خلافات في إسرائيل حول دخول قوات مصرية إضافية إلى سيناء

رغم أن القاهرة لم تطلب ذلك بعد

TT

تغرق الساحة السياسية والحزبية الإسرائيلية، هذه الأيام، بالنقاش حول «المطلب المصري بإعادة فتح اتفاقيات كامب ديفيد للسلام بين إسرائيل ومصر»، الموقعة سنة 1979، وذلك بهدف زيادة عدد القوات العسكرية والأمنية في سيناء لوضع حد للانفلات الأمني.

وبات هذا موضوعا أساسيا في النقاش أيضا في الشارع المصري. ولكن مصدرا سياسيا رفيعا قال لـ«الشرق الأوسط» إن مصر لم تتقدم بطلب رسمي بعد. ولذلك فالنقاش سابق لأوانه.

وكانت هذه النقاشات قد انفجرت في أعقاب عدد من التصريحات التي أدلى بها وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك، وقال فيها إن إسرائيل لن تمانع في التجاوب مع مطلب مصري لزيادة قواتها بأعداد أكبر مما هو مسموح به في اتفاقيات كامب ديفيد بما في ذلك طائرات مروحية ومجنزرات. واعتبر الأمر مصلحة مشتركة للبلدين: «فمصر تحتاج إلى تثبيت سلطة القانون والنظام في سيناء، ونحن بحاجة إلى تثبيت الأمن على حدودنا الجنوبية».

وأيد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، هذا التصريح، وقال: إنه في حالة تقدم مصر بطلب رسمي في هذا الاتجاه، فإنه سيدعو إلى إجراء بحث منظم حول الموضوع.

وأثار هذان التصريحان مخاوف في اليمين الإسرائيلي من خطر تحويل سيناء مرة أخرى إلى منطقة تهديد للأمن الإسرائيلي، كما كانت عليه قبل حرب 1967. وصرح رئيس الكنيست الإسرائيلي، رؤوبين رفلين، وهو من حزب الليكود، وكان من معارضي اتفاقيات كامب ديفيد في حينه، بأن تعديل اتفاقيات كامب ديفيد هو خط أحمر لا يجوز تجاوزه.

وقال مصدر سياسي معتدل في الحكومة الإسرائيلية، أمس، إن «هذه زوبعة في فنجان، سواء كان ذلك في إسرائيل أو في مصر». وفسر أقواله مؤكدا: «أولا سبق أن طلبت مصر من إسرائيل أن تدخل قوات إضافية من حرس الحدود إلى سيناء في زمن الرئيس حسني مبارك ووافقنا، مع أن علاقاتنا معه كانت مشوبة بالتوتر. ثم طلب المجلس العسكري بقيادة المشير محمد حسين طنطاوي إدخال قوات، في أعقاب التفجيرات الإرهابية في أنابيب الغاز، التي تزود كلا من إسرائيل والأردن ولبنان وسوريا بالغاز الطبيعي المصري، فوافقنا ودخل أول مرة 200 جندي في شهر فبراير (شباط) الماضي، ودخل 3300 جندي آخر في نهاية الشهر الماضي، ما يعني أنه لا توجد مشكلة».

وأضاف المصدر: «اليوم أيضا، لن تكون مشكلة في التجاوب مع مطالب مصرية من نفس النوع، وقد جرت أحاديث شفهية في الموضوع بين المشير طنطاوي ووزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك. لكن طلبا مصريا رسميا لم يصل إلى إسرائيل. وفي حالة التقدم بطلب كهذا، فإن إسرائيل ستضع بعض الشروط للتجاوب معها، لكي لا تمس بمصالحها الاستراتيجية». وردا على سؤال حول طبيعة هذه الشروط، أجاب: «لن توافق إسرائيل على إعادة فتح الاتفاقيات الموقعة، حتى لا تكون هذه سابقة. ولكن يمكننا أن نضيف إليها اتفاقا جديدا مؤقتا ينص على إدخال القوات المطلوبة، بحيث يكون هذا اتفاقا مؤقتا ينتهي عند استتباب الأمن، وبحيث تكون القوات الإضافية قوات محدودة، غير قادرة على إدارة حرب مع إسرائيل، فليس هناك مكان للدبابات والطائرات المقاتلة ولا لقواعد صاروخية وهكذا».

المعروف أن هناك ملحقا عسكريا لاتفاقيات كامب ديفيد المذكورة، تم بموجبه تقسيم سيناء المصرية المحررة والنقب الإسرائيلي إلى عدة مناطق، بعضها منزوعة السلاح. ففي النقب حددت منطقتان، الأولى بعرض 3 كيلومترات وتكون فيها دوريات عسكرية إسرائيلية محدودة وغير هجومية. وفي سيناء تم التقسيم إلى ثلاث مناطق: «أ»، وتسمى أيضا الخط الأحمر - وهي الممتدة على طول قناة السويس بعمق 58 كيلومترا إلى الشرق ويسمح لمصر بالاحتفاظ فيها بقوات بحجم كتيبة مشاة ميكانيكية مزودة بما لا يزيد عن 230 دبابة و480 ناقلة جند مدرعة وبتعداد لا يتعدى 22 ألف جندي. والمنطقة الثانية «ب»، والتي يطلق عليها الخط الأخضر ويسمح للجيش المصري بالاحتفاظ بداخلها بأربع سرايا من قوات حرس الحدود مسلحين بسلاح خفيف فقط. والمنطقة الثالثة والمصنفة «ج»، الممتدة من الخط الأخضر حتى خط الحدود الدولية، حيث يسمح بالعمل فقط لقوات المراقبة الدولية بقيادة أميركية وإلى جانبها قوات شرطة مدنية مصرية.