المجلس الانتقالي يسابق الزمن لإعادة الحياة إلى طرابلس

كهرباء متقطعة ومياه شحيحة وأسعار خيالية وتلال من القمامة

ليبيون في طرابلس ينتظرون في طوابير طويلة للحصول على الخبز (إ.ب.أ)
TT

يبذل المجلس الانتقالي للثوار الليبيين جهودا متسارعة لإعادة الحياة في العاصمة الليبية طرابلس، إلى طبيعتها، بعد أن سادها هدوء لليوم الثاني، وإن ظلت تسمع أصوات نيران متقطعة ليل أمس وأول من أمس، والعثور على عشرات الجثث المتفحمة قرب قاعدة عسكرية لنظام القذافي.

وفي الوقت الذي طلب فيه مسؤولون في المجلس الوطني الانتقالي مساعدات عاجلة، حثت الجامعة العربية في اجتماع خاص بالقاهرة في وقت مبكر من صباح أمس، مجلس الأمن الدولي على الإفراج عن مليارات الدولارات من الأرصدة الليبية المجمدة.

وذكرت وكالة الصحافة الفرنسية أن دوي انفجارات وأصوات نيران رشاشات سمعت في طرابلس خلال الليلتين الماضيتين، غير أنه لم يتضح ما إذا كانت صادرة عن مقاتلين موالين للقذافي أم عن الثوار الذين يحتفلون بسيطرتهم على أغلب مناطق العاصمة التي دخلوها قبل أسبوع.

وقال الثوار أول من أمس، إنهم استولوا على قاعدة تابعة للكتيبة 32 التي يتزعمها خميس القذافي، بعد توجيه حلف شمال الأطلسي ضربة جوية وإثر سبع ساعات من القتال الشرس.

وفي بناية مجاورة شاهد مراسل لوكالة الصحافة الفرنسية، البقايا المتفحمة لنحو 50 جثة قال سكان المنطقة إنها لأسرى قتلوا الثلاثاء الماضي بالرصاص والقنابل اليدوية.

وقال سجين سابق في البناية، كان قد نقل منها بعد اكتظاظها، إن الموالين للقذافي ألقوا قنابل يدوية وفروا.

وعد رئيس المجلس الوطني الانتقالي، مصطفى عبد الجليل، بمحاكمة عادلة في ليبيا للعقيد الليبي الهارب ولكبار مساعديه إذا سلموا أنفسهم. كما دعا عبد الجليل، متحدثا في مدينة بنغازي شرق البلاد، التي انطلقت منها الاحتجاجات ضد نظام القذافي في فبراير (شباط) الماضي، لتقديم مساعدات إنسانية عاجلة لطرابلس خاصة الإمدادات الطبية.

وقال عبد الجليل في مؤتمر صحافي: «ندعو جميع المنظمات الإنسانية للمساعدة لحاجة طرابلس إلى الأدوية وإلى مواد الإسعافات الأولية والمواد الجراحية». واتهم عبد الجليل قوات القذافي بالقيام بـ«عمليات تخريب»، مما أدى إلى نقص المياه وانقطاع الكهرباء في طرابلس، قائلا «نعمل على حل هذه المشكلات».

كما تردد صدى دعوة عبد الجليل لتقديم المساعدة خلال اجتماع الجامعة العربية في القاهرة، حيث حث اجتماع خاص لوزراء الخارجية العرب، تناول الأوضاع في ليبيا وسوريا، «الأمم المتحدة والبلدان المعنية.. على الإفراج عن الأصول والممتلكات» الليبية.

ودعا بيان للوزراء العرب الأمم المتحدة لـ«السماح للمجلس الوطني الانتقالي بشغل مقعد ليبيا في الأمم المتحدة وفي المنظمات التابعة لها».

من جانبه حذر محمود جبريل، رئيس المكتب التنفيذي للمجلس الانتقالي، الذي ترأس الوفد الليبي في اجتماع الجامعة العربية، من خطورة «عدم الاستقرار» في ليبيا ما لم يتمكن المجلس من دفع رواتب الموظفين واستعادة الخدمات اللازمة للمواطنين.

ووجهت الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والجامعة العربية والاتحاد الأوروبي مناشدات لطرفي الصراع في ليبيا لتجنب الأعمال الانتقامية، وهو ما أكدته وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، كاثرين أشتون، خلال اجتماع ما يسمى بمجموعة القاهرة.

وقالت أشتون «على العقيد القذافي تجنب المزيد من إراقة الدماء بتخليه عن السلطة ودعوته القوات المستمرة في القتال لإلقاء سلاحها وحماية المدنيين».

وفي تلك الأثناء قال محمود شمام، المتحدث بلسان المجلس الانتقالي، إن المجلس سيبدأ في توزيع 30 ألف طن من الوقود على سكان طرابلس وسيوفر أيضا الغاز للمنازل في غضون اليومين المقبلين.

وأضاف أن المجلس يعمل على إعادة العمل بمصفاة الزاوية، مناشدا المواطنين الصبر، داعيا الموظفين من القطاعين العام والخاص، والعاملين في القطاع النفطي للعودة إلى أعمالهم.

وقال شمام «نحن نبدأ من نقطة الصفر، فلا تتوقعوا المعجزات ولكننا نعدكم بالعمل على إنهاء تلك الفترة الصعبة في أقصر وقت ممكن».

واعترف شمام بوجود جيوب من المقاومة المؤيدة للقذافي، قائلا «يخطئ من يظن أنه ليس هناك من يدعم القذافي أو ليس هناك طابور خامس يعمل على تعكير السلام في طرابلس».

وتنقطع الكهرباء في العاصمة لساعات عدة يوميا، بينما لا تتوفر المياه في العديد من مناطقها، في الوقت الذي بلغت فيه أسعار المواد الغذائية والبنزين أرقاما خيالية، فيما تراكمت تلال القمامة في الشوارع تحت أشعة الشمس الحارة.

ورغم ذلك ما زال السكان يعملون على مواصلة الحياة الطبيعية، فقد فتحت بعض المحال أبوابها أول من أمس، وخرج الناس للاستعداد لعيد الفطر.

ورغم سيطرة الثوار على مطار طرابلس، فإنه ما زال مستهدفا بنيران متقطعة وقذائف، غير أن الثوار يقولون إنهم وسعوا من نطاق سيطرتهم.

من ناحية أخرى، نقلت وكالة الصحافة الفرنسية، عن قائد للثوار قوله، إن الهجوم الذي نفذته قواته فجرا على قاعدة «اللواء 32» التابعة لخميس القذافي، إلى الجنوب من العاصمة، أسفر عن مقتل 11 منهم، بينما كبد «الجانب الآخر خسائر أفدح».

وقد تمكن مقاتلو المعارضة يوم الجمعة الماضي، من السيطرة على رأس جدير، النقطة الحدودية مع تونس، التي كان يخشى أن يهرب منها القذافي وأسرته والمقربون منه. كما تمكنوا من السيطرة على قريتين كانت قوات القذافي تقصف منهما زوارة بين الحدود والعاصمة، حسب ما قال مراسل وكالة الصحافة الفرنسية المرافق لقوات الثوار.

من جهتها، نفت وزارة الخارجية الجزائرية نفيا قاطعا، ما نقلته وكالة الأنباء المصرية، من أن ست سيارات «مرسيدس» مصفحة، عبرت إلى الجزائر في وقت متأخر يوم الجمعة، يحتمل أن تكون قد أقلت مسؤولين ليبيين بينهم القذافي نفسه.