حرب كلامية بين تشيني وباول بسبب مذكرات نائب الرئيس الأميركي السابق

وزير الخارجية السابق يصف هجمات تشيني بـ «الرخيصة» ومحاولة لرفع توزيع الكتاب

علاقة تشيني وباول متوترة منذ حرب الخليج الأولى («نيويورك تايمز»)
TT

اشتعلت حرب كلامية بين نائب الرئيس الأميركي السابق ديك تشيني ووزير الخارجية الأميركي الأسبق كولن باول، على خلفية الكتاب الذي أصدره تشيني هذا الأسبوع بعنوان «في زمني، مذكرات شخصية وسياسية» ويعرض فيه كثيرا من خفايا السياسات الأميركية الداخلية في الفترة التي تولى فيها منصب نائب رئيس الولايات المتحدة، خلال السنوات الثماني من حكم الرئيس السابق جورج بوش من عام 2000 إلى عام 2008، والقضايا التي وجهها في تلك الفترة، مثل أحداث 11 سبتمبر (أيلول) والحرب على العراق وغيرها. ويتعرض تشيني في كتابه بانتقادات لاذعة لكثير من رجال إدارة الرئيس بوش، أبرزهم كولن باول وزير الخارجية وجورج تنيت رئيس المخابرات المركزية وكوندوليزا رايس وزيرة الخارجية.

وقد هاجم وزير الخارجية الأميركي الأسبق كولن باول انتقادات نائب الرئيس السابق ديك تشيني، ووصف باول في مقابلة مع برنامج واجه الأمة على شبكة «سي بي إس» الأميركية يوم الأحد أن تشيني قام بـ«هجمات رخيصة» وقدم شرحا غير دقيق لإدارة الرئيس السابق جورج بوش، وأنه يحاول بذلك رفع مبيعات كتابه.

وكشف باول أنه اختلف مع تشيني في عدد من القضايا أبرزها العراق وقال: «كانت لدينا في فريق الأمن القومي وجهات نظر مختلفة ولم يكن من الممكن التوفيق بين وجهات النظر» ونفى باول ما قاله تشيني حول اضطرار باول لتقديم استقالته تحت ضغط. وقال باول إنها نوع من العناوين التي أتوقع أن تأتي في أعمدة صحف الشائعات، وليس عناوين أتوقع أن تأتي من نائب رئيس الولايات المتحدة السابق».

كان ديك تشيني قد كشف في كتابه عن عدد من الصراعات في الدائرة الداخلية للحكم في البيت الأبيض وشملت تلك الصراعات عددا من الشخصيات البارزة منهم جورج تنيت رئيس وكالة الاستخبارات المركزية في عهد بوش، ووزير الخارجية كولن باول ووزيرة الخارجية كوندوليزا رايس. وتوقع تشيني في مقابلة مع شبكة «إي بي سي» الأسبوع الماضي أن يؤدي كتابه إلى ما سماه «انفجار الرؤوس في جميع أنحاء واشنطن».

وشرح تشيني في كتابه (565 صفحة) خفايا التحضير للحرب على العراق، مشيرا إلى أن الرئيس جورج بوش سأل جورج تنيت رئيس المخابرات المركزية حول مدى قوة الأدلة ضد العراق وامتلاكه لأسلحة دمار شامل، فأجابه أنها مؤكدة. وقال تشيني إن الرئيس بوش طلب من كولن باول أن يتقدم بالقضية إلى الأمم المتحدة. وقدم تشيني لباول ملفا كاملا يحوي تحقيقات سكوتر ليبي رئيس طاقم العاملين بمكتب نائب الرئيس، بالتنسيق مع المخابرات المركزية ومجلس الأمن القومي والتقارير الاستخباراتية، والتي تحوي علاقات صدام حسين بالإرهاب وانتهاكاته لحقوق الإنسان.

وقال تشيني في كتابه إن باول تجاهل هذا الملف وأمضى مع فريقه عدة أيام وليال مع فريق جورج تنيت في وكالة الاستخبارات ثم جلس في مجلس الأمن بالأمم المتحدة مؤكدا أن العراق يملك أسلحة دمار شامل. وأضاف تشيني أنه «عندما اتضح أن كثيرا مما قاله باول عن أسلحة دمار شامل عراقية كان خاطئا، دفعه الإحساس بالإحراج أن يحاول إلقاء اللوم على من حوله خاصة سكوتر ليبي».

ويتهم تشيني باول أنه وقف صامتا هو ونائبه ريتشارد أرميتاج عندما تم تسريب هوية عملية الاستخبارات المركزية فاليري بليم إلى الكاتب الصحافي روبرت نوفاك. وأدى ذلك إلى فضيحة سياسية عندما نشر نوفاك اسمها في عموده الصحافي، وأدى ذلك في النهاية إلى إدانة رئيس طاقم العاملين بمكتب تشيني سكوتر ليبي. وأوضح تشيني أنه حاول إقناع الرئيس بوش بإقالة كولن باول لكن استقالة باول في وقت لاحق كانت لفائدة الجميع.

يذكر أن علاقة تشيني بباول ظلت متوترة على مدى عقود منذ حرب الخليج الأولى عندما كان تشيني يشغل منصب وزير الدفاع ويشغل باول منصب رئيس هيئة الأركان المشتركة واعترض تشيني وقتها على محاولات باول إزاحته عمدا من المؤتمرات الصحافية والأحداث العامة، وتوترت العلاقات أكثر خلال وأثناء الحرب على العراق حيث كان الرجلان على طرفي نقيض من المناقشات.

وقد تعرض تشيني لعدد من الشخصيات في إدارة بوش بكلمات قاسية، فوصف كوندوليزا رايس بأنها بكت وهي تعترف أنها كانت خاطئة عندما حثت الرئيس بوش على الاعتذار للادعاء الخاطئ بأن العراق حاول الحصول على اليورانيوم (القضية التي سميت بالكعكة الصفراء) من النيجر. وقال تشيني إن رايس كانت ساذجة في مفاوضاتها مع كوريا الشمالية حول الأسلحة النووية.

وفي المقابل يروي تشيني عدة مواقف أثنى فيها على باول، منها معارضتهما المشتركة لفكرة رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير لاستصدار قرار آخر من الأمم المتحدة لشن حرب على العراق، خوفا من أن تبدو الولايات المتحدة مترددة في اتخاذ قراراتها.

وأكد تشيني في مذاكراته أنه لم يندم بشأن استخدام أساليب التعذيب لما في ذلك الإيهام بالغرق في استجواب المشتبه فيهم أثناء تحقيقات الأحداث الإرهابية وقال: «أنا أؤيد بشدة استخدام هذه التقنيات مرة أخرى إذا كان لدينا معتقل له قيمة عالية بحيث تكون هذه التقنيات هي السبيل الوحيد لإجباره على الاعتراف».