شباب ثورة مصر يتحدون الانفلات الأمني ويستعدون لـ«عيد فطر بلا تحرش»

يحاولون استعادة أخلاق ميدان التحرير بحملات توعية ولجان شعبية

TT

«عايزينه يبقي عيد فطر الثورة بجد.. يجب أن يعلم الجميع أن مصر تتغير».. هكذا قالت الطالبة الجامعية رشا محمد (20 عاما) بنبرة حادة، معلنة مشاركتها في حملة دشنها شباب الثورة، مؤخرا، للتوعية ضد التحرش بالفتيات في عيد الفطر المبارك، الذي يحل علينا خلال الأسبوع الحالي.

ويقول مسؤولو الحملة إن مخاطر العيد هذا العام كونه يأتي في ظل انفلات أمني كبير تعيشه البلاد حاليا بعد الثورة، ناتج عن عدم وجود قوات الشرطة في الشارع بصورة كافية، مع ارتفاع معدلات التحرش بالسيدات، حيث قالت دراسة حقوقية العام الماضي إن 83 في المائة من المصريات يتعرضن للتحرش.

وبدا أن شباب الثورة في مصر الذين تفرقوا بين الكثير من الأحزاب والحركات السياسية، يحاولون الآن التجمع مرة أخرى للدفاع عن ثورتهم ضد أي محاولات لإجهاضها، أو إظهارها بصورة سيئة، وأنها تسببت في حالة التسيب الأمني الذي تعيشه البلاد، فدشن الكثير منهم الآن حملات توعية، ولكن شعبية، بمشاركة الكثير من الأحزاب والحركات السياسية والاجتماعية، من أجل توعية الشباب وحماية الفتيات من أي محاولات للتحرش بهن في أماكن المتنزهات العامة وأمام دور العرض السينمائي خلال أيام العيد.

ويقول الناشط الإلكتروني، محمد العربي، على صفحة خصصت لمناقشة حملة منع التحرش في العيد، على الموقع الاجتماعي «تويتر»: «هذا العيد هو أول اختبار لوزارة الداخلية بعد الثورة.. كالعادة هي لن تنجح في منع حوادث التحرش بالبنات، خاصة في مناطق وسط البلد.. لكننا لن نسمح لهم».

وأنشأ هؤلاء الشباب حملاتهم، دون أن تغيب عن أذهانهم الأخلاق التي سادت في ميدان التحرير خلال الـ18 يوما للثورة، منذ 25 يناير (كانون الثاني) وحتى تنحي الرئيس السابق حسني مبارك في 11 فبراير (شباط)، حينما كان يجتمع الملايين في الميدان دون حالة تحرش واحدة، وعندما كان يحمي الشباب الفتيات من بطش رجال الأمن والبلطجية على حد سواء.. وهي الصورة التي تحدث عنها العالم كله وشهد بروعتها.

«عيد مصر أمان في كل مكان».. عنوان إحدى هذه الحملات التي بدأها ناشطون على موقع «فيس بوك»، يقول القائمون عليها: «عيد مصر السنة دي مختلف ولازم يبقى مختلف.. مين فينا مش فاكر أو فاكرة أحداث التحرش الجماعية المؤسفة في السنوات الماضية، ما ينفعش نسكت على انتهاك كرامة المواطنة والمواطن المصري في الشارع، هذا العيد غير كل الأعياد، عيد بعد ثورة 25 يناير، لا بد أن يكون عيد الكرامة، الحرية والعدالة.. السنة دي.. من أول يوم العيد حنقول لا للتحرش الجنسي.. لن نكون سلبيين».

وفي محافظة الإسكندرية، دشنت مبادرة تطوعية أخرى حملت عنوان «حملة ولاد البلد»، تهدف لوضع نهاية للتحرش الجنسي، نظم المسؤولون عنها، أول من أمس، فاعلية رياضية بجوار قلعة قايتباي، تستهدف تقديم بديل للشباب، باعتبار أن المجهود المبذول من قبل المتحرش لمضايقة ضحيته لو أحسن استغلاله في نشاط رياضي سيتحول من صاحب سلوك سيئ إلى صاحب دور حقيقي وشخص نافع لنفسه ووطنه.

ووفقا لدراسة أصدرها المركز المصري لحقوق المرأة العام الماضي بعنوان «غيوم في سماء مصر»، فإن 83 في المائة من المصريات يتعرضن للتحرش، وجاءت الملامسة غير اللائقة للجسد على قمة أشكال التحرش الجنسي المختلفة التي تتعرض لها النساء بنسبة تجاوزت 40 في المائة، هذا بخلاف التتبع والملاحقة والمعاكسات الكلامية وغيرها من أشكال التحرش.

وقالت الدراسة إن الغالبية العظمى من النساء اللاتي يتعرضن للتحرش لم يبدين أي ردود فعل إيجابية، خوفا من التأثير على سمعتهن، أو خوفا من ردود فعل الآخرين وتوجيه اللوم لهن، كما قالت 74 في المائة من العينة إن الناس لا تساعدهن عندما تحدث واقعة التحرش في الأماكن العامة.

وكشفت الدراسة السابقة عن أن أكثر من 62 في المائة من الرجال مارسن التحرش، وقال 41 في المائة من العينة التي مارست التحرش إن هذا الفعل يشبع لديهم رغبة جنسية مكبوتة، بينما يشعر 23 في المائة بذكورتهم وثقتهم في أنفسهم.

هذه المؤشرات جعلت شيماء عزيز تبدي مخاوفها، ومن ثم تقرر أن تخرج في العيد، وتقول: «أنا مابقيتش أخرج بسبب التحرش.. مابقيتش قادرة على الكراهية والاستخفاف بيه للدرجة دي.. على كل البنات الاستعداد لتحرشات العيد الجماعية.. السنة دي مفيش بوليس..». ويسخر المدون الناشط جوزيف قائلا: «معادنا في أول أيام العيد مع افتتاح مهرجان التحرش للجميع.. انتظرونا». وتعيش مصر حالة من عدم الاستقرار الأمني في الفترة الحالية، لم تستثن حتى النشطاء السياسيين أمثال الدكتور عمرو حمزاوي والدكتور محمد البلتاجي اللذين تعرضوا لعمليات سرقة واعتداء من جانب مجهولين. ويتهم شباب الثورة قوى الثورة المضادة وفلول النظام السابق بالقيام بعمليات تخريبية متعمدة لتشويه الثورة لإجهاضها، كما يلقون اللوم على وزارة الداخلية لعدم حسم الأمر بشكل جدي وترك البلطجية وفلول النظام السابق يمرحون كما يشاءون.