إعلان «مجلس انتقالي» من 94 عضوا في الداخل والخارج يثير انقسامات في المعارضة السورية

معارضون لـ «الشرق الأوسط»: خطوة انفعالية.. وقد تكون لها عواقب على الحراك الداخلي

TT

أقدم معارضون سوريون على خطوة مفاجئة، تمثلت بإعلان تشكيلة «المجلس الانتقالي» المعارض لـ«قيادة الثورة» من جانب واحد تلت ذلك مجموعة من الاعتراضات من قبل معارضين آخرين رأوا في هذه الخطوة «قفزة في الفراغ». وقالت مصادر معارضة بارزة لـ«الشرق الأوسط» إن ما حصل قد تكون له تداعيات سلبية جدا، مشيرة إلى أن «التسابق على إعلان المجلس علامة خطيرة»، وإشارة «خاطئة إلى الداخل السوري والخارج».

وكان اجتماع لمعارضين سوريين قد حصل منتصف الشهر في إسطنبول قد أقر تأسيس «المجلس الوطني»، لكنه لم يشكله بانتظار «المزيد من المشاورات» بعد خلافات أدت إلى إعلان معارضين بارزين، من المشاركين في «مؤتمر أنطاليا» معارضتهم هذه الخطوة «المرتجلة». وأتت خطوة الأمس لتزيد من الانقسام بانضمام معارضين آخرين شاركوا في لقاء إسطنبول معارضتهم لها.

البيان الرسمي للمجلس الذي أعلن عنه في أنقرة باسم شباب الثورة برر الإعلان بأنه أتى «نتيجة تأخّر التمثيل المتوازن للثورة الذي بدأ يضر بها ويؤخر نتائجها ويزيد في فاتورة الدم»، مشيرا إلى أن «شباب الثورة بالداخل (السوري) وبعد المشاورات الدقيقة أن نأخذ زمام المبادرة في اختيار من يمثلنا في قيادة الحراك السلمي».

وأوضح البيان أن اختيار أعضاء المجلس جاء بناء على اعتبارات بينها أن «اختيارنا هو اختيار الشارع للقيادات التي أثبتت أن لها تاريخا يشفع لها في الوطنية ونظافة الكف والمساهمة في الثورة»، و«عدالة التمثيل في العمق الجغرافي والثقافي والسياسي».

ويتشكل المجلس من 94 عضوا، 42 منهم في الداخل والباقي في الخارج، ويرأسه برهان غليون، وله ثلاثة نواب هم فاروق طيفور ووجدي مصطفى ورياض سيف، وذكر البيان أن من يرفض من الأعضاء قبول «المهمة» عليه أن يشرح عبر وسائل الإعلام مبرراته الوطنية.

وغليون أكاديمي سوري معارض مقيم في باريس، وطيفور نائب المراقب العام لـ«إخوان سوريا»، ومصطفى عن المستقلين ومن الطائفة العلوية. وسيف، نائب سابق معارض مقيم في دمشق. وأشار البيان إلى أن لدى الأعضاء الحرية في ضم «الكفاءات الوطنية المهمة لمستقبل الثورة ومن الكفاءات التي تنشق عن النظام والقادرة على المساهمة في بناء الوطن».

ومن المبادئ الأساسية للمجلس الالتزام بهدف إسقاط النظام السوري «من أجل تمكين الشعب من بناء دولته المدنية الديمقراطية، وتحقيق تطلعاته في الحرية والمساواة والكرامة واحترام حقوق الإنسان». وأعلن البيان الالتزام «بمبادئ الثورة الأساسية، وهي: الوحدة الوطنية وسلمية الثورة ولا طائفيتها»، و«بوحدة سوريا أرضا وشعبا». وشدد على شعبية وسلمية الثورة وعدم خضوعها «لأية مظلة دينية أو طائفية أو عرقية إثنية بعينها أو آيديولوجيا سياسية محددة»، والتعددية والمساواة وسيادة القانون والمحاسبة والالتزام بالاتفاقيات الدولية.

من جانبه، نفى مدير المركز السوري للدراسات السياسية والاستراتيجية رضوان زيادة أن يكون قد تم تشكيل مجلس انتقالي سوري، موضحا أنه «تم الإعلان عن مجموعة أسماء لتشكيل المجلس»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «هي مبادرة فردية انفعالية ولكنها تعتبر خطوة مهمة للغاية ندعمها وندعم أي فكرة مماثلة لأننا بتنا بحاجة ماسة لدعم الثورة وتوحيد المعارضة في الداخل والخارج وإنشاء شكل من أشكال البديل عن النظام السوري».

واستغرب زيادة «الطريقة الانفعالية التي خرجت من خلالها المبادرة»، معتبرا أنه «لم تجر دراسة جدية للمشروع». وأضاف: «المطلوب هيئة ذات وظائف محددة وهيكلية إدارية واضحة تكون قادرة على العمل والإنتاج. الأسماء غير مهمة فكل الأشخاص الذين تم طرحهم يحظون بالاحترام وبالتالي لا خلاف عليهم أو على دورهم ولكن المبادرة كان يجب أن تدرس بشكل مفصل لتكون فاعلة وتحقق أهدافها».

وأوضح المعارض السوري ميشيل كيلو لـ«الشرق الأوسط» أن أحدا لم يستشره في إيراد اسمه في هذه التشكيلة، مشيرا إلى أنه سيتخذ موقفه من هذا المجلس بعد دراسة الجدوى منه «لأنه يجب أن لا ننظر إلى الأمر مستقلا عن الواقع الحالي، فالمهم ليس ما هو البديل (للنظام) بل كيف نصل إليه». وقال: «أنا أدرس الخطوة من زاوية خدمتها للحراك في الداخل السوري، وبعدها أتخذ قراري»، محذرا من أن هذه الخطوة إذا كانت ناقصة «قد تكون لها نتائج سلبية جدا على هذا الحراك». وأعلن كيلو أنه شخصيا «لا يبحث عن دور ومنصب، فأنا قد وضعت نفسي في خدمة الناس، وبعد أن ينتهي كل شيء على خير - إن شاء الله - سوف أذهب إلى مكان ما أقضي فيه ما تبقى لي من العمر بعيدا عن لقب وزير أو ما شابه».

وقال الناشط عبيدة نحاس إن البيان الذي أعلن في أنقرة باسم المعارضة السورية إنشاء مجلس وطني انتقالي فاجأ أقطابا كثيرة في المعارضة السورية في الداخل والخارج حيث نشر أسماء أعضاء انضموا للمجلس من دون التشاور معهم. وتوقع النحاس أن يثير هذا البيان أزمة سياسية داخل سوريا وخارجها وقد يعرض شخصيات معارضة داخل سوريا إلى الخطر. وأوضح أن عددا من المعارضين السوريين ما زالوا بصدد التشاور لإعلان أسماء أعضاء المجلس الوطني السوري الذي تم الإعلان عنه الأسبوع الماضي.

في المقابل، أكد الناشط ضياء الدين دغمش من أنقرة أنه «تم اختيار ممثلي المجلس ممن يعبرون عن الشعب السوري ويشعرون بقيمة الدماء التي أهدرت على مدار الـ6 أشهر الماضية». وأشار إلى أن «المجلس هو من سيضع التصورات والأسماء بناء على مبادئ النزاهة»، لافتا إلى أنهم في انتظار أن تخرج هذه الشخصيات ليقولوا كلمتهم لعموم الشعب السوري، ليضعوا لهم خارطة طريق المرحلة القادمة، والذي جاء كخطوة على طريق تحرر الشعب السوري.

ولفت إلى أن الشعب السوري يريد من إدارة المجلس إدارة الأزمة في المرحلة المقبلة بطريقة سليمة وخطوات محددة وأنهم في انتظار من يطرح الطرح السياسي ويضع الأفق المطلوب.