وزير الخارجية اللبناني يتحفظ على مضمون بيان الجامعة العربية

نائب من «المستقبل» لـ «الشرق الأوسط»: الحكومة أصيبت بعدوى الالتباس من رئيسها

TT

أثار تحفظ وزارة الخارجية والمغتربين اللبنانية على مضمون بيان جامعة الدول العربية الداعي، إثر اجتماعها الطارئ، إلى «وقف إراقة الدماء وتحكيم العقل» في سوريا، امتعاضا لدى قوى 14 آذار، خصوصا أن موقف الخارجية اللبنانية يأتي بعد موقف مماثل اتخذته بداية الشهر الحالي مع «نأي» لبنان بنفسه عن البيان الصادر عن مجلس الأمن الدولي والذي يدين الانتهاكات الإنسانية في سوريا.

وجاء الموقف اللبناني بعد اعتراض سوري على مضمون البيان، وإعلان مندوبة سوريا لدى الجامعة العربية أن بلادها تتعامل مع البيان «وكأنه لم يصدر»، منتقدة تضمنه «في فقراته التمهيدية لغة غير مقبولة وتتعارض مع التوجه العام الذي ساد الاجتماع».

وكان وزراء الخارجية العرب أكدوا، في بيان صدر عن الأمانة العامة للجامعة العربية، طلبهم من الأمين العام القيام بمهمة عاجلة إلى دمشق ونقل المبادرة العربية لحل الأزمة إلى القيادة السورية، داعين إلى «وضع حد لإراقة الدماء وتحكيم العقل قبل فوات الأوان». كما أعربوا عن «قلقهم وانزعاجهم إزاء ما تشهده الساحة السورية من تطورات خطيرة أدت إلى سقوط آلاف الضحايا بين قتيل وجريح من أبناء الشعب السوري الشقيق»، مشددين على وجوب «احترام حق الشعب السوري في الحياة الكريمة الآمنة وتطلعاته المشروعة نحو الإصلاحات السياسية والاجتماعية».

وتعليقا على اعتبار وزارة الخارجية والمغتربين اللبنانية دون سواها من الوزارات المشاركة في الاجتماع أن البيان الصادر عن جامعة الدول العربية حول سوريا «لم تتم مناقشته» خلال الاجتماع الوزاري، وهو «خالف» ما تم الاتفاق عليه في الاجتماع لناحية «عدم صدور بيان أو الإدلاء بأي تصريحات إعلامية عن الرئاسة الحالية للمجلس أو عن الأمين العام للجامعة»، انتقد النائب اللبناني عن تيار المستقبل نهاد المشنوق مضمون الموقف اللبناني. واعتبر، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أنه «مرة جديدة تنأى الحكومة اللبنانية، ممثلة بوزير الخارجية والمغتربين عدنان منصور، بنفسها عن حق الشعوب العربية بالحرية والعدالة والكرامة، وليس آخرها الشعب السوري البطل الذي يستكمل كل يوم معركته من أجل حقه في تقرير مصيره، بدلا من حزب لم يقدم إلا الظلم للشعب السوري».

وأكد المشنوق أن «التاريخ سيسجل أن هذه الحكومة بوزرائها، حكومة المتهمين، تريد أن تكون شريكة في سفك دماء الشعب السوري، كما هي مساهمة وشريكة في الاغتيالات السياسية اللبنانية، طالما أن أفرادا متهمين بقرار اتهامي ينتسبون إلى حزب يشارك في الحكومة».

ورأى أن «هذه الحكومة قد أصيبت بعدوى الالتباس من رئيسها (نجيب ميقاتي)، ويبدو أنه قد حان الآن دور وزير الخارجية الذي بالتأكيد لا يمثل قيم اللبنانيين جميعا، والعناوين التي عاش عليها لبنان منذ استقلاله»، معتبرا أنه «بهذا الموقف يعبر عن فريق من اللبنانيين يرى في الاغتيال وسفك دماء الأنظمة للشعوب عملا وطنيا بامتياز». وشدد على أن «التاريخ القريب وليس البعيد سيحاسب هذه الحكومة على ما فعلته وستفعله بغير إرادة اللبنانيين».

وفي سياق متصل، استغرب النائب مروان حمادة «صدور البيان الاستلحاقي للخارجية اللبنانية التي انفردت في العالم العربي في محاولتها فك عزلة النظام السوري، تلك العزلة التي تجلت أمام مجلس جامعة الدول العربية، والتي أكدت أن المجموعة العربية قبل الأسرة الدولية متضامنة مع الشعب السوري في نضاله من أجل الحرية والديمقراطية». ورأى أن «المريب في هذه الخطوة التي تسأل عنها الحكومة برمتها، وخصوصا رئيسها، هي أنها تشبه ما كان يرتكبه النظام السوري في حق اللجان العربية المتتابعة التي كلفتها القمم العربية والجامعة بمحاولات إعادة السلم إلى لبنان، والتي كانت تصطدم دائما بسلبية حكام دمشق آنذاك». وقال: «طبعا لا نستغرب في ظل هذه الحكومة أن يكون السيد (وزير الخارجية السوري) وليد المعلم هو الوزير الأصيل للخارجية اللبنانية».

وكان الوزير منصور نفى أمس أن يكون لبنان قد تنصل من بيان الجامعة العربية نتيجة الموقف السوري في الجامعة العربية، موضحا أن الهدف منه التوضيح بأن «الاجتماع العربي لم يناقش الوضع السوري، وكان هدفه مساعدة سوريا للخروج من أزمتها، من دون أن نتدخل في الشأن السوري».

واعتبر نائب حزب الله علي عمار، الذي اطلع أمس من وزير الخارجية «على بعض ما جرى في اجتماع الجامعة العربية»، أن البيان الصادر عن وزارة الخارجية اللبنانية «يعبر خير تعبير عن حقيقة ما جرى في اجتماع وزراء الخارجية العرب». وقال: «بحسب قراءتي الشخصية، أرى، للأسف الشديد، أن هناك بعض العرب أصبحوا خارج السياق العربي وخارج الهوية العربية تماما شكلا ومضمونا، ويتصرفون بهوية أخرى ولغة أخرى حيال أشقائهم العرب، من دون أن يعلموا خطورة المشروع الأميركي - الصهيوني العامل منذ أعوام على تفريغ المنطقة من هويتها الثقافية العربية والقومية، وبالتالي تجزئة المنطقة على حساب استقرار الكيان الصهيوني والعدو الإسرائيلي».