إعصار آيرين «الضعيف» يجتاح الساحل الشرقي ويضرب نيويورك.. ويقتل 9 أشخاص

انقطاع الكهرباء ووقف الحركة الجوية.. والمياه تهدد الحي المالي بالغرق

الرياح تجتاح ناطحات السحاب بمانهاتن والمياه تهدد حي المال بالغرق (رويترز)
TT

ضرب إعصار آيرين، أمس، نيويورك، على الرغم من ضعف قوته، حيث اجتاحت رياحه العاتية ناطحات السحاب بمانهاتن، وهددت مياهه بإغراق الحي المالي بعد أن أسفر عن مقتل 9 أشخاص على الأقل على الساحل الشرقي للولايات المتحدة.

ووصل الإعصار الأول الذي يضرب نيويورك منذ نحو ليل السبت - الأحد مصحوبا ببرق وهطول أمطار مدوية ودوامات من الرياح الخطيرة.

ومع اقتراب الإعصار آيرين من ساحل نيوجيرسي، ضعفت قوة رياحه بشكل ملحوظ منخفضة إلى 75 ميلا (120 كيلومترا) في الساعة عند الحد الأدنى للتصنيف الإعصاري، دون أن يهدئ ذلك من المخاوف من الأضرار المحتملة لعاصفة بتلك القوة.

وضرب الإعصار اليابسة ثانية عند مدينة أتلانتيك سيتي بنيوجيرسي قبيل فجر أمس، حسب وكالة الصحافة الفرنسية. وفي تلك الأثناء غدت مدينة نيويورك أشبه بمدينة أشباح، حيث صدرت أوامر لنحو 370 ألف شخص بإخلاء أماكن وجودهم في مناطق منخفضة معرضة للفيضانات، بما في ذلك قرب بورصة وول ستريت وجزيرة كوني فيما أغلقت شبكة المواصلات العامة. وقد توقفت قطارات الأنفاق، فضلا عن الحافلات وعبارات ستاتين ايلاند الشهيرة السبت، ناهيك عن كافة المطارات القريبة، مما أوقف حركة التنقل بالكامل في المدينة الضخمة. وقال عمدة نيويورك، مايكل بلومبرغ، لمؤتمر صحافي، إن التعليمات المتصلة بالإخلاء انتهت.

وقال: «الآن لو كنتم لم تتركوا أماكن وجودكم بعد فعليكم البقاء حيث أنتم؛ إذ لا جدوى من مقاومة الطبيعة» بالخروج وسط الإعصار.

وكان إعصار آيرين قد بلغ اليابسة أول مرة في الثامنة صباحا (12:00 غرينتش) عند كيب لوكاوت بولاية كارولاينا الشمالية قرب سلسلة جزر تطوق ساحل الولاية، حيث سرعان ما أثبت صحة التحذيرات بخطورته.

فقد قتل 9 أشخاص على الأقل في حوادث سيارات، وجراء السكتة القلبية وسقوط الأشجار في ولايات كارولاينا الشمالية وفيرجينيا وفلوريدا. وكان أصغر الضحايا طفل في الحادية عشرة من عمره، قتل بعد ارتطام شجرة أطاح بها الإعصار إلى بنايته السكنية في نيوبورت نيوز بولاية فيرجينيا. ثم انسحب الإعصار باتجاه المحيط قبالة فيرجينيا وميريلاند. ومع مرور الإعصار بمحاذاة الساحل شمالا، أدت الرياح لقطع خطوط الكهرباء عن أكثر من مليون نسمة، ما أدى لإلغاء أكثر من ثمانية آلاف رحلة جوية، وإجبار نحو مليوني شخص على إخلاء منازلهم؛ نصفهم في نيوجيرسي.

وحذر المسؤولون في نيويورك من أن الفيضانات الناجمة عن الإعصار ستشكل الخطر الأكبر، حيث ترتفع مناسيب المياه مع هطول الأمطار المصاحبة للإعصار من ناحية، وانسحاب مياه البحر على اليابسة بفعل الرياح المقبلة من المحيط الأطلسي، خاصة مع المد العالي، أمس.

ومن المناطق المهددة بالغرق الحي المالي في مانهاتن وشواطئ بروكلين وكوينز فضلا عن جزيرة لونغ آيلاند القريبة. وسارع أصحاب الزوارق والسفن لنقل قواربهم بعيدا عن الشاطئ، في حين حذر المسؤولون في ولايتي نيوجيرسي ونيويورك السكان بالابتعاد عن الشواطئ.

ويقول المسؤولون إن ناطحات سحاب مانهاتن غير مهددة بأضرار كبيرة، ولكنهم يحذرون من انقطاع المياه والنور، وتوقف المصاعد نتيجة انقطاع التيار الكهربي.

وفي نيويورك وحدها أفاق أكثر من 50 ألف شخص على انقطاع التيار الكهربي. وأدى الإعصار لتوقف الحركة الجوية بالكامل في ثلاثة مطارات كبرى هي مطار جون إف كيندي الدولي ومطارا لاغارديا ونيوآرك، بدءا من العاشرة مساء بالتوقيت المحلي.

وقدر موقع «فلايت أوير» المتابع لحركة الرحلات الجوية أن 8337 رحلة جوية ستلغى خلال عطلة الأسبوع، معظمها من الرحلات الداخلية، محذرا من احتمال زيادة الرحلات الجوية الملغاة. وتفقد الرئيس الأميركي، باراك أوباما، الذي اختصر إجازته، مركز العمليات للوكالة الفيدرالية للتعامل مع الكوارث قرب واشنطن، حيث قال إن الساحل الشرقي سيشهد (72 ساعة عصيبة). ورأس أوباما اجتماعا في المركز الوطني للتعامل مع الأزمة الذي أنشئ لتنسيق الجهود على الصعيدين الفيدرالي والمحلي، لمساعدة المناطق المتضررة من الأعاصير.

وقال أوباما خلال اجتماع عبر كاميرات الفيديو ضم مسؤولين فيدراليين كبارا ووكالات محلية: «سيتطلب تجاوز الأمر الكثير من الجهد».

ويذكر أن 65 مليون شخصا يعيشون بمحاذاة الشريط الساحلي من واشنطن شمالا إلى بوسطن، وقدر خبراء الخسائر التي قد يحدثها الإعصار بـ12 مليار دولار.

وقال عمدة نيويورك بلومبرغ: «ستكون عاصفة خطيرة جدا أيا كان مسارها ومهما ضعفت شدتها. إنها عاصفة تهدد حياة البشر هنا».

وقد أثار اعصار آيرين ذكريات مؤلمة لإعصار كاترينا الذي ضرب منطقة خليج المكسيك عام 2005، مما أدى لتقطع السبل بالآلاف في نيو أورلينز، بينما لم تكن السلطات مستعدة للتعامل معه سواء على الصعيد المحلي أو الفيدرالي.

وقال روبرت هدسون، وهو عسكري متقاعد، عمره 64 عاما، لـ«رويترز»: «يمكن تعويض أي شيء إلا الأرواح»، ولجأ إلى مركز للإيواء في مدرسة بولاية ديلاوير. وتكالب المتسوقون على الأسواق والمتاجر لشراء الطعام والماء والمصابيح والبطاريات والمولدات.

ويندر تعرض المناطق الشمالية الشرقية من الولايات المتحدة للأعاصير، إذ كان آخر إعصار كبير يضرب نيويورك هو إعصار غلوريا عام 1985، غير أن السلطات تقول هذه المرة إنها على أهبة الاستعداد. وقال الجيش الأميركي أن لديه 101 ألف جندي من الحرس الوطني مستعدين للانتشار إذا اقتضى الأمر.