مجالس الثوار المحلية تتعقب المتواطئين مع نظام القذافي

«جاسوس معمر» قريبهم كان سيئا و«كاذبا مثل القذافي».. ويبحثون عنه لتسليمه

TT

كان رجل ليبي يجلس داخل سيارته عند نقطة تفتيش تابعة للثوار داخل العاصمة الليبية طرابلس نهاية الأسبوع، عندما جاءته قائمة بأسماء أكثر من عشرة أشخاص مطلوبين من الموالين للقذافي بمدينة مصراتة. وكتب على الورقة التي أعدها الثوار «أسماء المتواطئين في المدينة». وكان اسم زوج أخته أحمد الطرهوني (33 عاما) على رأس القائمة.

بعد دقائق قليلة، علا رنين هاتف جوال «أحتاج إلى مساعدتك. أخرجني من هنا». بهذه الكلمات توسل الطرهوني للرجل، الذي تحدث شريطة عدم ذكر اسمه كي لا يربط اسمه باسم قريبه الملوث حاليا. رد الرجل على الطرهوني بالرفض. وقال القريب: «لقد قتل أشخاصا وسرق أموالا وترك إخوته الجناة خارج السجن. إنه ليس طيبا».

على مدى عقود، استمتع أنصار الزعيم الليبي معمر القذافي برواتب أفضل وميزات أخرى. والآن بعد سقوط نظام القذافي، يعيش الموالون له مطاردين، ويتساءل الأقل ولاء عما كانوا يقاتلون من أجله. وعلى الرغم من أن قيادات الثوار تركز جهودها على أسر القذافي وشخصيات بارزة في نظامه، هرب مسؤولون يرأسون مستشفيات ومعامل تكرير ومؤسسات حكومية، أو ألقت القبض عليهم مجالس ثورية محلية لعلاقتهم القريبة من النظام الحاكم. ويقال إن الطرهوني، الذي كان في صعود مستمر إبان حكم القذافي، يتنقل من منزل لآخر في محاولة لتجنب إلقاء القبض عليه من جانب قوات الثوار. ويقول القريب: «كنا نخشاه، فقد كان مع القذافي دائما».

أحضر الطرهوني، وهو نقيب في حرس القذافي الثوري داخل مصراتة، زوجته وطفليه إلى طرابلس عندما اندلع قتال عنيف في المدينة الساحلية في 17 فبراير (شباط). وقال القريب: «بعد ذلك تحول إلى القتال».

وعلى مدار أشهر، ظل الطرهوني يهاجم الثوار في مصراتة، ولكن تمكن الثوار من السيطرة على المدينة بعد أشهر من القتال. والآن دخل الثوار طرابلس، وبعد تطهير آخر جيوب للمقاومة، بدأوا يبحثون عن الطرهوني. ويقول القريب: «أقارب زوجته كانوا من الثوار. ويقولون إنهم مستعدون لقتله».

ويوم السبت اتصل الطرهوني مرة أخرى. واتجه إلى مدينة تقع على بعد 100 ميل جنوب العاصمة. وقال للقريب: «سأختبئ هنا حاليا».

وفي الزاوية، قال الثوار إنهم اقتحموا دار الضيافة الخاصة بمدير معمل التكرير في المدينة الأسبوع الماضي، بحثا عن «جاسوس» القذافي. ولكنه كان قد هرب. وفي المركز الطبي بطرابلس، وهو أحد أكبر المستشفيات في العاصمة، أورد عاملون أن رئيسهم اختفى. وقالت ممرضة: «كان كذابا مثل القذافي».

وقال بعض من انضموا إلى الجهود الموالية للقذافي مؤخرا، إنه تم إغراؤهم بالقتال بوعد بالحصول على أموال، وقال آخرون إنهم صدقوا التقارير الإيجابية التي يبثها التلفزيون الحكومي، التي قالت إن القوات الجوية الليبية هزمت الناتو.

وفي مستشفى معيتيقة داخل طرابلس، كان نحو 24 مقاتلا مواليا للقذافي يرقدون أول من أمس، منهكين في جناح مكيف للعلاج بسبب جراح أصيبوا بها، معظمها بأعيرة نارية. وقال فرج محمد، أحد المقاتلين الجرحى: «قال التلفزيون إن الثوار كانوا أجانب ورجالا إسلاميين ملتحين. وعندما بدأوا انتفاضتهم، تقدمت لقتالهم». وأضاف محمد أنه قاتل الثوار حتى أصيب بطلق ناري في كاحله، قائلا «الكثير من المواطنين يحبون القذافي ومستعدون للقتال من أجله». وقال مقاتل آخر يدعى إبراهيم فتحي إنه كان مهتما بالمال الذي وعد بالحصول عليه، والذي يبلغ 150 دولارا في الشهر. وبعد أن استسلم بالقرب من المطار الدولي يوم الجمعة، أطلق الثوار النار عليه ضمن مقاتلين آخرين تابعين للقذافي في أقدامهم. وقال عن جرحه: «لا يهمني ذلك. هذا أفضل من القتل».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»