على غرار الثوار الليبيين.. ناشطون سوريون يطالبون بحمل السلاح وفرض حماية الناتو

خلصوا إلى أن المظاهرات السلمية لم تعد كافية لمواجهة الأسد.. وبعضهم بدأ التدرب على الأسلحة

TT

عزز نجاح الثورة الليبية في إسقاط الديكتاتور الليبي الهارب معمر القذافي، من الدعوات داخل صفوف المعارضة السورية بتسليح الثورة وتدخل الناتو بعد ما يقرب من ستة أشهر من المظاهرات السلمية الحاشدة التي فشلت في إسقاط الرئيس بشار الأسد.

ورفض ناشطو الإنترنت الشباب، الذي أسهموا في توجيه الانتفاضة وكذلك المعارضون القدامى الذين طالما حلموا بالثورة السلمية التي هبت الآن ضد نظام أثبت وحشية ضد شعبه كتلك التي مارسها معمر القذافي في ليبيا، هذا التحول الاستراتيجي.

لكن بعض الناشطين خلصوا إلى أن المظاهرات السلمية بمفردها لن تكون كافية للإطاحة بحكومة تستخدم الدبابات والذخيرة والمدفعية لسحق معارضيها، وقتلت أكثر من 2,000 شخص واعتقلت عشرات الآلاف.

وكان المتظاهرون قد حملوا خلال الأيام الأخيرة الماضية لافتات تطالب بتطبيق منطقة حظر جوي على سوريا كتلك التي قامت بتيسير الثورة الليبية، وقالت إحدى اللافتات التي رفعها أحد المتظاهرين في مدينة حماه المحاصرة: «نحن نرغب في تدخل يوقف عمليات القتل سواء عربيا أم أجنبيا».

وأشار الناشطون الذين زاروا حمص مؤخرا إلى أن المتظاهرين بدأوا هناك أيضا في حمل بنادق الكلاشينكوف الهجومية للدفاع عن أنفسهم ضد الهجمات الحكومية، وقد عرضت أشرطة فيديو على صفحات «فيس بوك» تدرب الناشطين على صنع قنابل المولوتوف.

لكن رغم مناشدة الرئيس أوباما لنظيره بشار الأسد بالتنحي هذا الشهر، فإن القوى العالمية ومن بينها الولايات المتحدة لا تبدي رغبة كبيرة في الدخول في أي مواجهة مع سوريا.

وعلى عكس الثوار الليبيين، الذين استطاعوا السيطرة على المنطقة الشرقية من ليبيا بمساعدة السلاح، وكافأهم الناتو بفرض منطقة حظر الطيران، لا يسيطر السوريون على أي منطقة يمكن لقوات أجنبية أن تقوم بحمايتها. كما لا توجد مجموعة بارزة يمكنها الزعم بأنها ممثل لهذه المعارضة المنقسمة وغير المنظمة والتي لا يوجد لها قيادة.

إن أي تمرد مسلح في سوريا، التي تقع في أكثر خطوط الصدع العرقي اضطرابا في المنطقة، سيكون لها تأثيرات أكثر عمقا من ليبيا. وإن حربا أهلية في سوريا يمكن أن تمتد إلى لبنان والعراق وربما تشمل إسرائيل وتثير الاضطرابات في دول الخليج.

لكن البعض يرون أن التوجه إلى العنف أمر حتمي، فيقول مهندس مقيم في دمشق والذي توقف عن المشاركة في المظاهرات بسبب تصاعد وحشية قوات الأمن، لكنه أبدى رغبة في المشاركة في ثورة مسلحة: «إذا استمر الحال على ما هو عليه لشهر آخر أو شهرين فسوف يحدث ذلك سواء أرغبنا في ذلك أم لم نرغب. هناك الكثير من الأفراد الذين يهددون بالقيام بذلك وحتى في دمشق يتحدث الأفراد عن الحصول على الأسلحة».

وحتى الآن لا تزال المعارضة المسلحة نادرة على الرغم من محاولات حكومة الأسد تصوير المتظاهرين على أنهم متطرفون مسلحون.

ويرى الناشطون أن المتظاهرين سيمكنون بشار الأسد عند تسليح أنفسهم من انتهاز الفرصة لتبرير حتى أسوأ الوسائل ضد المعارضة السورية.

ويقول عامر الصادق، مؤسس وحدة منسقي الثورة السورية والمتحدث باسمها، وهي أحد التنظيمات الرائدة التي تنظم وتصدر التقارير عن المظاهرات: «أنا أعلم أنه إذا كانت الثورة مسلحة ستكون الخسائر البشرية خمسة إلى عشرة أضعاف الرقم الحالي. لقد أظهر السوريون شجاعة كبيرة في التصدي للبنادق والتعذيب والاعتقال بصدور عارية، لكن لا يمكنك الاعتماد على هذا الموقف الرائع من الشعب السوري أن يستمر إلى الأبد».

على صفحة الثورة السورية على «فيس بوك» التي تشكل منتدى أساسيا احتدم النقاش الأسبوع الماضي مع تقدم الثوار الليبيين نحو طرابلس. فقال مسؤول المنتدى: «لماذا نطلب السلاح؟ إن ثورتنا ماضية على الطريق الصحيح لإسقاط الأسد وعائلته. لا تتعجلوا النصر، إنهم ضعفاء ونحن أقوياء، معنا ربنا لكنهم لا أحد معهم».

ورد أحد المشاركين في الحوار الذي لقب بنفسه: «علاء سين» متسائلا «إلى متى سيظل الشعب السوري يذبح، يجب أن نحصل على السلاح. العالم صامت وبشار يقتلنا ولا شيء يتغير في سوريا».

وقد تزامن انتصار الثوار في ليبيا بتعمق اليأس في نفوس المتظاهرين السوريين. فكانت الآمال في أن يشكل شهر رمضان نقطة تحول قد انهارت تحت وطأة الاعتداءات الحكومية ضد مواطني حماه ودير الزور حيث اجتذبت المظاهرات مئات الآلاف من الأشخاص قبل دخول الجيش وسحق المظاهرات.

وكانت الدعوات للقيام بمسيرات جماعية في وسط دمشق نهاية الأسبوع قد تعثرت نتيجة الوجود الأمني الكثيف وقتل ما لا يقل عن خمسة أشخاص عندما فتحت قوات الأمن النار على أفراد كانوا يحاولون تنظيم مظاهرة.

لم تكن اعتداءات الدبابات والقصف هو ما سحق روح المعارضة فبعيدا عن دائرة الضوء، ألقت حملات الاعتقالات بالآلاف إلى السجون المعروفة باستخدامها التعذيب. كما أصبحت قوات الأمن أكثر قدرة على منع اندلاع المظاهرات قبيل اندلاعها وإحاطة المساجد في أعقاب الصلوات لمنع المتظاهرين من التجمع. ويقوم المتظاهرون باستخدام الشوارع الجانبية والحارات لمراوغة رجال الأمن، ويقول المهندس: «ربما نتظاهر في بيوتنا أيضا، فالسير جيئة وذهابا والصراخ لن يغير من الأمر شيئا».

بيد أن هناك اعترافا واسع النطاق بأن محاولات مواجهة واحدة من أعتى آلات الحرب العسكرية في المنطقة بالقوة غير مجدية. تتوافر بنادق الكلاشينكوف في السوق السوداء في منطقة تعج بالأسلحة، والكثير من السوريين يحتفظون ببنادق في منازلهم. لكن امتلاك هذا النوع من الأسلحة الثقيلة المطلوبة لقتال جيش سيتطلب وقتا، حتى إن تمكن المتظاهرون من العثور على دولة تتوافر لديها الرغبة في دعمهم بهذا النوع من المعدات.

وأشار أبو صالح الناشط في مدينة دير الزور الواقعة شرق دمشق إلى أن المقاومة المسلحة فقد فشلت فشلا ذريعا. ووصف كيف انشق 60 سوريا بأسلحتهم وأربع دبابات وقامت الدبابات الأربع بالقتال لمدة 60 يوما قبل يقتلوا ويأسر من بقي منهم حيا هذا الشهر.

وقال متحدثا عبر «سكايب»: «بعض الأفراد لديهم بنادق لكننا لا نملك أسلحة ولا يمكننا مواجهة الجيش. نحن بحاجة إلى تدخل دولي لحمايتنا وعندها سنقاتل».

ويقول رامي نخلة، مؤسس لجان التنسيق المحلية، المجموعة التي تراقب وتدعم المظاهرات، إن دعوة أوباما للأسد وعقوبات الاتحاد الأوروبي، سوف تظهر تأثيراتها قريبا على الحكومة.

في بداية يوم الأحد الماضي، أصدرت جامعة الدول العربية أول إدانة للعنف على الرغم من تعبير بيانها عن «القلق والخوف»، وهو ما لم يرض الكثير من السوريين الذين اعتبروه ضعيفا. وقال الرئيس التركي عبد الله غل إنه «فقد الثقة في الأسد وحتى في إيران، الحليف الأكثر صلة بسوريا»، وكان غل قد طلب السبت الماضي من دمشق احترام المطالب المشروعة للشعب السوري.

وقال نخلة: «الضغط الدولي يتزايد والعزلة تكبر ولا يمكن للنظام أن يستمر على هذا المنوال طويلا، فقد بدأ في التصدع، يجب أن نحافظ على سلمية الثورة، فهذه هي فرصتنا الوحيدة».

وأشار صادق، المتحدث باسم اتحاد منسقي الثورة السورية إلى أنه رغم تضاؤل حجم المظاهرات، فإنها لا تزال تخرج بصورة يومية وأنه لا يستبعد قيام تمرد مسلح، لكنه طالب بمزيد من الصبر.

وقال: «يمكن للثورات أن تستمر أعواما، وإذا ما تراجعنا الآن فإن ما دفعناه سيكون قد ضاع هباء وسيكون الدم الذي أريق بلا جدوى، وسنقمع بالهراوات الحديدية التي ستستهدفنا جميعا. لا خيار أمامنا، ينبغي أن نواصل حتى النهاية».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»