الأسد يشيد بدور موسكو.. ومصدر في الكرملين: دعونا إلى الإصلاحات ووقف العنف

دعوات إلى التظاهر بعد صلاة العيد ومقتل 7 وإصابة واعتقال العشرات > 40 دبابة ومدرعة تطوق بلدة الرستن بعد انشقاق عشرات من الجيش

صورة نشرتها مواقع سورية معارضة أمس لمتظاهرين في حمص
TT

استقبل الرئيس السوري بشار الأسد أمس مبعوثا روسيا سلمه رسالة من نظيره الروسي ديمتري ميدفيديف حول الأوضاع الراهنة في سوريا، وبينما أشاد الرئيس السوري بموقف رويبا «المتوازن» إزاء الأزمة في بلاده، ذكر مصدر في الكرملين أن المبعوث الروسي ركز خلال المباحثات «على ضرورة الوقف الفوري والتام للعنف من قبل أي طرف كان، واتخاذ خطوات ملموسة لتحقيق الإصلاحات». وبينما دعا ناشطون أمس إلى التظاهر بعد صلاة عيد الفطر وإلى متابعة الاعتصامات في كافة المدن السورية حتى إسقاط «السفاح»، استمرت حملات القمع ضد المناهضين لنظام دمشق قتل خلالها 7 أشخاص وجرح عشرات في ريف دمشق وشمال غربي سوريا. كما نشر الجيش 40 دبابة خفيفة وعربة مدرعة على مدخل الطريق الرئيسي لبلدة الرستن، شمال مدينة حمص، بعد انشقاق العشرات من أفراده.

وجاء في بيان نشرته وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أن الأسد تسلم رسالة خطية من نظيره الروسي «تتعلق بالعلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين ورؤية روسيا لتطورات الأوضاع في المنطقة، وخاصة الأحداث التي تشهدها سوريا»، وأضاف أن الرسالة نقلها نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوفن المبعوث الخاص للرئيس الروسي، خلال استقبال الأسد له صباح أمس. وأشار البيان إلى أن الحديث دار خلال اللقاء «حول التطورات في سوريا، حيث أعرب الرئيس الأسد عن تقديره الكبير لموقف روسيا المتوازن إزاء هذه التطورات»، وأضاف «إلا أن كل خطوة قطعتها سوريا في استصدار قوانين تؤسس لمرحلة سياسية جديدة كان يتبعها تصعيد للحملة الإقليمية والدولية على دور سوريا العربي والإقليمي».

ونقلت وكالة الأنباء السورية عن المبعوث الروسي أنه «أعرب عن دعم بلاده لنهج الإصلاحات التي تقوم بها سوريا في المجالين السياسي والاقتصادي، وأملها دوام الأمن والاستقرار وأهمية استمرار التنسيق بين البلدين على المستويات كافة». غير أن الموقع الإلكتروني لقناة «روسيا اليوم» نقل عن مصدر في المكتب الصحافي للكرملين أن المبعوث الروسي إلى دمشق «ركز الاهتمام خلال بحث الوضع في سوريا على ضرورة الوقف الفوري والتام للعنف من قبل أي طرف كان، واتخاذ خطوات ملموسة لتحقيق الإصلاحات التي أعلنت عنها القيادة السورية بشكل عاجل»، وأضاف المصدر أنه «جرى التأكيد أيضا على أن المعارضة يجب ألا تتهرب من المشاركة في الحوار الذي تقترحه السلطات، لأن الحوار هو السبيل الوحيد لاستعادة السلام والوفاق الوطني ومضي سوريا قدما إلى الأمام في طريق التحولات الديمقراطية».

ومن جانبه، أكد مصدر سوري لوكالة الصحافة الفرنسية أن «الرئيس السوري تسلم صباح اليوم (أمس) رسالة من نظيره الروسي ديمتري ميدفيديف نقلها المبعوث نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف».

وأشار المصدر إلى أن الرسالة تتعلق «بالموقف الثابت لروسيا» دون المزيد من التفاصيل.

وخاضت روسيا اختبار قوة مع الغربيين الجمعة في مجلس الأمن الدولي لدى تقديمها مشروع قرار بشأن سوريا يلغي العقوبات التي يفرضها مشروع قرار آخر منافس للأوروبيين.

ولمحت موسكو التي تكتفي بدعوة الأسد إلى تسريع الإصلاحات، إلى أنها قد تستخدم حقها في النقض (الفيتو) على أي قرار بفرض عقوبات يطرح للتصويت.

ويدعو مشروع القرار الأوروبي الذي تقدمت به فرنسا وبريطانيا وألمانيا والبرتغال وتدعمه الولايات المتحدة إلى تجميد أرصدة الرئيس بشار الأسد والمقربين منه وإلى فرض حظر على الأسلحة.

وفي غضون ذلك، دعا ناشطون أمس إلى التظاهر بعد صلاة عيد الفطر وإلى متابعة الاعتصامات في كافة المدن السورية حتى إسقاط الأسد، وقالوا على صفحة «الثورة السورية» على موقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك) إنه «في العيد مظاهرات عارمة بعد صلاة العيد مباشرة (...) واعتصامات في كل المدن حتى إسقاط السفاح».

كما دعت إلى التظاهر مواقع ثانية صديقة للثورة السورية منها «يوم الغضب السوري» التي هنأت الشعب السوري بحلول العيد وقالت «كل عام وأنتم أحرار».

يأتي ذلك بينما قتل سبعة أشخاص بينهم طفل وجرح العشرات خلال عمليات أمنية عندما اقتحمت آليات عسكرية وأمنية الاثنين بلدة في ريف دمشق وأخرى شمال غربي سوريا، حسب ما أكد ناشطون.

وذكر مدير المرصد رامي عبد الرحمن أن «عشرات الآليات العسكرية والأمنية اقتحمت مدينة سرمين في ريف إدلب (شمال غرب) وبدأت حملة مداهمة للمنازل جرى خلالها إطلاق للرصاص».

وأوضح أن ذلك «أسفر عن مقتل خمسة أشخاص بينهم طفل وإصابة ستين شخصا بجروح واعتقال العشرات».

وأشار مدير المرصد إلى أن «القوات تقوم بإطلاق نار كثيف بالرشاشات الثقيلة على المنازل، مما تسبب في هدم جزئي لستة منازل». وتابع أن «بين القتلى شخص قتل عندما تهدم المنزل الذي يقطنه عليه».

كما أضاف المرصد «قتل ناشط (ضابط سابق) وأصيب ناشطان آخران في كمين نصبه لهم رجال الأمن في بلدة كفر نبل (ريف إدلب)» وأفاد اتحاد تنسيقيات الثورة السورية في بيان بأن «شخصا قتل في مدينة قارة (ريف دمشق) أثناء اقتحام منزله».

وأضاف الاتحاد أن «عدة أشخاص آخرين أصيبوا بإطلاق نار من قبل قوات الأمن التي اقتحمت المدينة فجر اليوم من الجهة الجنوبية بنحو عشر حافلات مدعومة بمدرعات الجيش مع إطلاق نار عشوائي».

وتابع الاتحاد في بيانه أن «حظر تجول فرض مع بدء حملة مداهمات وتخريب للممتلكات وبحث عن مطلوبين على قوائم معدة سابقا في الشارع، حيث اعتقل العشرات».

وكان المرصد أشار إلى أن «حملة الاعتقال (في قارة) شملت نحو أربعين شخصا حتى الآن»، لافتا إلى أن القوات الأمنية «نصبت رشاشات على أسطح المباني الحكومية».

وذكر مدير المرصد أن «حملات اعتقال ومداهمات واسعة جرت في قدسيا (ريف دمشق) وداعل (ريف درعا)، حيث اعتقلت الأجهزة الأمنية ستة أشخاص من عائلة واحدة».

وكان ستة أشخاص قد لقوا حتفهم أول من أمس خلال عمليات عسكرية وأمنية في مدن سورية، وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان إن «ثلاثة أشخاص قتلوا مساء الأحد في مدينة البوكمال بالقرب من الحدود مع العراق وقتل شخصان وجرح تسعة آخرون في مدينة خان شيخون (ريف إدلب)، وقتل شخص في بلدة إنخل القريبة من درعا (جنوب)»، مهد الحركة الاحتجاجية منذ منتصف مارس (آذار) الماضي.

وأدى قمع الاحتجاجات غير المسبوقة في سوريا التي اندلعت منتصف مارس إلى مقتل 2200 شخص، بحسب حصيلة للأمم المتحدة.

إلى ذلك، قال سكان ونشطاء إن قوة سورية مدرعة طوقت بلدة الرستن، شمال حمص، بعد انشقاق عشرات من أفراد الجيش في المنطقة.

ومنذ سقوط نظام العقيد معمر القذافي في ليبيا تحدث سكان وناشطون عن تزايد عمليات الانشقاق داخل الجيش السوري وتزايد الاحتجاجات الشعبية في الشوارع ضد الأسد.

وقال اثنان من السكان إن القوات السورية نشرت 40 دبابة خفيفة وعربة مدرعة و20 حافلة مليئة بالجنود والمخابرات العسكرية في الساعة 5.30 صباح أمس على مدخل الطريق الرئيسي للرستن على بعد 20 كيلومترا شمال مدينة حمص وبدأت إطلاق نيران الأسلحة الآلية الثقيلة على البلدة.

وقال أحدهما وعرف نفسه باسم رائد لوكالة «رويترز» في اتصال هاتفي «نشرت الدبابات على جبهتي الطريق السريع الذي ما زال مفتوحا وأطلقت زخات من نيران المدافع الآلية على الرستن».

وذكر أن عمليات الانشقاق بدأت في البلدة حين اقتحمتها الدبابات قبل ثلاثة أشهر لقمع احتجاجات شعبية ضخمة ضد الأسد في هجوم سقط فيه عشرات المدنيين القتلى.

وبلدة الرستن هي عادة مصدر مجندي الجيش تحت قيادة الشقيق الأصغر للرئيس السوري ماهر الأسد.

كما ينتمي مصطفى طلاس الذي شغل منصب وزير الدفاع لثلاثة عقود حتى تقاعد عام 2006 إلى الرستن.