إسرائيل تمنع نشر تقرير يحملها مسؤولية أي نجاح فلسطيني في الأمم المتحدة

تقديرات في تل أبيب بعد اعتراف مندوبها الدائم بالفشل: أكثر من 130 دولة ستؤيد مشروع الفلسطينيين

TT

بعد نشر برقية سرية لمندوب إسرائيل الدائم لدى الأمم المتحدة، يعترف فيها بفشل جهوده في إجهاض المشروع الفلسطيني للاعتراف بالدولة، اتهم رئيس لجنة الخارجية والأمن حكومة بنيامين نتنياهو، أمس، بتكميم أفواه النواب، ومنع نشر تقرير مهني يحمل هذه الحكومة مسؤولية الفشل، ويقول إنها لو عرضت مبادرة سياسية ذكية لما كانت إسرائيل ستواجه مثل هذا الفشل الدبلوماسي الاستراتيجي.

وكان مندوب إسرائيل لدى الأمم المتحدة، رون بروشاور، بعث بتقرير سري إلى وزارة الخارجية، نشر مضمونه، أمس، في تل أبيب، يقول فيه إنه «لا يوجد أمل لإسرائيل في بلورة كتلة ذات وزن من الدول التي تعارض الاعتراف بالدولة الفلسطينية في الجمعية العامة للأمم المتحدة، الشهر المقبل».

وجاء هذا التقرير تحت العنوان: «تقرير من خطوط الجبهة في الأمم المتحدة»، وعرض فيه بروشاور، الذي وصفته التقارير الإسرائيلية بأنه أحد كبار الدبلوماسيين الإسرائيليين وأكثرهم خبرة وتجربة، تقييمات «متشائمة» جدا بشأن قدرة إسرائيل على التأثير بشكل ملموس على نتائج التصويت، بما يشير إلى أن «إسرائيل تواجه هزيمة دبلوماسية».

وبحسب هذا التقرير فإن أفضل ما يمكن لإسرائيل إنجازه هو مجموعة من الدول تمتنع أو تتغيب عن التصويت. ويقول إنه في أعقاب إجراء نحو 60 لقاءا في الأسابيع الأخيرة مع مندوبي الدول المختلفة في الأمم المتحدة، يتضح أن دولا قليلة فقط ستصوت ضد المسعى الفلسطيني. والتقدير هو أن نحو 130 إلى 140 دولة ستصوت لصالح الفلسطينيين، في حين أن هناك علامات استفهام بشأن تصويت دول الاتحاد الأوروبي.

من جهة ثانية، قال مسؤول كبير في وزارة الخارجية الإسرائيلية، يعمل بشكل مكثف على عرقلة المسعى الفلسطيني، إن خمس دول غربية فقط تعهدت لإسرائيل بأن تصوت ضد الاعتراف بالدولة الفلسطينية، هي الولايات المتحدة وألمانيا وإيطاليا وهولندا والتشيك، في حين أن باقي الدول الغربية ليست على استعداد لحضور الجلسة والتصويت ضد الدولة الفلسطينية. ووفقا لهذا المصدر، فإن الدول الأوروبية الأربع المشار إليها من الممكن أن تغير موقفها بناء على نص القرار الذي سيعرضه الفلسطينيون.

وفي حال كان القرار «معتدلا»، و«يتناول إمكانية العودة إلى طاولة المفاوضات بعد التصويت مباشرة»، فمن الممكن أن تغير هذه الدول الأربع موقفها من المعارضة إلى الامتناع عن التصويت. وبحسب التقديرات ذاتها، فإن الدول الأوروبية (27 دولة) سوف تنقسم إلى مجموعة كبيرة تصوت إلى جانب المسعى الفلسطيني، ومجوعتين أخريين؛ الأولى تمتنع والثانية تعارض.

وفي هذه الأثناء، لا تزال وزارة الخارجية الإسرائيلية تواصل حملتها الإعلامية في كل أنحاء العالم لتجنيد الدعم لموقف إسرائيل، كما تم إرسال عدد من الوزراء إلى أفريقيا وآسيا، إلا أن التقارير الإسرائيلية تشير إلى أن رئيس الحكومة الإسرائيلية قد تنازل عن المشاركة في زيارات كهذه، بدعوى انشغاله في القضايا الداخلية. وتنازل حتى عن التوجه إلى نيويورك في نهاية سبتمبر (أيلول) المقبل، «لكونه لا يعتقد أن حضوره جلسة الجمعية العامة سوف يؤدي إلى تغيير اتجاه في التصويت على القرار». ومن المتوقع أن يقوم الرئيس الإسرائيلي، شيمعون بيريس، بذلك بدلا عنه. كما أشارت إلى أن وزير الخارجية ليبرمان، الذي سيشارك أيضا في الجمعية العامة، نصح نتنياهو بأن يوفد بيريس، وذلك «لكي يكون الخط الإسرائيلي المسموع في الأمم المتحدة قبل التصويت متصالحا ومعتدلا أكثر ما يمكن».

إزاء هذا الفشل، أعد في لجنة الخارجية والأمن في الكنيست (البرلمان) الإسرائيلي تقرير سري، يحمّل حكومة نتنياهو مسؤولية مباشرة عن النجاحات الفلسطينية المتوقعة. وسبق التقرير عدة لقاءات للجنة مع مجموعة من كبار المسؤولين في الجيش والمخابرات، ومجموعة من الخبراء في مجال الدراسات الاستراتيجية، خرجوا جميعا تقريبا باستنتاج واحد هو: «لقد كان بإمكان إسرائيل أن تتفادى هذا الفشل الدبلوماسي الكبير والخطير، لو أن الحكومة خرجت بمبادرة سياسية مقنعة لاستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين».

وحاول رئيس اللجنة، شاؤول موفاز، وهو وزير دفاع سابق ورئيس أركان أسبق للجيش الإسرائيلي، أن يجري بحثا للجنة حول نتائج التقرير وطرحه للتصويت في اللجنة. ولكن قادة الائتلاف الحكومي، الذين يشكلون أكثرية في اللجنة، منعوه من ذلك. فخرج ببيان غاضب أمس يتهم فيه الحكومة بتكميم أفواه الشعب وجنرالاته. ويعتبره تصرفا فظا منافيا للديمقراطية، ويعد بأن لا يستسلم لهذا التوجه.

وعلى صعيد ذي صلة، نقلت صحيفة «هآرتس»، أمس، عن مسؤول إسرائيلي كبير، قوله إن هناك توجهين في إسرائيل؛ الأول يتصل بالمستوى السياسي، وخاصة نتنياهو ووزير الخارجية، ليبرمان، وبحسبه فإنه يجب التعامل مع القرار بشكل مماثل لتقرير غولدستون، وبما أنه لا يوجد إمكانية لدى إسرائيل لوقف اتخاذ هذا القرار فيجب إدانته بشدة. وأما التوجه الثاني، الذي تطرحه أقلية، فيقوده مسؤولون في وزارة الخارجية والشاباك (جهاز المخابرات العامة)، وضباط في شعبة التخطيط في الجيش، ويتضمن أن تحاول إسرائيل التأثير على نص القرار الذي سيعرض للتصويت، وذلك بهدف بلورة نص يمنع «كسر قواعد اللعبة» بعد التصويت، وربما يتيح تجديد المفاوضات.