شظايا الثورة السورية تلامس شمال لبنان وتنذر بـ«سيناريو» أمني خطير

الضاهر لـ «الشرق الأوسط»: حزب الله يخطط لتوريط 14 آذار مع الجيش

الصلاة على شهيدين في خان شيخون (صورة من شام فلاش)
TT

تسابق الاتصالات السياسية في شمال لبنان الزمن لضبط الوضع الأمني في المنطقة، والحؤول دون انزلاقه إلى «المحظور»، على خلفية تنامي الشائعات عن سيناريو يتم حبكه بدقة متناهية لتوريط التيارات المناصرة لفريق 14 آذار، في مؤامرة أمنية تصب في مصلحة الفريق السياسي الموالي لقوى 8 آذار.

وتكشف المعلومات المتداولة في الشارع الشمالي، وتحديدا في مناطق عكار، عن عمليات تهريب سلاح وتسلح لأطراف عدة بموازاة الحملات الإعلامية العنيفة ضد تيارات إسلامية، في مقدمها «الجماعة الإسلامية»، وأبرزها الاتهامات الموجهة إليها بالتحضير لعمليات اغتيال تستهدف فاعليات وحلفاء حزب الله في المنطقة، على غرار إطلاق النار الذي حصل خلال حفل إفطار في عكار من دون أن تتضح ملابساته، على الأقل من الناحية الرسمية.

ولا تقتصر التوترات الأمنية الشمالية على منطقة معينة، بل امتدت في الأسبوع الماضي إلى إهدن، حيث سجل إطلاق نار «مجهول» على قصر الرئيس سليمان فرنجية، علما بأن النائب فرنجية سارع إلى حصر العملية في الإطار الفردي البحت، وابتعد عن تأويلها وتحليلها. وكان سبق هاتين الحادثتين مسلسل إشكالات أمنية محدودة في قرى شمالية عدة بين مناصرين لـ«القوات اللبنانية» وآخرين من «المردة»، وقد تم تطويقها على الفور.

وبدأت القصة مع تعرض حفل إفطار أقامه الشيخ عبد السلام الحراش في قرية عيات العكارية لإطلاق نار ذهب ضحيته عضو المجلس الإسلامي العلوي، الشيخ بسام المحمود، وانطلقت على أثره مواجهة سياسية وإعلامية في المنطقة لم يسلم الجيش اللبناني وأجهزته الأمنية من شظاياها؛ فقد وصف النائب خالد الضاهر الإجراءات الأمنية بـ«القمعية»، واستعار لعناصر مخابرات الجيش لقب «الشبّيحة»، بعد اعتقالهم عددا من المواطنين في القرية.

وأتت الردود قاسية ومن كل الأطراف على هجوم النائب الضاهر، ولم يحل توقف هذا الهجوم من دون تسريب معلومات في أوساط فريق 8 آذار عن ملف يجري إعداده للنائب الضاهر يتضمن اتهامات بجرائم وبتصفية بعض الأشخاص في حقبات سابقة.

«الجمر يشتعل تحت الرماد والزمن الصعب آت لا محالة»، بهذه الكلمات اختصر الضاهر الوضع الأمني الراهن في منطقة عكار. وكشف لـ«الشرق الأوسط» عما قال إنه «مؤامرة» يجري تنفيذها تستهدف توريط المستقبل والجماعة الإسلامية، والقيام بأعمال أمنية ضدهم، من خلال تلفيق التهم والافتراء على نواب وشخصيات من 14 آذار.

وحول حادثة إطلاق النار على إفطار بلدة عيات، أكد الضاهر أن الشيخ الحراش، وهو ليس برجل دين بل منتحل صفة ومخبر لدى النظام السوري وسبق أن ترشح للانتخابات النيابية في العام 1996 ولم يحالفه الحظ، أقام إفطارا في البلدة وأحضر إلى قلب معاقل «المستقبل» شخصيات من قوى 8 آذار، ورتب لعملية إطلاق النار على المدعوين، وذلك في سيناريو مشابه لسيناريو الشيخ محمد المجذوب الذي ادعى أنه تعرض للاختطاف في البقاع ثم تبين لاحقا أنه اختطف نفسه. ووصف الحادثة بأنها جزء من المؤامرة، والدليل على ذلك مسارعة استغلالها من قبل فريق 8 آذار بهدف الضغط على مناطق السنة والمسيحيين، وهو نهج لطالما استخدمه النظام السوري.

وفي هذا السياق، أشار الضاهر إلى أنه تلقى معلومات في شهر أغسطس (آب) الحالي، تفيد بأن «المخابرات اللبنانية، التي تنسق في الفترة الأخيرة مع المخابرات السورية، تعمل على إعداد خطة تقضي بتلفيق التهم لي شخصيا من خلال إعداد لائحة ببعض جرائم الاغتيال التي حصلت في منطقة الشمال وتحميلي مسؤوليتها، وهذا ما اتضح لي لاحقا عندما حصلت عملية إطلاق النار على حفل إفطار تم إعداده وتنسيقه في منطقة عكار، وبشكل مفتعل».

وعن هجومه الصاعق على الجيش، وموجة الاستياء التي أثارها، أوضح الضاهر أنه يقف مع المؤسسة العسكرية في وجه الإرهاب وضد المجرمين ويدعم الجيش، ولكنه يفاجأ بأن الجيش يهين «جماعته» في عكار، و«لا يميز بين الميليشيا المسلحة، (أي حزب الله) والمواطنين»، كاشفا عن وجود «عناصر مندسة في الجيش والمخابرات تعمل لتوريط المنطقة وتسعى لاستغلال الجيش، وهؤلاء المندسون قريبون من النظام السوري، لذلك على الجميع أن يتحملوا مسؤولياتهم، وأن تعالج الثغرات ويتراجع الضجيج في الإعلام ويتوقف الكذب من قبل فرقاء 8 آذار حول «غيرتهم المفاجئة» على الجيش واتهامنا بالانقلاب عليه».

وكان لقاء تضامني مع ضاهر عقد أمس في منزله في طرابلس، حضره أعضاء كتلة المستقبل؛ النواب أحمد فتفت، محمد كبارة، معين المرعبي وكاظم الخير، وعضو قيادة تيار المستقبل النائب السابق مصطفى علوش وعضو تجمع علماء الصحوة الشيخ زكريا عبد الرزاق المصري. وعقب اللقاء، أكد فتفت أننا «في تيار المستقبل، التزمنا المؤسسات قبل أي طرف، ونحن من دعمنا الجيش اللبناني في كل الظروف، وما زلنا ندعمه وجميع القوى الأمنية في عملها المؤسسات». وقال: «فليسمحوا لنا، وليسمحوا لنا بكلام واضح، إننا لن نقبل الاتهامات التي وُجّهت، ولكن في الوقت نفسه نحن نعلن أن هناك ممارسات غير مقبولة من بعض الضباط، وتحديدا في مخابرات الجيش اللبناني، ولا نخجل أن نقول بكل صراحة إن بعض الممارسات تشبه بشكل واضح الممارسات التي كانت تقوم بها المخابرات السورية وبخاصة في الشمال، وسبق أن أوضحنا هذا الموقف لقائد الجيش والمسؤولين، ولكن للأسف لم تؤخذ الإجراءات».

وشدد فتفت على أننا «عندما ننتقد أي مؤسسة، إنما نفعل ذلك لتحسين وضع هذه المؤسسة، وما أدلى به الزميل الكريم أوصلناه إلى قيادة الجيش، وأوصلناه لأكثر من مسؤول، ولكن للأسف لم نلقَ جوابا شافيا، فمن هذا المنطلق نحن نطالب الآن بدلا من الكلام الذي لا معنى له، أي رفع الحصانة، نطالب المؤسسة بتصحيح الوضع وتحديدا في موضوع المخابرات في الشمال، وأيضا يبدو في البقاع».