «أصدر المرسوم التشريعي الخاص بقانون الإعلام»، دون المزيد من التفاصيل. وذكر رئيس اتحاد الصحافيين، إلياس مراد، لوكالة الصحافة الفرنسية أن هذا القانون «هو مطلب قديم لاتحاد الصحافيين، للوصول إلى قانون أكثر عصرية يعطي الفرصة للإعلام السوري والصحافي السوري ليأخذ دورا أشمل باتجاه تقديم الحقيقة، والتعامل مع المعلومة بما يخدم المجتمع». وأشار مراد إلى «فقرة مهمة» في القانون تتعلق «بمنع حبس الصحافي عبر مادة خاصة». وأكد رئيس الاتحاد أن «القانون يتيح حرية أوسع للصحافيين في الحصول على المعلومات، ويلزم المسؤولين في الحكومة والمؤسسات العامة والخاصة بإعطاء المعلومات للصحافي ليمارس مهنته».

إلى ذلك, حذرت إيران حلف شمال الأطلسي أمس من الانسياق وراء أي رغبة للتدخل في سوريا، وقالت إنه بدلا من هزيمة نظام، سيجد الحلف نفسه غارقا في «مستنقع» كما حدث في العراق وأفغانستان.